معارضة الإمارات ضم الضفة.. تضامن عربي أم نصيحة صديق مخلص لإسرائيل؟

الخميس 18 يونيو 2020 07:26 م

إلام يؤشر الموقف الإماراتي الرافض للضم الإسرائيلي الأحادي لبعض أراضي الضفة الغربية المحتلة عام 1967؟

سؤال تداوله مراقبو سياسات أبوظبي الخارجية في ظل تخطيط (إسرائيل) لضم أكثر من 130 مستوطنة في الضفة ومنطقة غور الأردن، التي تمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، في يوليو/تموز المقبل، وفق ما أعلنه رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو"، عقب تشكيله حكومة ائتلافية مع زعيم حزب أزرق - أبيض "بيني جانتس".

وفرض السؤال نفسه على محللي الشأن الإقليمي بعد المواقف التي عبرت عنها أبوظبي، سواء عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" أو عبر مقال نشره سفير الإمارات لدى واشنطن "يوسف العتيبة" بصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في 12 يونيو/حزيران.

ويشير منشور "قرقاش" ومقال "العتيبة" إلى إدراك حكام الإمارات لعدم حصول تل أبيب على الضمان الدولي المطلوب لتمرير عملية ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة عام 1967، لاسيما تأييد الولايات المتحدة.

نصيحة صديق مخلص

وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن الإمارات ترى أن العلاقات مع دولة الاحتلال حيوية لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة من جهة، ولتحويل التطبيع إلى مشروع عربي من جهة أخرى، وهي ترى أن ضم تل أبيب الأحادي للضفة دون غطاء دولي يمكن أن يعوق هذه المصالح.

بخلاف ذلك، ترى أبوظبي أن ضم الضفة يمكن أن يتسبب في نشوب مظاهرات واعتراضات صاخبة في الأردن، ربما تهدد اتفاق السلام الأردني الإسرائيلي، كما يمكن أن تحطم جوهر مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية عام 2002، وطلبت فيها من (إسرائيل) الانسحاب من جميع المناطق المحتلة، مقابل التطبيع وإنشاء حزام أمني عربي حول (إسرائيل).

وأخيرا، تخشى أبوظبي أن الضم الإسرائيلي لأراضي الضفة "دون تأييد دولي" يعزز مكانة كل من تركيا وقطر وإيران، على حساب محور مصر والسعودية والإمارات والبحرين، حسبما يرى معلق شؤون الشرق الأوسط بصحيفة "جيروزاليم بوست"

وبهذا فإن الرفض الإماراتي المعلن لضم دولة الاحتلال لأراضي الضفة الغربية لا يأتي في إطار معارضة الإمارات للسياسة الإسرائيلية، ولكن في إطار حرصها على الحفاظ على المكاسب التي حققتها مسيرة التطبيع العربي الصهيوني خلال الأعوام الأخيرة، وبحسب "جيروزاليم بوست"، فإن وزير الخارجية الإماراتي "عبد الله بن زايد" سبق أن نشر تغريدة تضمنت رابطا لمقال يدعو إلى إصلاح الخطاب الإسلامي كمقدمة لبناء تحالف بين (إسرائيل) والعرب.

وفي السياق، أكد "قرقاش" عبر تويتر على وجود تجاوب دولي مع التحرك الإماراتي ضد خطوة ضم السلطات الإسرائيلية لمناطق في الضفة الغربية.

يبقى موقف أبوظبي أقرب إلى نصيحة "صديق مخلص" إذن، حسب توصيف المحلل الإسرائيلي "تسيفي برئيل"، الذي أشار إلى أن رفض الإمارات للضم الأحادي للضفة من شأنه أن يمنحها شرعية مستقبلية في مواجهة الهجوم الواسع ضدها بعد الخطوات التطبيعية الرسمية التي اتخذتها، وآخرها هبوط طائرة ثانية في مطار بن غوريون، بزعم حملها مساعدات للشعب الفلسطيني.

لكن رئيس الوزراء الفلسطيني "محمد أشتية" صرح آنذاك، أن دولة الإمارات لم تُنسق مع حكومته بشأن أي مساعدات محتملة، مضيفا: "لا علم لنا بالمساعدات الإماراتية، وقد سمعنا عنها من وسائل الإعلام، ولم ينسق معنا بشأنها".

