كمامات كورونا.. عبء جديد على جيوب المصريين الفارغة

الاثنين 1 يونيو 2020 01:47 م

"نأكل ونشرب؟ ولا نشتري كمامات؟".. "بصراحة، أنا بأغسل الكمامة الطبية وألبسها تاني.. ميزانيتي ما تستحملش" .. "محتاج حوالي ألف جنيه في الشهر علشان اشتري كمامات لأسرتي.. منين؟ (من أين)".

هكذا جأر مصريون بالشكوى مع بدء إلزام الحكومة المواطنين باستخدام الكمامات في المواصلات العامة والمصالح الحكومية والأسواق الشعبية في إطار جهود مكافحة فيروس كورونا.

أعباء الكمامة التي يشدد الخبراء على أهميتها للحد من انتشار الوباء تجيء في وقت مازال ملايين المصريين يعانون فيه من المصاعب التي جلبها تحرير سعر الصرف في أواخر 2016 وما رافقه من ارتفاع الأسعار وتحرير أسعار الكهرباء والمواد البترولية وغيرها.

وقد تسببت أزمة كورونا في مصر بتداعيات اقتصادية وخيمة إذ توقف قطاع السياحة الحيوي للتوظيف وأثر سلبا على تدفقات النقد الأجنبي عموما، فضلا عن تقلص معدلات النمو.

وفي طريقها نحو إعادة فتح الاقتصاد في منتصف يونيو/حزيران، فرضت الحكومة المصرية غرامة 4000 جنيه (252.5 دولار) على من لا يستخدم الكمامة.

وشنت وزارة الداخلية بالفعل حملات بأنحاء البلاد لضبط المخالفين ومنعت محطات مترو الأنفاق دخول من لا يضعها.

تتراوح أسعار الكمامات الطبية العادية بين خمسة جنيهات (0.32 دولار) للقطعة وعشرة جنيهات، ولا يشمل هذا الكمامة من نوع N95 التي يصعب العثور عليها ويقترب سعرها من المئتي جنيه.

وبخلاف العبء المادي يواجه بعض المصريين صعوبة في الحصول على الكمامة إذ لم تكن متوفرة في بعض الصيدليات.

* الكمامة القماش

قد يكمن الحل في الكمامة القماشية، إذ أعلنت الحكومة المصرية في وقت سابق هذا الشهر عن طرح كمامات مصنوعة من القماش بسعر خمسة جنيهات عبر مصانع الملابس بمواصفات قياسية من وزارة الصحة بحيث تكون آمنة وصالحة للاستخدام لمدة شهر.

لكن إنتاج تلك الكمامات لم يبدأ حتى الآن.

وقالت "نيفين جامع" وزيرة التجارة والصناعة في بيان صحفي الأحد، إن مصر تستهدف إتاحة حوالى 30 مليون كمامة شهريا لتلبية احتياجات السوق المحلي.

وأضافت: "سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة البدء في عملية الإنتاج حيث سيتم تصنيع 8 ملايين كمامة من القماش كمرحلة أولى".

وأوقف جهاز حماية المستهلك منذ أيام قليلة إعلانات عن كمامات قماش لواحدة من أكبر شركات الملابس الداخلية بمصر، قائلا إن تلك الكمامات غير مطابقة للمواصفات القياسية.

وقال "مجدي غازي" رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية بوزارة التجارة "بعض المصانع كانت تصنع بالفعل كمامات من الأقمشة قبل جائحة كورونا لكنها غير طبية وتُستخدم في الوقاية من الأتربة".

وإلى أن يبدأ طرح الكمامات القماش سيضطر المصريون إلى استخدام الكمامات الطبية بتكلفة قد تصل إلى بضع مئات من الجنيهات للأسرة الواحدة شهريا.

تقول "آية مجدي"، المعيدة بكلية التربية بإحدى الجامعات الخاصة وتعيش بمحافظة بني سويف: "تكلفة الكمامات حاليا تشكل عبئا على الميزانية الشهرية… ننتظر إنتاج الكمامات المصنوعة من القماش نظرا لتكلفتها المنخفضة واستدامتها".

