ديفيد هيرست: تفاصيل الصفقة السرية بين إيران وأمريكا بشأن العراق

الجمعة 15 مايو 2020 01:37 م

جاء ترشيح "مصطفى الكاظمي" كرئيس للوزراء في العراق في سياق التنافس بين الولايات المتحدة وإيران. ووافقت طهران على دعم رئيس المخابرات السابق مقابل تجميد استهداف بعض أصولها بالعقوبات، وذلك وفقا لمصادر تحدثت مع "ميدل إيست آي".

لن تتغير سياسة الولايات المتحدة لممارسة "أقصى ضغط" على إيران، لكن الولايات المتحدة وافقت على تخفيف التصعيد عسكريا في الخليج وغض الطرف في حال أفرجت دولة أوروبية عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة.

وكان ترشيح "الكاظمي" لرئاسة الوزراء حتى 4 مارس/آذار، بمثابة "إعلان حرب على الشعب العراقي" بالنسبة لقائد ميليشيا كتائب حزب الله، "أبو علي العسكري".

واتهم "العسكري"، "الكاظمي" بالتورط في الضربات الأمريكية بطائرات دون طيار في يناير/كانون الثاني، والتي أسفرت عن مقتل الجنرال الكبير "قاسم سليماني" و"أبومهدي المهندس"، وهي تهمة نفتها المخابرات العراقية صراحة.

كما عارضت الميليشيات الشيعية والقادة السياسيون الآخرون بصوت عالٍ ترشيح "الكاظمي"، ومع ذلك تم تنصيب حكومته الجديدة الأسبوع الماضي بدعم من الأغلبية في البرلمان العراقي.

استمرت "كتائب حزب الله" في تهديد "الكاظمي" شخصيًا، لكن الفصائل السياسية الشيعية الأخرى المتأثرة بإيران سمحت بترشيحه للمضي قدمًا.

تقول مصادر عراقية إن صفقة من وراء الكواليس تمت بين واشنطن وطهران تفسر الانعطاف المفاجئ، مع موافقة إيران على الضغط على الفصائل الشيعية التي تؤثر عليها مقابل بعض التنفيس من العقوبات الأمريكية المعوقة لها اقتصاديًا والتي تجمد بعض الأصول في أوروبا.

وامتنعت مصادر عراقية عن تحديد مكان تجميد الأصول الإيرانية، لكنها أشارت إلى قرار أصدرته محكمة في لوكسمبورج الشهر الماضي بعرقلة طلب أمريكي بتحويل 1.6 مليار دولار من أصول إيران إلى ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول في قضية تعود إلى 2012.

وأشاد الرئيس الإيراني "حسن روحاني" بقرار المحكمة، حيث قال إن بلاده حققت انتصارا قانونيا فيما يخص الأصول التي تم تجميدها منذ فترة طويلة في لوكسمبورج بناء على طلب واشنطن.

وقال أحد المصادر المطلعة على الصفقة السرية: "تمكن الأمريكيون من الحصول على رجلهم، والإيرانيين من الحصول على أموالهم".

وأضاف: "أن الصعوبات الاقتصادية التي واجهها الإيرانيون، والتحديات التي واجهوها بعد اغتيال سليماني، أثرت عليهم بشدة.. كانت هناك مفاوضات. وانتهى الاتفاق بقبول الإيرانيين للكاظمي وطلبوا من حلفائهم التصويت له".

تخفيف التوترات الخليجية

وطُلب من "الكاظمي" في أبريل/نيسان تشكيل الحكومة بعد محاولات فاشلة لتعيين "محمد توفيق علاوي" أولاً ثم "عدنان الزرفي" رئيساً للوزراء، بعد استقالة "عادل عبدالمهدي" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بسبب مقتل المتظاهرين على أيدي قوات الأمن العراقية.

وفي مارس/آذار، قال مصدر كبير في طهران لـ"ميدل إيست آي" إن الولايات المتحدة وافقت على منح إعفاءات تسمح لبعض الدول بالإفراج عن الأصول الإيرانية دون مواجهة إجراءات عقابية لمساعدة إيران على شراء الإمدادات الطبية لمكافحة تفشي الفيروس.

وقال إن "جهود بعض الدول أدت إلى الإفراج عن بعض أموال البنك المركزي الإيراني".

ونفى المصدر الإيراني آنذاك التوصل إلى اتفاق رسمي بين طهران وواشنطن. كما أنكرت وزارة الخارجية الأمريكية التقرير.

وقالت المصادر العراقية إن اتفاقية سابقة للاتفاقية الحالية تمت أيضا عندما تم دعم "نوري المالكي" لولاية ثانية كرئيس للوزراء من قبل كل من واشنطن وطهران، بعد 9 أشهر من الصراع السياسي في انتخابات عام 2010.