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (أحد الفصائل المكونة للمنظمة التحرير الفلسطينية)؛ قد حذرت، ببيان أصدرته في 12 يونيو/حزيران من "مساندة الإمارات لإسرائيل ضد مصالح العرب وأمنهم"، وهو ذات الموقف الصادر عن باقي الفصائل الفلسطينية، بما فيها فتح وحماس.

دعوة يهودية

يعزز من قوة هذا الترجيح إعلان اللجنة اليهودية الأمريكية عن مشاركة الوزير الإماراتي "أنور قرقاش" والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، السعودي "محمد العيسى"، في مؤتمر "المنتدى العالمي الأول للدعوة اليهودية" الذي تم افتتاحه في 14 يونيو/حزيران الحالي، وهو المنتدى الذي يهدف إلى "تعزيز رفاهية الشعب اليهودي وإسرائيل (..) في جميع أنحاء العالم"، حسبما يذكر موقعه الإلكتروني الرسمي.

وشارك في المؤتمر أيضا رئيس الحكومة الإسرائيلية البديل "بيني جانتس"، وشهد المؤتمر جلسات حوارية على مدار خمسة أيام ركزت بالأساس على الملفات التي تهم اليهود في العالم، بما في ذلك "تصاعد معاداة السامية وأشكال الكراهية في حقبة كورونا، والانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، ومساعي (إسرائيل) لتحقيق الأمن".

ويتبادل المسؤولون الإسرائيليون والإماراتيون الزيارات الرسمية منذ سنوات، وسمحت سلطات أبوظبي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018 للرياضيين الإسرائيليين بالتنافس تحت علم بلدهم في بطولة "جراند سلام" التي نظمها الاتحاد الدولي للجودو، كما أنشأ قرابة 3 آلاف يهودي يقيمون بالإمارات حسابا رسميا لهم على "تويتر" وفقا لما أورده موقع "يشيفا وورلد نيوز".

وفي هذا الإطار، يرى المحلل الإسرائيلي "جاكي حوجي" أن قادة الإمارات باتوا على استعداد للخروج بالعلاقات مع تل أبيب من السرية إلى العلن، وأن افتتاح سفارة إسرائيلية في أبوظبي لم يعد حلماً بعيد المنال، وفقا لما أورده عبر "تويتر".

ومن أجل الحفاظ على التطور الذي حققته العلاقات الإماراتية الإسرائيلية، ترغب أبوظبي في تمرير مخططات الضم الإسرائيلي للضفة عبر "توافق دولي" وفي إطار خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ "صفقة القرن"، التي سبق للإمارات مباركتها عبر بيان أصدرته سفارتها بواشنطن في 29 يناير/كانون الثاني الماضي.

وإزاء ذلك، فإن الأيام المقبلة قد تشهد قيام (إسرائيل) بتأجيل أو إبطاء جدول أعمال ضم الضفة، وهو ما ألمح إليه "نتنياهو" مؤخرا بتأكيده أن خرائط الضم النهائية لم يتم الانتهاء منها بعد، حيث ترغب (إسرائيل) ربما في إعطاء نفسها المزيد من الوقت للموازنة بين تعهدات "نتنياهو" الانتخابية وبين موقف الولايات المتحدة وبين مقتضيات المحافظة على تحالفات (إسرائيل) الإقليمية، وعلاقاتها المتنامية مع جيرانها العرب.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الضفة الغربية يوسف العتيبة بنيامين نتنياهو

إسرائيل اليوم: دول عربية أبلغت عباس أن ضم الضفة تدريجي

ألمانيا لإسرائيل: عقوبات أوروبية حال الإصرار على ضم الضفة

معهد عبري: هذه مزايا ومخاطر ضم الضفة بالنسبة لإسرائيل

دول الخليج وضم الضفة.. ماذا وراء الرسائل الإماراتية إلى إسرائيل؟

جيوبوليتيكال: انهيار النخب العربية الحاكمة يتطلب نجاح الثورة في دولة واحدة