كيف يقود نتنياهو إسرائيل إلى الهاوية عبر خطط ضم الضفة؟

الأحد 17 مايو 2020 05:37 م

يُنتظر حاليا رؤية ما إذا كانت الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الجديدة التي يتم تشكيلها حاليًا ستعمل على الضوء الأخضر الذي أعطته لها إدارة "ترامب" من أجل ضم أجزاء من الضفة الغربية.

وسواء كان هناك ضم أم لا، فقد خسرت (إسرائيل) بالفعل.

يمكن رؤية إشارات تحذيرية خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إلى (إسرائيل) والتي استغرقت 16 ساعة الأسبوع الماضي.

ولكن هل يمكن أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" اندافعيا لدرجة أن يأخذ "صفقة القرن" وينفذها بشكل أسرع مما تريده الإدارة الأمريكية؟

من الواضح أن العالم لم يقتنع بخطة "ترامب"، لا الفلسطينيين ولا الدول العربية ولا الاتحاد الأوروبي، ولا الكثير من الإسرائيليين والمؤيدين المخلصين لـ(إسرائيل) أيضًا.

قال "ديفيد هالبفينجر" و"لارا جاكس" من صحيفة "نيويورك تايمز": "رغم أن الولايات المتحدة أعطت، مع اقتراح السلام الذي قدمه ترامب، ضوءًا أخضر لنتنياهو بشأن الضم، فقد تغير ذلك الضوء الآن إلى اللون الأصفر".

وقال مسؤولون وخبراء إن زيارة "بومبيو" جاءت في الوقت المناسب عشية استقبال (إسرائيل) لحكومتها الجديدة، وهي حكومة تبدو منقسمة بشأن ضم حوالي 30% من الضفة الغربية المحتلة".

بعد ذلك، تم تأجيل تأدية اليمين الدستورية للحكومة الإسرائيلية الجديدة مساء يوم الخميس إلى يوم الأحد، ما أثار المزيد من الشكوك حول التأثير الدقيق لرحلة "بومبيو" في هذه السياسات الإسرائيلية الداخلية.

إذا فعلت الزيارة ذلك، فلن تكون المرة الأولى التي تتدخل فيها الولايات المتحدة في السياسة الإسرائيلية، ربما كان الاستثناء عدم التدخل.

من الجانب الفلسطيني، قال رئيس الوزراء "محمد اشتية" في مؤتمر صحفي يوم الخميس في رام الله إن الرئيس "محمود عباس" سيرأس اجتماعا قياديا يوم السبت لاتخاذ القرار المناسب.

وقال "اشتية" في حديثه عن الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي ستؤدي اليمين: "سنستمع لبرنامجها السياسي الذي يدعو إلى ضم الأراضي الفلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات".

الافتراض هنا هو أنه إذا تم الإعلان عن مثل هذا البرنامج السياسي، فإن الفلسطينيين سيتصرفون دون انتظار حتى 1 يوليو/تموز، وهو التاريخ الذي وافقت عليه أطراف الائتلاف الإسرائيلي لتفعيل الضم.

أصبحت لغة الرفض والتحدي الرسمية شائعة في فلسطين، ولكن هذه المرة يوجد شعور لدى الجمهور الفلسطيني أن القيادة الفلسطينية تعترف أخيرًا بأنها وصلت إلى نهاية اتفاقات "أوسلو" وقد تكون في عجلة من أمرها  للتحرك دون أن تنتظر خطوات (إسرائيل) رسميا.

كما أن الاتحاد الأوروبي، الذي تابع معظم السنوات الـ25 الماضية إخفاقات الولايات المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط، هو أيضًا في حالة ذعر بشأن تحركات (إسرائيل) المحتملة للضم.

وقال "هيو لوفات"، وهو زميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "سيضع ضم الضفة الغربية حدا لحل الدولتين العزيز للاتحاد الأوروبي. ستحتاج القواعد الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي الآن إلى تعريف علاقات ما بعد الضم مع (إسرائيل)".

وأضاف قائلاً: "سواء بدأ الضم بكتلة استيطانية واحدة أو شمل معظم المنطقة (ج) فإنه سيتخطى العتبة التي يكاد يكون من المستحيل التراجع عنها. قد تكون التداعيات الكاملة التي يمكن أن تؤدي إليها مثل هذه الخطوة بطيئة، لكنها حقيقية. سوف يتحدى هذا مصداقية الاتحاد الأوروبي. كما أنه سيقوض أساسيات النظام الدولي القائم على القواعد ولا سيما حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة".

