واشنطن بوست: السيسي يستغل كورونا لتشديد قبضته على الحكم

الاثنين 11 مايو 2020 06:45 م

تستخدم الحكومة المصرية المدعومة من الجيش وباء "كورونا" لتشديد قبضتها على البلاد، بحسب ناشطين حقوقيين، ففي الأسابيع الأخيرة، أمرت السلطات بفرض عقوبات - بما في ذلك أحكام بالسجن - على أي شخص تتهمه بمخالفة الروايات الرسمية حول الوباء.

تم ربط المعارضين السياسيين بالفيروس واستهدافهم، وفي ظل القيود المتعلقة بالفيروس التاجي، أصبح المعتقلون السياسيون أكثر عزلة عن العالم من أي وقت مضى.

توسيع قانون الطوارئ

وافق الرئيس "عبدالفتاح السيسي" يوم الجمعة الماضي على تعديلات لقانون الطوارئ في البلاد، تمنحه وأجهزة الأمن سلطات إضافية.

تدعي الحكومة أن الإجراءات الأكثر صرامة  ضرورية لمعالجة "الفراغ القانوني" ومنع انتشار فيروس "كوفيد-19"، لكن الناشطون يقولون إن بعض الإجراءات تفتح الباب لمزيد من الانتهاكات للحقوق والحريات.

وقال "جو ستورك"، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "تستخدم حكومة الرئيس السيسي الجائحة لتوسيع - وليس إصلاح - قانون الطوارئ المسيء. يجب على السلطات المصرية معالجة مخاوف الصحة العامة الحقيقية دون وضع أدوات قمع إضافية".

ولم ترد الحكومة على طلب للتعليق.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن 5 فقط من التعديلات الـ18 للقانون تنطوي بوضوح على قضايا تخص الصحة العامة.

على سبيل المثال؛ تسمح التغييرات لـ"السيسي" بإغلاق المدارس والجامعات والمحاكم والشركات، وكذلك فرض الحجر الصحي على العائدين من الخارج، كما تسمح التعديلات الأخرى بتأجيل دفع الضرائب ومدفوعات المرافق وكذلك تقديم الدعم الاقتصادي للمجتمعات المتضررة وقطاعات الأعمال.

لكن التعديلات تمنح "السيسي" أيضًا سلطة حظر أو تقييد التجمعات العامة والخاصة، حتى في غياب أي حالة طوارئ صحية عامة.

كما تسمح بعض التعديلات الأخرى بتقييد امتلاك أو نقل أو بيع أو شراء أو تصدير أي سلع أو خدمات، وكذلك التحكم في أسعارها.

تجسد للعقلية الأمنية الحاكمة

وأضاف "جو ستورك": "قد تكون هناك حاجة لبعض هذه الإجراءات في حالات الطوارئ الصحية العامة، ولكن لا ينبغي أن تكون قابلة للاستغلال كجزء من قانون الطوارئ الذي لم يتم إصلاحه. إن اللجوء لمبررات الأمن القومي والنظام العام يعكس العقلية الأمنية التي تحكم مصر في عهد السيسي".

تعد هذه أحدث خطوة لـ"السيسي" للتحكم في الإيقاعات الاجتماعية والسياسية لأكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، حيث عزز "السيسي" سلطته بثبات منذ الانقلاب العسكري عام 2013 الذي قاده ضد الرئيس الراحل "محمد مرسي"، الرئيس الوحيد الذي انتُخب ديمقراطياً في مصر.

وسجن "السيسي" عشرات الآلاف من المعارضين، خاصة من جماعة "الإخوان المسلمون"، وتم خنق أي شكل من أشكال المعارضة، بما في ذلك إغلاق مئات المواقع التي تنتقد نظامه.

وتلاشت جوانب الحياة السياسية والمساحات المدنية خارج سيطرة الحكومة، التي ينظر إليها النقاد على أنها الأكثر قمعًا في تاريخ مصر الحديث.

الوباء أحدث ذريعة للقمع

وقالت "مي السعدني"، المدير الإداري لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: "يمكنني أن أصف ما نراه في مصر على أنه نافذة على تعامل السلطة الاستبدادية في خضم لحظة طوارئ عالمية".

وتخضع مصر لحالة الطوارئ منذ أبريل/نيسان 2017، وتقول الحكومة إنها ضرورية لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، لكن المنتقدين يقولون إن هذه ذرائع لتعزيز قبضة "السيسي" على البلاد.