وقال النائب "عمرو غلاب" عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب: "حاجة المواطنين للكمامات المطابقة للمواصفات تفوق الكمية الموجودة في السوق حاليا، وهو ما يعزز فكرة الاعتماد علي الكمامات المصنوعة من الأقمشة بمواصفات تحقق أعلى حماية من الفيروس".

وستجبر الكمامة الكثيرين على إعادة ترتيب أولويات الشراء التي خرجت منها سلع عديدة في الفترة الأخيرة بسبب الغلاء.

يقول "عصام سعيد"، وهو موظف بمديرية التربية والتعليم بمحافظة بني سويف: "محتاج أوفر يوميا 30 جنيها لأسرتي المكونة من ستة أفراد لشراء ست كمامات… أي بمعدل 900 جنيه شهريا، وأنا راتبي كله 2200 جنيه… طيب إزاي؟".

تشير أحدث البيانات الرسمية المتاحة إلى ارتفاع معدل الفقر بمصر في السنة المالية 2017-2018 إلى 32.5 في المئة من 27.8 في المئة في 2015، بحساب دخل خط الفقر عند 8827 جنيها في السنة للفرد.

وتعاني الأسواق في مصر من مشاكل في الانضباط والرقابة، فتجد العديد من الباعة الجائلين أمام محطات مترو الأنفاق ومواقف حافلات المحافظات وعند البنوك والمصالح الحكومية يبيعون كمامات قماش مجهولة المصدر.

* عبء جديد

يقول "جمال عبدالخالق"، الموظف بجمعية زراعية في محافظة كفر الشيخ بشمال مصر، ساخطا: "كل اللي كان ناقصنا أننا نعمل ميزانية للكمامة اللي بخمسة جنيه ونستخدمها مرة واحدة في اليوم!".

وفي محافظة أسيوط بصعيد مصر، يقول "محمد حلمي": "إلزام المواطنين بشراء كمامة يوميا واقع مؤلم ماديا، بالإضافة إلى الإجهاد في البحث عنها لأنها غير متوفرة بشكل كامل".

وكان البنك الدولي قال في تقرير صدر في أبريل/نيسان 2019، إن حوالي 60 في المئة من المصريين إما فقراء أو منكشفون على مخاطر الفقر وإن التفاوتات الاقتصادية في تزايد.

وفي المنيا، على بعد 260 كيلومترا إلى الجنوب من القاهرة، قال "منير زهير" وهو موظف: "بحسبة بسيطة وجدت أنه كي نتبع التعليمات الصحية الدقيقة مطلوب مني توفير نحو ألف جنيه من دخلي لشراء الكمامات شهريا وهو ما يفوق قدرتي بالتأكيد".

أما "أحمد رمضان" من مدينة الإسكندرية فيشكو من التكلفة وأيضا من عدم الثقة في أنواع الكمامات قائلا: "الأمر أصبح مكلفا خاصة في ظل تفاوت أسعار الكمامات واختلاف أنواعها… أصبحت أشك في جدوى جميع أنواع الكمامات… تخيل أن أسرتك مكونة من خمس أفراد فكم سيتكلف ارتداء الكمامة شهريا!".

وإلى أن تتوافر كمامة قماش يمكن استخدامها أكثر من مرة وبسعر في المتناول، يجد بعض المصريين العزاء في أن ملابسهم قد تعفيهم من استخدام الكمامة بصرف النظر عن المخاطر الصحية.

تقول "فاطمة نور"، بائعة خضروات بكفر الشيخ، إن مشكلتها محلولة لأنها تضع النقاب لكن زوجها عامل النظافة لا يُصرف له بدل عدوى ولا يستطيع شراء كمامة يوميا بخمسة جنيهات وإن كانت جهة عمله تسلمه واحدة من حين لآخر.

وتتساءل "أيه الأحسن لنا؟ نشتري الكمامة ولا نأكل ونشرب؟".

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

ارتداء الكمامة كورونا وفيات كورونا خسائر كورونا علاج كورونا مكافحة كورونا ما بعد كورونا

مصر تستعد لفرض استخدام الكمامة وتغريم المخالفين

تقديرات رسمية: إصابات كورونا بمصر 5 أضعاف الأعداد المعلنة

كورونا يدفع المستثمرين الأجانب لسحب 21.6 مليار دولار من مصر

دراسة: التباعد والكمامات أفضل سبل الوقاية من كورونا