لا عجب إذن أن يتحدث الاتحاد الأوروبي، للمرة الأولى، عن عقوبات اقتصادية محتملة على (إسرائيل) إذا ما باشرت أي شكل من أشكال الضم.

ما هي الجهات الأخرى التي تعارض الضم؟

أرسلت "جي ستريت"، وهي مجموعة مناصرة ومؤيدة لـ(إسرائيل) في الولايات المتحدة، رسالة بريدية تطرح فيها هذا السؤال وفي جوابها من بين أمور أخرى، قالت إن "غالبية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية" تعارض الضم.

ترتبط المراسلات ببيان وقع عليه 220 ضابطًا إسرائيليًا سابقًا رفيع المستوى، بمن فيهم مدير الشاباك السابق "عامي أيالون"، ومدير الموساد السابق "تامير باردو"، والقائد السابق للقيادة المركزية للجيش الإسرائيلي "غادي شامني". حيث يحذر البيان من أن "إيقاف الضم من جانب واحد هو أمر عاجل وضروري".

تشعر عدة جهات منها الاتحاد الأوروبي وبعض المنظمات الموالية لـ(إسرائيل) بالقلق من انكشاف شعارهم المجوف أن (إسرائيل) هي "يهودية وديمقراطية".

لقد حان الوقت أن يلاحظ جميع أصحاب المصلحة أن النضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال وعودة اللاجئين إلى الوطن هو القضية، وإلى أن تتم معالجة هذه المشاكل مباشرة، فلن ينتهي الصراع.

هذا ليس أول عمل من أعمال الضم الإسرائيلي، على سبيل المثال تم ضم القدس الشرقية عام 1980، وصرخ العالم في ذلك الحين، لكنه غض الطرف فعليًا حتى بعد صدور قرارين لمجلس الأمن الدولي (476 و478) بشأن مسألة ضم القدس.

لماذا نتوقع شيئا مختلفا الآن من المجتمع الدولي؟

إذا حدث الضم، مرة أخرى، فمن المنطقي أن يبقى الفلسطينيون على المسار الصحيح في صراعهم طويل المدى، وبخلاف الولايات المتحدة، التي تعد شريكا طويل الأمد في هذه الجريمة المستمرة ضد الفلسطينيين، فلن تعترف أي دولة أخرى ذات أهمية بضم (إسرائيل).

يأخذ "نتنياهو" (إسرائيل) إلى الهاوية، ومن خلال مكافحته للبقاء خارج السجن بالنظر إلى لوائح الاتهام بالفساد التي يواجهها، فإنه يأخذ (إسرائيل) إلى حفرة عميقة للغاية قد لا تخرج منها.

من خلال الضم بحكم الأمر الواقع، سيضع "نتنياهو" (إسرائيل) في الزاوية.

إذا تحقق الضم، كما يتوقع المعظم، وإن كان ذلك بشكل تدريجي، فإن وضع (إسرائيل) كدولة مارقة حول العالم سيستمر في التعمق في أماكن غير متوقعة، والأسوأ من ذلك بالنسبة (إسرائيل)، هو أن عنصريتها الصارخة والتمييز الهيكلي وتجاهلها الصارخ لعالم قائم على القواعد سيكون مرئيًا للجميع.

من ناحية أخرى، إذا استيقظت (إسرائيل) في الساعة 11 وتراجعت، فإنها ستكون خسرت بالفعل، حيث سيعتبر الفلسطينيون، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، أنهم حققوا النصر في معركتهم لإيقاف تنفيذ الخطوة الأولى من "صفقة القرن".

بالنسبة للفلسطينيين، فإنهم يرون الانتصار ممكنا رغم مرور 72 عامًا من الحرمان والتمييز والاحتلال العسكري.

أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ربما أثارت هذه الحلقة الأخيرة من سلوك "نتنياهو" تنينًا نائمًا قد يؤدي إلى رؤية (إسرائيل) في النهاية مسؤولة عن انتهاكات للقانون الدولي.

لقد طال انتظار هذه المساءلة.

المصدر | سام بحور | ميديم- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضم الضفة الغربية نتنياهو صفقة القرن

ماذا سيبقى للمعاهدات بعد قرار الضم؟

حكومة نتنياهو الجديدة: الضم تحت جنح "كورونا"

ديفيد هيرست: الجيل الحالي سيعيش النكبة مع ضم الضفة الغربية

عباس: فلسطين في حل من كل الاتفاقيات مع أمريكا وإسرائيل