رهانات خاسرة.. هل خسرت مصر جميع أوراقها في معركة سد النهضة؟

الخميس 18 يونيو 2020 07:50 م

"جميع مفاتيح النصر في أيدي الإثيوبيين، رغم أن المصريين يمتلكون مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة التي جمعوها لمدة 30 و40 سنة".. بهذه الكلمات عبر نائب رئيس الأركان الإثيوبي الجنرال "برهانو جولا" عن استعداد بلاده لمواجهة أي رد فعل من جانب القاهرة، مع اقتراب موعد بدء ملء خزان سد النهضة في يوليو/تموز المقبل.

وأعلنت مصر، مساء الأربعاء، انتهاء المفاوضات مع إثيوبيا حول أزمة "سد النهضة"، بسبب "تعنت" أديس أبابا ورفضها كافة المقترحات والحلول، وفقا لبيان لوزير الري والموارد المائية المصري "محمد عبدالعاطي".

وقال "عبدالعاطي"، إن مفاوضات سد النهضة التى أجريت على مدار الفترة الماضية لم تحقق تقدما يذكر، وذلك بسبب المواقف الإثيوبية المتعنتة على الجانبين الفني والقانوني، حيث رفضت إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وقالت إنها ستقبل فقط التوصل إلى قواعد إرشادية يمكن لها تعديلها بشكل منفرد، وتمسكت بحقها المطلق في إقامة مشروعات في أعالي النيل الأزرق.

وعلى مدى 9 سنوات من التفاوض، لم تقدم المباحثات شيئا للقاهرة، وفي المقابل فإنها منحت أديس أبابا الوقت اللازم لاستكمال بناء معظم السد الذي تخشى مصر أن يؤثر بشكل كارثي على حصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب.

وسبق أن امتنعت إثيوبيا في فبراير/شباط الماضي عن التوقيع على اتفاق أولي بوساطة أمريكية وقعت عليه مصر بالأحرف الأولى.

سيناريو مكرر

ومع انهيار المحادثات مجددا دون الوصول إلى نتائج، عادت إلى الواجهة مجددا التساؤلات حول الخطوات المقبلة التي ستتخذها القاهرة للحفاظ على أمنها المائي.

وبينما لم يستبعد رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات "هاني رسلان" احتمال لجوء مصر إلى السلاح في قضية سد النهضة، توقعت الخبيرة في الشؤون الأفريقية "أسماء الحسيني" أن تستمر مصر في مفاوضتها وخيارها السلمي لآخر لحظة، وأن تلجأ إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة، وليس إلى السلاح، حال فشل المفاوضات، وفقا لما أوردته قناة الحرة الأمريكية.

ويبدو أن أديس أبابا باتت تتوقع لجوء القاهرة قريبا إلى طلب وقف بناء سد النهضة عبر مجلس الأمن قبل التوجه إلى معركة قضائية دولية حال توجهت إثيوبيا إلى ملء السد دون اتفاق، ولذلك فإنها سعت لكسب المزيد من الوقت في المفاوضات، بينما تستمر في مباشرة خططها لملء خزان السد بشكل أحادي الشهر المقبل.

تتفق هذه القراءة أيضا مع تحذيرات وزير الري المصري الأسبق "محمد نصر علام" أيضا، الذي أشار، عبر "فيسبوك"، إلى بيان الاجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي المصري الذي حذر "من أن تصبح المفاوضات مع إثيوبيا أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات"، ورفض الملء المنفرد للسد أو الحديث الإثيوبي بشأنه، معتبرا أن لغة البيان جاءت تعبيرا عن أن صبر القاهرة "يكاد ينفد"، وأن المشاركة المصرية الحالية في المفاوضات مع إثيوبيا وفق شروط جدول زمني محدد تعد "فرصة أخيرة للسلام".

التحكيم الدولي

في هذا السياق، لوح وزير الخارجية المصري "سامح شكري" بخيار "تدويل الأزمة" في تصريحات أدلى بها خلال ندوة عن التحديات التي تواجهها الدبلوماسية المصرية نظمها مجلس الأعمال المصري بالتعاون مع وزارة الخارجية في 15 يونيو/حزيران، مؤكدا أن "الموقف التفاوضي الأخير لإثيوبيا لا يبشر بنتائج إيجابية".

وفي 6 مايو/أيار الماضي، تقدمت مصر بخطاب لمجلس الأمن الدولي لبحث تطورات السد، وفي حال اتخاذ المجلس لقرار في الملف فإنه يملك سلطات دولية تمكنه من إلزام إثيوبيا بقراراته، وهو ما لا يتوقع المراقبون في غياب اتفاق نهائي شامل.

وفي هذا السياق، ذكر موقع "ميدل إيست آي البريطاني"، الأحد (14 يونيو/حزيران)، أن سد النهضة بات يمثل "تحولا بالغ الأهمية في ميزان القوة في حوض النيل"، وأن السلطات المصرية -رغم كل اللهجة المتشددة في بياناتها- تدرك أن مشروع بناء سد النهضة سيصبح يوما ما في القريب العاجل "أمرا واقعا".

ولكن القاهرة في المقابل لا يبدو أنها تمتلك أي بدائل سوى الرهان على تعزيز موقفها الدولي، واستقطاب السودان إلى الموقف المصري، وهو ما يبدو أن القاهرة نجحت في فعله مؤخرا.

ووجهت الخارجية السودانية رسالة إلى مجلس الأمن مؤخرا دعت فيها المجلس إلى "تشجيع كل الأطراف على الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر على السلم والأمن الإقليمي والدولي".

موقف السودان

ويعبر هذا الموقف أن الخرطوم باتت تشعر بالقلق هي الأخرى حول نوايا إثيوبيا بشأن سد النهضة، حيث تخطط أديس أبابا لتخزين 14 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وهو رقم سيؤثر بشدة على حصص المياه في مصر والسودان، وفق المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة التيار السودانية "عثمان ميرغني".

من جانيه، يرى المحلل السياسي "ويليام  دافيسون"، من مجموعة الأزمات الدولية، أن مجلس الأمن يمكن أن يدفع إثيوبيا للتوصل إلى حال توافقي لكن ذلك يتطلب من القاهرة حشد الكثير من الدعم الدولي، مستبعدا في الوقت ذاته لجوء مصر للخيار العسكري على الرغم من التصعيد الحالي، وفقا لما أورده عبر حسابه الموثق عبر "تويتر".

فهل تنجح جهود القاهرة الدبلوماسية أم تستمر مراوغات أديس أبابا لكسب الوقت وفرض الأمر الواقع؟ الأسابيع القليلة المقبلة تحمل الإجابة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سد النهضة أديس أبابا سامح شكري

وزير الري السوداني: مفاوضات سد النهضة لم تحدد عدد سنوات تعبئته

الأمن القومي الأمريكي يدعو إثيوبيا لاتفاق عادل قبل ملء سد النهضة

البرادعي يدعو لكتاب أبيض حول سد النهضة