هدر الطعام.. ظاهرة تهدد الأمن الغذائي في الخليج

الأربعاء 29 أبريل 2020 06:29 م

تسلط أزمة تفشي فيروس "كورونا" المستجد، الضوء على المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي في دول الخليج، لا سيما مع استمرار ظاهرة هدر الغذاء.

وتسجل دول الخليج مستويات إهدار عالية للأطعمة؛ بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية التي تتحكم في أنماط الاستهلاك، مدعومة بوفرة مالية، وثقافة خاطئة تعتبر التبذير والإسراف من أبواب الكرم.

وتشكل الظاهرة عبئا اقتصاديا على ميزانيات الأسر الخليجية، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، حيث ترتفع معدلات الهدر بشكل كبير في الولائم والعزومات.

ولا يتوقف الأمر على بلدان الخليج فقط، حيث يتم إهدار 30% من الإنتاج العالمي من الأطعمة سنويا، قبل أن يصل إلى مائدة المستهلك، وهي كمية تكفي لإطعام 3 مليارات شخص، وفق منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

وإضافة إلى كون الظاهرة تخالف التعاليم الدينية، فإن دول الخليج لم تعد اليوم تتمتع بذات الترف الذي يسمح باستمرار هدر الطعام، لاسيما مع الضغط الذي تمارسه أزمة "كورونا" على المخزونات الاستراتيجية من السلع الأساسية.

السعودية الأعلى

وفق تصريحات حديثة صادرة منذ أيام، عن وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي "عبدالرحمن بن عبدالمحسن"، فإن نسبة هدر الغذاء في المملكة، تبلغ أكثر من 33% (نحو 8 ملايين طن سنويا)، ما يضع البلاد في المرتبة الأولى عالميا في هدر الطعام.

وتفيد دراسة رسمية أعدتها المؤسسة العامة للحبوب (حكومية)، بأن المواطن السعودي يهدر ما يقارب من 184 كيلو جراما من الطعام سنويا، وهي نسبة تفوق ضعف المعدل العالمي.

لكن تقديرات أوردتها الهيئة العامة للإحصاء السعودية، رفعت تقدير حجم ما يهدره المواطن السعودي سنويا إلى 427 كيلو جراما من الطعام.

وتكلف فاتورة الهدر الغذائي، المملكة 50 مليار ريال سنويا (نحو 13 مليارات دولار)، وفق تقديرات صادرة عن وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية.

وجاءت عينة من الطعام المهدور كالتالي، 917 ألف طن سنويا من الدقيق، و557 ألف طن من الأرز، و22 ألف طن من اللحوم، و13 ألف طن من لحوم الإبل، و41 ألف طن من لحوم الأبقار، و444 ألف طن من لحوم الدواجن، و69 ألف طن سنوياً من الأسماك، ونحو 600 ألف طن من الخضراوات.

الإمارات ثانيا

تأتي الإمارات في المركز الثاني خليجيا بنسبة هدر للفرد الواحد تصل سنويا إلى 196 كيلو جرام، بينما تحتل المركز الرابع عالميا في قائمة أكثر الدول إسرافا بالطعام، بعد السعودية وإندونيسيا والولايات المتحدة، بواقع 300 كيلو جرام، و277 كيلو جراما على التوالي.

وتبلغ فاتورة هدر المواد الغذائية في الإمارات، أكثر من 13 مليار درهم سنويا (3.5 مليار دولار)، بحسب بيانات صادرة عن مركز "باريلا" للطعام والتغذية، بالتعاون مع مجلة "إيكونوميست" البريطانية، عام 2017.

وتفيد تقديرات صادرة عن شركة "مسار سليوشنز" (إماراتية)، أن هناك 3.27 مليون طن من المواد الغذائية، يجري إتلافها سنويا في الإمارات.

وتمثل الأطعمة نسبة 55% من قمامة دبي في رمضان، مقارنة بـ22% في الشهور الأخرى، بحسب دراسة أجرتها وحدة المعلومات الاقتصادية بمجلة "إيكونوميست" البريطانية.

بينما تفيد دراسة أجرتها مؤسسة "مصدر" الحكومية في أبوظبي، أنه لا يؤكل من ولائم الإفطار غير نسبة 53% فقط.

وتسجل الكويت أيضا هدرا في الغذاء بنحو مليون و528 طنا سنويا، طبقا للبيانات الصادرة عن إدارة شؤون البيئة.

ويبلغ حجم الهدر اليومي للطعام في البحرين نحو 400 طن، بينما تبلغ كمية هدر الطعام يوميا في شهر رمضان نحو 600 طن، بحسب الرئيس التنفيذي ل‍جمعية "حفظ النعمة" البحرينية "ثورة إبراهيم الظاعن".

