ترامب يزيد من رهانه مع إيران في الخليج العربي

الأربعاء 29 أبريل 2020 12:25 م

قد تتجه إيران والولايات المتحدة نحو جولة أخرى من المواجهة، حتى في الوقت الذي تتعامل فيه الدولتان مع تفشي فيروس "كوفيد-19" في الداخل.

وبعد حادثة وقعت مؤخرا، حيث قامت 11 سفينة إيرانية بمضايقة السفن الأمريكية العابرة للخليج العربي، غرد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، في 22 أبريل/نيسان، بأنه "أمر" البحرية الأمريكية بتدمير أي سفن إيرانية تضايق السفن الأمريكية.

ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى ستقوم الولايات المتحدة بتعديل قواعد الاشتباك الخاصة بها ردا على أحدث استفزازات إيران البحرية.

لكن تبادل الاستفزازات والتهديدات يسلط الضوء على الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها خط الصقور الحالي في واشنطن وطهران، وميل كل منهما نحو التهديدات العامة، إلى جولة أخرى من سوء التقدير أو التصعيد بين الخصمين.

إيران لن تتراجع

ومن غير المحتمل أن تتراجع إيران عن استراتيجيتها العدوانية في الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان.

وبالنسبة لإيران، لا غنى عن هذا النهج الفعال في الوقت الحالي، سواء لأغراض استراتيجية أو دفاعية، وتحت وطأة العقوبات الأمريكية، سعت طهران إلى تذكير الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين بالتكاليف الاقتصادية والأمنية لحملة "أقصى ضغط" الأمريكية.

وتساعد الأحداث في الخليج العربي على خدمة هذا الهدف من خلال توضيح خطر استمرار الولايات المتحدة في الوجود المادي في المنطقة.

كما تساعد مهاجمة حركة المرور التجارية في الخليج العربي في تسليط الضوء على تكلفة استراتيجية البيت الأبيض المناهضة لإيران بالنسبة للاقتصاد العالمي والشركاء الإقليميين للولايات المتحدة.

وفي الواقع، تظهر إجراءات إيران على مدار الشهر الماضي أن إيران ربما تقيّم حاجتها لاستخدام هذه الاستراتيجية بشكل أكبر، وساهم "كوفيد-19" في تفاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية، وتحاول الولايات المتحدة الآن منع طلب إيران من صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات لمواجهة الوباء.

وبينما أكدت واشنطن أن عقوباتها لا تستهدف التجارة ذات الصلة بالمساعدات الإنسانية، مثل الإمدادات الطبية والمستحضرات الصيدلانية، فقد أشارت إيران إلى أن العقوبات تعطل هذه التدفقات بسبب عدم رغبة البنوك والموردين في التعامل مع إيران بأي شكل؛ خوفا من تأجيج غضب البيت الأبيض.

وقبل أحدث مضايقة للسفن الأمريكية، كانت هناك العديد من الحوادث في الخليج العربي وخليج عمان في الأسابيع الأخيرة، تعود في الغالب إلى إيران.

وفي 27 مارس/آذار، أبلغت عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة عن مسار مريب لإحدى سفنها في الخليج العربي.

وفي 14 أبريل/نيسان، قبل يوم من إعلان "البنتاجون" عن تعرض السفن الأمريكية للمضايقة، غيرت ناقلة في خليج عمان مسارها نحو إيران قبل إطلاق سراحها.

وتذكرنا أحدث موجة من الحوادث في الخليج العربي بأنشطة إيران في صيف 2019، التي بلغت ذروتها في نهاية المطاف بالهجوم على منشآت معالجة النفط في "بقيق" و"خريص" في المملكة العربية السعودية.

وتشير إجراءات العام الماضي إلى أن تحمل إيران للخطر الذي تتكبده من مواصلة أنشطتها مرتفع، ومع ذلك، في ضوء التداعيات الاقتصادية لـ"كوفيد-19"، فبدلا من الرد في البداية من خلال الاستمرار في مضايقة سفن القوات الأمريكية، قد تركز العمليات البحرية الإيرانية أكثر على مهاجمة الأنشطة التجارية، خاصة إذا كانت إيران تقدر أن توجيهات "ترامب" على "تويتر" رسمية.

بالإضافة إلى ذلك، ستفكر إيران في توسيع تكتيكاتها ضد المصالح التجارية ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة إلى ما هو أبعد من المضايقة البحرية، تماما كما فعلت الصيف الماضي عندما ضربت السعودية وأمرت شبكتها القوية من الميليشيات العراقية بمهاجمة القوات الأمريكية في البلاد.

