سر التوافق العسكري المفاجئ بين تركيا وإيران في العراق

الجمعة 19 يونيو 2020 08:45 م

في وقت سابق من هذا الأسبوع، بدا أن هناك ذوبانا في التوترات بين إيران وتركيا. فبعد أشهر من التوتر المتبادل، زار وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" إسطنبول؛ لمناقشة "جميع جوانب" العلاقات الإيرانية التركية مع نظيره "مولود جاويش أوغلو".

وبعد الاجتماع، أعلن الوزيران عن خطط لتعميق العلاقات التجارية، وزيادة التعاون في عملية السلام السورية، وإعادة فتح المعابر الحدودية بين إيران وتركيا. وتأتي هذه التطورات في سياق الوفاق الشرق الأوسطي الجديد الذي لا يزال في طور التكوين.

وفي العام الماضي، أطلقت تركيا عملية "المخلب" ضد المسلحين من حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وفي هذا الأسبوع فقط، شنت أنقرة هجمات جوية وبرية، أطلقت عليها اسم عملية "المخلب-النسر" ثم عملية "المخلب-النمر"، وشملت نشرا للوحدات الأرضية والمدفعية والجوية لتحييد 500 من الأهداف التابعة لحزب العمال الكردستاني، وإنشاء سلسلة من القواعد المؤقتة في المنطقة.

وفي الماضي، أطلقت تركيا هذه الأنواع من عمليات مكافحة الإرهاب وحدها. ولكن هذه المرة، كان لديها دعما. ومع بدء عملية "المخلب-النسر"، قصفت وحدات المدفعية الإيرانية في نفس الوقت العديد من مخابئ حزب العمال الكردستاني على طول الحدود الإيرانية العراقية حول منطقة "حاج عمران".

وكان هجوم إيران على أهداف تابعة لحزب العمال الكردستاني أكثر من مجرد صدفة. ويبدو أن أنقرة وطهران تهيئان الظروف لإطار تحالف جديد في بلاد الشام.

وإذا كان البلدان يتعاونان بالفعل ضد الأكراد، فسيكون ذلك تطورا غير متوقع؛ لأن تركيا سعت منذ فترة طويلة إلى حشد الدعم الإيراني ضد حزب العمال الكردستاني دون نجاح.

وتتخذ تركيا إجراءات صارمة لأعوام ضد المتمردين المشتبه في أنهم من حزب العمال الكردستاني في جنوب تركيا وشمال العراق، لكنها تعترف بأنها لا تستطيع الاستمرار في القيام بذلك بمفردها.

ولأسباب جغرافية، تحتاج تركيا إلى مساعدة إيران. ويقع قلب عمليات حزب العمال الكردستاني وفروعه في جبال قنديل بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية.

وتوفر التضاريس القاسية تغطية سهلة للمتمردين، في حين أن القرب من المعابر الحدودية الرئيسية يسمح للمتمردين بتجاوز الحدود التركية واستخدام الحدود الإيرانية كممر للوصول إلى الفروع خارج العراق.

وبدون شن حملة إيرانية على الملاذات الآمنة للمتمردين على طول حدودها مع العراق وتركيا، ستكافح أنقرة من أجل القضاء التام على قبضة حزب العمال الكردستاني الإقليمية.

وبالرغم من الضغط التركي لأعوام، تجاهلت طهران أنقرة تماما. ولا يعد الاثنان متنافسين إقليميين فحسب، بل أيضا متنافسين على النفوذ في العراق.

وبالرغم من التاريخ الصعب، عززت تركيا العلاقات مع حكومة إقليم كردستان، في محاولة لموازنة النفوذ الإيراني داخل الحكومة العراقية، وردع إيران عن بناء "الهلال الشيعي" من جبال زاجروس إلى البحر الأبيض المتوسط.

وفي حين لا تدعم تركيا استقلال الأكراد بأي حال من الأحوال، فقد دعمت اكتفاء الأكراد الذاتي من الطاقة، عبر شراء صادرات النفط والغاز من حكومة كردستان لتلبية الطلب التركي المتزايد وتنويع طرق الإمداد.

ولأعوام، هددت هذه الأهداف النفوذ السياسي للحكومة العراقية واحتكارها لإيرادات الطاقة، ما وضع أنقرة على خلاف مع طهران.

وواصلت إيران دعم الفصائل، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني، بشكل غير مباشر لتقويض المصالح التركية وحكومة إقليم كردستان في العراق.

لكن الدولتين وجدتا مؤخرا أسبابا للتعاون في شمال العراق. فهما يشتركان في اهتمام نشط في منع امتداد القتال إلى العراق، خاصة بعد ظهور علامات على اشتباك صاعد بين حزب العمال الكردستاني وحكومة إقليم كردستان هذا العام، كان من شأنه أن يزعزع استقرار المناطق على عتبات تركيا وإيران، وربما يحرض على اشتباكات مناهضة للحكومة داخل المجتمعات الكردية في كلا البلدين.

وكان خطر امتداد القتال إلى أراضي الدولتين، مقترنا بتراجع السيطرة الإيرانية على الوكلاء في الحكومة العراقية الجديدة، هو ما أجبر طهران على تغيير موقفها تجاه أنقرة.

ومن غير الواضح إلى أي مدى ستذهب هذه الشراكة. وتواصل إيران وتركيا متابعة أجندات مختلفة في سوريا والأراضي الفلسطينية والشرق الأوسط. وفي نهاية المطاف لا يزال كل منهما يرى الآخر منافسا صعبا.

لكن تجربتهما الأخيرة في شمال العراق تعد علامة قاطعة على أولويات الأمن القومي الجديدة وتغيرات هياكل التحالفات في بلاد الشام.

المصدر | كارولين روز/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الإيرانية التنافس التركي الإيراني حزب العمال الكردستاني

على خطى حلفائها.. مصر تدين تدخلات تركيا وإيران في العراق

كيف لعبت تركيا بالورقة الإيرانية لدحر حفتر وكسب الدعم الدولي بليبيا؟

تركيا تكمل جدارها الحدودي مع إيران نهاية 2020

العراق ليس سوريا.. هل تستطيع أمريكا محاكاة استراتيجية إسرائيل تجاه إيران؟

زواج المصالح.. ماذا وراء التقارب الناشئ بين تركيا وإيران؟

العراق يلغي زيارة أكار احتجاجا على قصف سيدكان

على خلفية اتهامات لأنقرة بانتهاك سيادة العراق.. تركيا تستدعي السفير الإيراني

العراق يقدم مقترحا إلى تركيا لتشكيل تكتل اقتصادي يضم أيضا إيران