وقالت المصادر إن سحب الولايات المتحدة صواريخ "باتريوت" من السعودية الأسبوع الماضي وخفض التوترات العسكرية في الخليج كان جزء من الاتفاق مع طهران.

والأهم من ذلك، وافقت الولايات المتحدة على منح ضوء أخضر لأوروبا للإفراج عن بعض الأصول المجمدة للإيرانيين. 

رقم قياسي

لدى "الكاظمي" سجل حافل بالعمل مع أجهزة المخابرات الأمريكية، والذي يعود إلى ارتباطه بـ"أحمد الجلبي"، السياسي العراقي الراحل الذي زود الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" بتقارير كاذبة عن أسلحة "صدام حسين" للدمار الشامل قبل غزو العراق في 2003.

و"الكاظمي" صحفي سابق ومحرر في موقع "المونيتور" الإخباري، واسمه الحقيقي "مصطفى عبداللطيف"، وأصبح "الكاظمي" رئيسًا للمخابرات في عهد رئيس الوزراء "حيدر العبادي".

في عام 2018، حضر اجتماعًا في واشنطن مع "مايك بومبيو"، الذي كان آنذاك رئيس وكالة المخابرات المركزية، و"خالد بن علي الحميدان"، رئيس المخابرات السعودية، لمناقشة تدابير دعم ترشح "العبادي" والتصدي للمرشحين المدعومين من إيران.

اتصل "ميدل إيست آي" بمكتب "الكاظمي" مرارا وتكرارا للتعليق ولكن لم يرد على مكالماتنا.

وتم الترحيب علنا ​​بترشيح "الكاظمي" في كل من واشنطن وطهران.

وقال الرئيس الإيراني "حسن روحاني" إن إيران "ستكون مع الحكومة بكل قوتها لمساعدتها على التقدم وتحقيق الاستقرار"، وذلك بحسب بيان على موقع وزارة الخارجية الإيرانية.

في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" الشهر الماضي تفاصيل عن حوار استراتيجي مقترح مع الحكومة العراقية من المقرر أن يتم في يونيو/حزيران.

وقال "بومبيو" إن "جميع القضايا الاستراتيجية" ستكون على جدول الأعمال في المحادثات.

وقلل المسؤولون في واشنطن وطهران من شأن التقارير بشأن صفقة بشأن العراق.

ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية التقارير بأنها "سخيفة".

وقال المتحدث لـ "ميدل إيست آي": "نحترم سيادة العراق ودعونا باستمرار إيران للقيام بذلك أيضًا وإنهاء تدخلها في شؤونه الداخلية".

ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على طلب للتعليق، لكن مسؤولًا إيرانيًا اتصل به "ميدل إيست آي"  قال إنه لم يسمع بأي اتفاق، ووصفه بأنه "غير مرجح".

وقالت المصادر إن أول اتصال بـ"الكاظمي" بعد ترشيحه جاء من ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" الذي طلب من رئيس الوزراء العراقي الجديد استئناف الوساطة مع إيران.

بالرغم من أن "بن سلمان" سيعتبر "الكاظمي" أقرب إليه من أي مرشح آخر، إلا أن استئناف الحوار بين واشنطن وطهران ليس خبراً استراتيجياً جيداً للسعودية. انتهت المفاوضات السرية التي أجرتها عُمان لإطلاق سراح سجين أمريكي في إيران بالاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة في عهد "باراك أوباما".

وإلى جانب السحب الأحادي لصواريخ "باتريوت"، يتعرض ولي العهد لضغوط أمريكية جديدة لإنهاء الحصار على قطر. ولهذه الغاية، أرسل أمير الكويت وزيراً إلى قطر لإعادة فتح جهود الوساطة.

وفي حين يدافع "ترامب" عن حملة "أقصى ضغط" التي يقودها ضد إيران، يجب على السعوديين التفكير مع انهيار استراتيجية الولايات المتحدة ضد إيران.

وقال أحد المسؤولين العراقيين إن "ترامب" لن يمانع في التفاوض على صفقة نووية جديدة مع إيران، طالما أنها ستحمل اسمه.

وأضاف المسؤول العراقي أن ذلك قد يؤدي إلى مفاوضات تؤدي إلى مزيد من الاتفاقيات بين واشنطن وطهران.

المصدر |  ديفيد هيرست/ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الأمريكية مصطفى الكاظمي الحكومة العراقية

ترامب يهنئ الكاظمي ويبدي استعداده لدعم اقتصاد العراق

خيار الكاظمي بالعراق في مسار صعب وواعد!

أبقِ أعداءك أقرب.. هكذا تستفيد إيران من التواجد الأمريكي بالعراق

تحطم طائرة أمريكية قرب مطار بغداد.. ولا خسائر