ويعتبر مسؤولو الأمم المتحدة والناشطون أن تعديل قانون الإرهاب لعام 2015 والذي صدق عليه "السيسي" في مارس/ آذار الماضي، من المحتمل أن يسمح بمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.

والآن؛ أصبح الوباء أحدث ذريعة لارتكاب الانتهاكات، وفق قولهم.

وقال "حسين باعومي"، وهو باحث مصري في منظمة العفو الدولية: "ما نراه هو تتويج للسيطرة التي تمارسها السلطات المصرية في عهد السيسي. وتستخدم الحكومة هذه السيطرة الآن لإدارة الوباء".

وأضاف: "مع ذلك، فإننا نشهد تحولًا في الخطاب -وإن لم يكن بشكل كامل- حيث يتم استخدام الوباء لتبرير بعض هذه الإجراءات".

في الأسابيع الأخيرة، استهدفت الحكومة أي شخص ينتقد جهودها في التعامل مع أزمة "كورونا".

ففي الشهر الماضي، أفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه تم القبض على 15 شخصًا بزعم نشر "أخبار كاذبة" حول الفيروس، وتم القبض على طبيب وعامل صيدلاني بسبب منشورات فيديو على "فيسبوك" تشتكي من ندرة كمامات الوجه.

كما استهدف النظام الصحفيين لإشارتهم إلى أن الحكومة تقلل من التقديرات الحقيقية لحالات الإصابة بـ"كورونا"، وفي مارس/آذار، أجبرت الحكومة صحفية غربية على مغادرة مصر بعد أن نشرت أرقامًا من خبراء تشير إلى أن معدل الإصابة يمكن أن يكون 10 أضعاف الحالات المؤكدة في ذلك الوقت.

بالرغم أن عدد سكان مصر يصل إلى 100 مليون نسمة، فإن لديها حوالي 9400 حالة مؤكدة ونحو 525 حالة وفاة فقط، فيما يعد أقل بكثير من البلدان ذات الكثافة السكانية المنخفضة، ولكن، تقول السلطات إنها شفافة وإن أعدادها دقيقة.

واتهم مسؤولون مصريون جماعة "الإخوان المسلمون" بنشر الشائعات والأكاذيب حول جهود الحكومة لاحتواء الفيروس، واتهمت وزارة الداخلية الجماعة مؤخرًا بالتحريض على محاولات منع دفن طبيبة توفيت بسبب الفيروس.

لكن الناشطين يقولون إن محاولات ربط الوباء بـ"الإخوان" قد تؤدي إلى مزيد من الاعتقالات والانتهاكات ضد أي شخص يشتبه في معارضته للنظام.

ويقول الناشطون أيضًا إن الوباء يُستخدم أيضا لقمع المعتقلين السياسيين.

ويُحتجز ما يصل إلى 114 ألف سجين في سجون مزدحمة وغير صحية ومراكز الاحتجاز، بما في ذلك عشرات الآلاف من الناشطين والمعارضين السياسيين والصحفيين والمدونين، وفق ما تقوله الأمم المتحدة.

وبدلاً من الإفراج الجماعي عن المعتقلين لمنع انتشار الفيروس، كما فعلت حكومات استبدادية أخرى في المنطقة، منعت الحكومة زيارات العائلات والمحامين للمعتقلين.

وقال "باعومي": "أحد المجالات الرئيسية التي نرى فيها توسيع الحكومة لسيطرتها تحت ذريعة كوفيد-19 هو السجون. تم تعليق الزيارات العائلية، كما جرى منع العديد من السجناء السياسيين من إرسال أو استقبال الرسائل، ما يعني أنهم معزولون عن العالم الخارجي".

ويشعر "باعومي" بالقلق من أن النظام قد يستخدم الوباء للقضاء على منظمات المجتمع المدني القليلة المتبقية أو تحجيم المنصات الإلكترونية، أو ربما يستخدم تطبيقات تتبع الفيروسات لزيادة أنشطة المراقبة والتجسس.

وقال: "يبقى أن نرى كيف يتطور الوباء وما إذا كانت السلطات ستستخدمه لتقييد المساحة الصغيرة التي بقيت مفتوحة".

المصدر | سوداراسان راغفان | واشنطن بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا قانون الطوارئ القمع في مصر عبدالفتاح السيسي

السيسي يعدل قانون الطوارئ في مصر بسبب كورونا 

يعاقبونك قبل إدانتك.. 120 قضية أمام دوائر الإرهاب بمصر خلال عام

نقابة تطالب السيسي بتسليم المستشفيات للجيش لمواجهة كورونا