الهجوم الذي لم يكن .. باراك: شتاينيتس ويعلون وأشكنازي عرقلوا الهجوم على ايران

الأحد 23 أغسطس 2015 08:08 ص

عندما جرى التحقيق في قضية بوعز هرباز تبين أنه خلافا لاشرطة رئيس الاركان غابي أشكنازي، فان الاشرطة التي وثقت الاحاديث في مكتب وزير الدفاع ايهود باراك ابيدت. وادعى محللون، خصوم باراك ومحبو نظريات المؤامرة، بان ابادة أشرطة باراك الحذر والشكاك ليست صدفة. ولكن مراقب الدولة، المستشار القانوني للحكومة والشرطة نظفوا باراك ومساعديه وتوصلوا الى الاستنتاج بان ابادتها كان خللا من رجال وزارة الدفاع.

هذه المرة لم يجدِ نفعا الحذر، الدهاء والشك لباراك. ففي ليل السبت نشرت القناة 2 اشرطة سمع فيها وزير الدفاع السابق يشرح لماذا لم يأمر هو ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجيش الاسرائيلي بالهجوم في ايران. ويتهم باراك في ذلك رئيسي الاركان غابي اشكنازي وبيني غانتس والوزيرين موشيه بوغي يعلون ويوفال شتاينتس اللذين عارضا ذلك.

"في اللحظة الحاسمة في واقع الامر، كان جواب الجيش الاسرائيلي ان القدرة التي تراكمت لا تتجاوز الحافة التي يكون فيها بوسع رئيس الاركان ان يقول "هذه عملية""، سمع صوت باراك يروي عن جلسة الكابينت في العام 2010، "الجواب لم يكن ايجابيا، لم يكن ممكنا ان نخرج منهما جملة الكلمات هذه... انت لا يمكنك ان تذهب الى الكابينت حين يأتي رئيس الاركان ويقول: "عفوا، انا قلت لكم لا"".

بوغي وشتاينتس يذوبان

واستعاد باراك ذكرى لقاء آخر في 2011، وروى: "بيبي، أنا وليبرمان نؤيد العملية وكذا ناضجين للتوجه لعرض هذا على لجنة الثمانية. فالثمانية تجمع كل الاشخاص الذين فهمهم للموضوع أعمق، بمن فيهم اثنان معارضان. بيبي كان يفترض أن يتأكد في أحاديث طويلة جدا. وأجرى مع كل واحد منهم أحاديث مطولة، مع بوغي ومع شتاينتس، وعندها في مرحلة معينة في المشاورات بيننا بيبي قال: "انهم يؤيدون، هذا على ما يرام". وعندها عقدنا نقاشا في الثمانية، نحن نأتي الى هنا بعد أن قال بيبي لي ولليبرمان ان بوغي وشتاينتس يؤيدان. رئيس الاركان يعرض كل الامور، كل المصاعب، كل التعقيدات، كل التركيبات والمشاكل، بما في ذلك امكانية أن تكون هناك ضحايا، ونحن نرى امام ناظرينا كيف يذوب بوغي وشتاينتس على حد سواء. وهذان هما ذات بوغي وشتاينتس اللذين اذا ما سألت الجمهور الان، فانهما الاكثر كفاحية في الهجوم على ايران".

شتاينتس يقول معقبا انه يرى بخطورة شديدة كشف جلسات الكابينت او الكابينت المقلص، ويتساءل كيف تمر مثل هذه الامور على الرقابة. في كل الاحوال، فانه يبقي كلامه في جلسات مغلقة لنفسه، ولا يعتزم التأكيد، النفي او التطرق للامور. اما يعلون فبدا اكثر قطعا، ومن كلامه يمكن أن نفهم نوعا من النفي. ومن مكتبه جاء: "ليس لنا أي نية للتطرق لما يجري في مداولات الثمانية او الكابينت بشكل عام وللروايات الشوهاء والمغرضة بشكل خاص".

يتكاتب مع التاريخ

بزعم مقربي باراك، فان الصحفي ايلو كفير والمحرر داني دور انتهكا ثقته. فالرجلان ينشران في هذه الايام كتاب السيرة الذاتية لباراك. وحسب المقربين، وافق باراك على ان تسجل الاحاديث معه من أجل التسهيل على الكاتبين في عملهما، ولكنه لم يوافق على أن ينشرا الاشرطة، التي وجدت طريقها الى القناة 2. ولم يجب دور على أسئلة "معاريف الاسبوع" للرد على رواية باراك.

باراك نفسه حاول أن يمنع في اللحظة الاخيرة، بوسائل مختلفة، بث الاشرطة، بما في ذلك التوجه الى الرقابة، ولكن توجهاته رد، وعن حق. في اللحظة التي روى فيها للصحفيين عن مداولات سرية للكابينت، فان مسألة اذا كان قصد ان يسمع موقفه بصوته هي ثانوية، وبالتأكيد لا تعني الرقابة.