وتبلغ كمية الطعام المهدر سنويا في قطر 1.4 ملايين طن، بحسب برنامج "أصدقاء الطبيعة" القطري.

وفي سلطنة عمان، ألقى العمانيون نفايات من المواد الغذائية في عام 2016 بقيمة 300 مليون دولار، بحسب شركة "بيئة"، وهي شركة حكومية معنية بمعالجة المشكلة.

الأمن الغذائي

يفاقم من الأزمة التي يسببها هدر الطعام أن دول الخليج تؤمن أغلب احتياجاتها الغذائية من الخارج، وتعتمد في إمدادها بالسلع الأساسية على مصادر خارجية، قد تفرض قيودا على صادراتها حال استمرار أزمة "كورونا".

وقد يتسبب استمرار توقف حركة الطيران، وفرض الحظر، وتأثر حركة الشحن والتجارة حول العالم، في زيادة الغموض مستقبلا حول توفر الغذاء، مع احتمالية نقصه في السوق العالمية.

ومن المتوقع مستقبلا تزايد الضغط على الموارد الغذائية مع تفاقم آثار التغير المناخي، ما يعني تراجع قدرة البشر على إطعام أنفسهم.

وتعاني دول الخليج تحديدا من نقص حاد في المياه، ما يقلص المساحات المزروعة لديها، ويضطرها إلى الاستثمار الزراعي في دول مثل السودان وإثيوبيا لضمان أمنها الغذائي.

وإضافة إلى أنماط الاستهلاك، تشمل أسباب هدر الطعام سوء التخزين، ومشاكل النقل والتعبئة، وعروض البيع بالجملة، لكن يظل المستهلك، عنصرا رئيسيا في دائرة الاستهلاك، وهو المحدد الأساسي لمعدلات هدر الغذاء، والمسؤول الأول عن الإضرار بأمنه الغذائي.

مواجهة الظاهرة

وبحسب الأمين العام لجمعية إطعام الخيرية "عبدالعزيز النغيثر"، فإن فائض الطعام في البيوت السعودية، يبلغ 8 ملايين وجبة يوميا، وهم رقم كبير دفع جهات حكومية للتنسيق مع جميعات خيرية لضمان توزيع الطعام الفائض.

ومن آن لآخر، تطلق السلطات السعودية مبادرات لمواجهة الظاهرة، والحد من ارتفاع معدلات الفقد الغذائي، كان آخرها، الشهر الجاري، عبر حملة "احفظها ـ لتدوم".

وفي وقت سابق، طالب مجلس الشورى السعودي، الجهات المعنية، بفرض غرامات مالية على المبذرين، وسن عقوبات رادعة لوقف ممارسات "الهياط"، التي تشمل بالتفاخر بالولائم، والحط من قدر الأوراق المالية، عبر حرقها أو إطعامها للبهائم.

كذلك أطلق بنك الطعام الكويتي بالتعاون مع مؤسسات حكومية ومدنية حملة "بوقفكم تدوم النعم"، وتعمل الحملة على تخصيص حاويات لجمع الفائض الجيد من الطعام وتقديمه للمحتاجين، وتقديم الفوائض غير الصالحة لاستهلاك البشر للطيور والحيوانات.

وعلى المنوال ذاته، يقوم "بنك الإمارات للطعام" منذ إطلاقه 2017 على جمع فائض الطعام وتوزيعه على المحتاجين.

وتسعى دول الخليج لإدارة الأزمة بشكل ممنهج، عبر إطلاق مؤشر "الفقد والهدر في الغذاء" (السعودية نموذجا)، مع تفعيل تجربة بنوك الطعام؛ لاحتواء الفائض من الغذاء.

وربما يكون إقرار مجلس التعاون الخليجي، الشهر الجاري، لمقترح كويتي بإنشاء شبكة أمن غذائي خليجي، دافعا نحو إيجاد آلية فاعلة للقضاء على الظاهرة.

لكن تبقى الحاجة ملحة وعاجلة لتطوير تطبيقات جديدة لتوعية المجتمع للحد من الهدر، ورفع وعي المواطن الخليجي بضرورة وقف الفقد في الغذاء، وابتكار وسائل جديدة لإدارة الغذاء وإعادة تدوير فوائض الطعام.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأمريكيون يهدرون طعاما بـ161 مليون دولار سنويا

10.7 مليارات دولارات هدرا للغذاء في السعودية سنويا

الرياض ومكة والمدينة الأكثر هدرا للطعام في السعودية

الإمارات تهدر طعاما بـ1.6 مليار دولار سنويا

تكية.. تطبيق يهدف لتقليل هدر الطعام في مصر

الأولى عربيا والرابعة عالميا.. 265 مليون دولار قيمة هدر الطعام بالبحرين سنويا