استراتيجية بحرية بمعايرة جديدة

ولكن في مرحلة ما في المستقبل، من المحتمل أن تتحدى قوات الحرس الثوري الإسلامي الإيراني تهديد "ترامب" من أجل تقييم مدى تغيير الولايات المتحدة لقواعد الاشتباك، خاصة إذا تمت إعادة انتخاب "ترامب" في نوفمبر/تشرين الثاني.

ومن الناحية العملية، يمتلك الحرس الثوري الإيراني تدرجا كبيرا في الأنشطة التي يمكن تعريفها على أنها مضايقة للسفن الأمريكية، ومن المرجح أن يزيد من عملياته ذات المستوى المنخفض.

ومع ذلك، حتى لو لم ترغب إيران في إثارة رد فعل كبير، فإن الاستراتيجية مليئة بخطر الوقوع في حسابات خاطئة.

ومع تحرك سعر خام برنت حول 20 دولارا للبرميل، ووجود فائض عرض في سوق النفط العالمي بكميات كبيرة تصل إلى 20 إلى 30 مليون برميل يوميا، فإن خطوة إيرانية تحاول فيها إغلاق مضيق هرمز أو ضرب مرافق النفط السعودية أو الإماراتية بشكل يعطل كمية كبيرة من إنتاج النفط لعدة أشهر لن يكون له ببساطة نفس العواقب الاقتصادية العالمية التي كانت لتحدث خلال الظروف الاقتصادية العالمية العادية، وهو ما قد يدفع الولايات المتحدة لأن تكون أكثر عدوانية.

علاوة على أزمة "كوفيد-19"، سوف تسبب الحملة العدوانية التي تشنها إيران ضد المصالح التجارية في المنطقة ألما اقتصاديا كبيرا لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل البحرين والسعودية والإمارات.

وأظهرت إيران أنها على استعداد لمهاجمة أهداف اقتصادية في هذه البلدان المجاورة، وكذلك السفن التي تشحن منتجات الطاقة الخاصة بها.

وحتى إذا لم تشن إيران هجوما، فإن استراتيجية أمريكية أكثر عدوانية ضد إيران في تلك البيئة الاقتصادية العالمية الحالية والوضع الهش في الشرق الأوسط يمكن أن تؤدي إلى إسفين آخر بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين.

وفي الواقع، أدت هجمات إيران في العام الماضي في نهاية المطاف، على الأقل لفترة زمنية قصيرة، إلى محاولة أعضاء مجلس التعاون الخليجي أنفسهم نزع فتيل التوترات مع إيران، وقد يؤدي المزيد من العدوان الإيراني إلى فترة أخرى من التقارب المحتمل.

بصيص ضوء

ومع ذلك، بالرغم من أن تغريدة "ترامب"، والأنشطة البحرية الأخيرة لإيران، تمثل نقطة اشتعال أخرى، لكن برنامج إيران النووي، وأعمال الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، ربما لا يزالان أكبر محفزات الجولة التالية من التصعيد بين واشنطن وطهران.

ويواصل برنامج إيران النووي تخزين المزيد من اليورانيوم منخفض التخصيب، ومن المتوقع أن يظهر التقرير القادم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في يونيو/حزيران زيادة كبيرة في تلك المخزونات.

ولدى الولايات المتحدة قرار حاسم في نهاية الشهر بشأن ما إذا كانت ستمدد الإعفاءات من العقوبات للعراق لمواصلة استيراد الغاز الطبيعي الإيراني لاحتياجاته من الطاقة والكهرباء أم لا.

وإذا لم يتم تمديد الإعفاءات الحالية، فقد يواجه العراق نقصا حادا في الطاقة مع ارتفاع درجة حرارة الصيف، ما يوفر المزيد من الأسباب للميليشيات المدعومة من إيران لاستهداف القوات الأمريكية وإثارة صراع أوسع بالوكالة في البلاد.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج العربي أمن الخليج العربي البحرية الأمريكية مضايقات الحرس الثوري الإيراني

ترامب: أمرت البحرية الأمريكية بتدمير أي زوارق إيرانية تتحرش بسفننا

كيف يؤثر كورونا على علاقة السعودية والإمارات مع أمريكا؟

بومبيو: لن نسمح لإيران بشراء أسلحة بعد رفع حظر الأمم المتحدة

ماذا يجري بين الولايات المتحدة وإيران؟