مهما يكن من أمر، حتى لو لم يقصد اسماع الاشرطة، فان باراك بالتأكيد اراد لروايته ان تنشر. ويحاول باراك ان يتكاتب مع التاريخ، ان يموضع نفسه كمن دفع نحو الهجوم ضد ايران ولكن آخرين، رجال جيش ووزراء في الكابينت – منعوه من ذلك.

حسب باراك، في 2010 ادعى اشكنازي انه لا توجد بعد للجيش الاسرائيلي قدرة عملياتية للعمل. في 2011 أعلن رئيس الاركان بيني غانتس، الذي حل محل اشكنازي، بان لدى الجيش الاسرائيلي منذ الان "نضج" عملياتي، ولكن مع أن غانتس اوضح بانه سينفذ كل تعليمات القيادة السياسية، اعتقد انه لا حاجة لعمل ذلك. فضلا عن ذلك، حسب باراك، تبين انه خلافا لتقدير نتنياهو، الذي اعتقد بان الوزيرين يعلون وشتاينتس أيدا القرار للهجوم، فانهما "ذابا" في اللحظة الاخيرة وانضما الى المعارضين الاخرين، عضوي الكابينت السياسي – دان مريدور وبيني غانتس. وهكذا لم يكن لنتنياهو وباراك الاغلبية اللازمة لتمرير القرار.

بعد نحو سنة حاول باراك ونتنياهو مرة اخرى تمرير القرار بالهجوم. ولكن هذه المرة، بسبب اعتبارات الطقس، لم يكن لاسرائيل سوى "نافذتي" فرص. وهاتان لم تستغلال بسبب اضطرارات خارجية – مناورة كبيرة ومشتركة مع الجيش الامريكي في اشهر ايار – تموز وقرب من الانتخابات في الولايات المتحدة في تشرين الثاني 2012.

ليست رواية باراك أقوالا منزلة. فهذه مجرد رواية واحدة. توجد ايضا روايات اخرى، لم تسمع علنا، لرئيس الموساد السابق مئير دغان، لاشكنازي ولغانتس. دغان واشكنازي سبق أن ألمحا في الماضي بان نتنياهو وباراك حاولا العمل بشكل متلاعب. طرح ادعاء، نشر لاول مرة في "معاريف نهاية الاسبوع"، بان باراك بلغ الكابينت وكأنه سمع من رئيس الس.اي.ايه ليئون بانتا، بان الادارة سحبت اعتراضها على الهجوم الاسرائيلي. وعندما علم الامر للامريكيين، غضبوا وسارعوا الى ارسال محضر الحديث مع مبعوث خاص.

كما حاول باراك ونتنياهو ايضا أن يأمرا رئيس الاركان "بتهيئة الجهاز" – وهو قول معناه تجنيد الاحتياط وسلسلة من الاعمال المسبقة لسلاح الجو، الاستخبارات واعداد الجبهة الداخلية، تمهيدا للهجوم. "تهيئة الجهاز" يمكنها ان تستمر والامر كان من شأنه أن يتسبب "بسوء تقدير". في هذه المهلة الزمنية كان من شأن العدو الايراني أن يكتشف الاستعدادات وأن يرد بضربة وقائية كان من شأنها ان تجر الشرق الاوسط الى حرب، بما في ذلك الولايات المتحدة. فهل كانت هذه نية نتنياهو وباراك؟ لا يمكن استبعاد هذه الامكانية.

تذكر حرب الروايات هذه بالفيلم الياباني "سجلات"، والذي يروي فيه المشاركون في نظرة الى الوراء روايات مختلفة، متعارضة بل ومتناقضة، عن ذات الحدث. ولعل الحقيقة تتبين بعد أن تنكشف، بعد 70 سنة، هذا اذا انكشفت، محاضر المداولات. وعندها ايضا ليس مؤكدا. ففي المداولات السرية ايضا هناك من يتحدثون الى المحضر، من أجل التوثيق التاريخي.

في كل الاحوال، حتى لو صدفنا باراك، لا يزال من الصعب الاقتناع. فلو كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع يريدان حقا تمرير قرار بالهجوم، لنجحا في التغلب على المعارضة من رفاقهم في الحكومة. فلم يحصل بعد في تاريخ دولة اسرائيل ان منعت معارضة الوزراء رئيس وزراء مصمم وحازم من تمرير قرار يريده، وبالتأكيد في موضوع وجودي. وعليه يطرح سؤال آخر: هل نتنياهو وباراك ارادا حقا قرارا بهجوم أم أنهما خدعا؟ ينبغي الاعتراف بانه اذا كان كذلك، فقد كانت هذه خدعة ناجحة وهما في واقع الامر لعبا على الجمهور في اسرائيل وبالاساس حيال الامريكيين لعبة "امسكونا".

  كلمات مفتاحية

معاريف العبرية يوسي ملمان إيهود باراك إيران غابي أشكنازي نتنياهو بيني غانتس موشيه يعلون يوفال شتاينتس

الثرثرة وإلحاق الضرر بالردع الإسرائيلي

«ستراتفور»: لماذا عطلت (إسرائيل) 3 خطط لمهاجمة منشآت إيران النووية؟

خطــة ترميـم اسـتراتيـجي