هل يمكن أن تسقط عقوبات قيصر الأسد؟

الأربعاء 24 يونيو 2020 08:26 ص

هزم "بشار الأسد" إلى حد كبير التمرد ضد حكمه، لكن الاقتصاد السوري في حالة انهيار؛ حيث تسببت الأزمة الاقتصادية والسياسية الأخيرة في الجارة لبنان، إلى جانب تأثير 9 سنوات من الحرب الأهلية والعقوبات الغربية والفساد الممنهج من الحكومة، في عجز وانتشار للبطالة وانهيار الليرة السورية.

والآن، يواجه نظام "الأسد" المأزوم والشعب السوري الذي عانى طويلاً، والذي يعيش 80% منهم في فقر، تحدياً جديداً؛ عقوبات "قيصر" التي فرضتها واشنطن.

توقعات مفرطة التفاؤل

في حين واجه نظام "الأسد" عقوبات غربية قبل بدء حربه الأهلية حتى في عام 2011، فإن هذا النهج الجديد من واشنطن أوسع نطاقا.

فبدلاً من استهداف أفراد النظام فقط، يعاقب قانون "قيصر" أي شركة أو فرد من أي بلد يتعامل مع الجهات الخاضعة للعقوبات.

ومن المتوقع أن يردع هذا الشركات الأجنبية عن الاستثمار ويحرم الحكومة من رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه ويسرع التراجع الاقتصادي.

تأمل الولايات المتحدة في أن يجبر هذا النظام على تقديم تنازلات سياسية، ويضبط سلوكه، أو أن يدفع هذا في أحسن الأحوال إلى انقلاب داخلي ضد "الأسد"، وتكهن العديد من المعلقين بالفعل بأن هذه قد تكون اللحظة التي ينتهي فيها حكم "الأسد" الدموي.

ومع ذلك، تبدو هذه النتيجة غير محتملة، بناءً على تجربة العقوبات على سوريا وبلاد أخرى في الماضي، فعلى الرغم من إعجاب صانعي السياسة الغربيين بها كوسيلة للتأثير على الحكومات الأجنبية دون عمل عسكري، فنادرًا ما تحقق العقوبات الاقتصادية أهدافها المعلنة.

تشير معظم الدراسات إلى أن العقوبات يحتمل أن ترسخ نظامًا استبداديًا أكثر من أن تؤدي إلى إنهائه أو ضبط سلوكه، والمثال الكلاسيكي على ذلك يتمثل في معاقبة "صدام حسين" من 1991 إلى 2003.

كان الهدف من العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة هو دفع النخبة العراقية للإطاحة بـ"صدام"، ولكنها أفقرت الشعب العراقي بدلًا عن ذلك.

وفي غضون ذلك، تم تمكين نظام "صدام"، ما زاد من اعتماد السكان على الحكومة في الحصول على الغذاء، فيما ألقت الحكومة باللوم على العالم الخارجي في فقرهم.

تحايلات على الخسائر

على الرغم من أن سوريا "الأسد" لم تواجه حتى الآن عقوبات شاملة مثل عراق "صدام"، فقد ظهر نمط مماثل؛ فمنذ عام 2011، واجه "الأسد" ومعاونوه ومؤسسات النظام ومصادر الدخل الرئيسية عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لم يكن هناك انقلاب ضد حكم "الأسد"، ولا توجد أي علامة على قيام دمشق بضبط سلوكها بالتوقف عن قمع المعارضين أو تقديم تنازلات سياسية.

وجدت دمشق طرقاً لتخفيف الخسائر، بمساعدة من حلفائها في إيران وروسيا، وكلاهما تحايل على العقوبات المفروضة عليهما، وكما هو الحال في عراق "صدام"، أصبح الأفراد المرتبطون بالنظام أكثر ثراءً وقوة على مدار النزاع، وانتقل عبء العقوبات ليصبح على كاهل السكان بدلاً من النخبة.

فلماذا إذن يعتقد صانعو السياسة الأمريكيون ومؤيدوهم أن قانون "قيصر" سينجح فيما فشلت فيه العقوبات السابقة على سوريا والعراق وأماكن أخرى بشكل واضح؟

ربما يعود الأمر إلى حجم ونطاق عقوبات "قيصر"، التي تعد أكبر بكثير من أي شيء مر به "الأسد" من قبل (إن لم يكن "صدام")، ومن شبه المؤكد أن هذا سيشل الاقتصاد السوري المحاصر أكثر، وقد يؤدي إلى اضطرابات من الجهات الموالية سابقًا.

في الأسابيع الأخيرة، شهدت مدينة السويداء التي يغلب عليها الدروز والتي عادة ما تكون هادئة، احتجاجات تتعلق بالصعوبات الاقتصادية، في حين أبلغ الصحفيون عن تذمر على طول الساحل المؤيد لـ"الأسد".

ومع ذلك، ففي حين أن مثل هذه الاحتجاجات قد تستمر بل وتتسع، فقد أظهرت السنوات التسع الماضية أن الاضطرابات الشعبية غير كافية لإسقاط هذا النظام.

"الأسد" وحلفاؤه الأجانب على استعداد لسحق المعارضة إذا هددت حكمهم، و"حزب الله" أحد هؤلاء الحلفاء، وقد شدد مؤخراً على ذلك من خلال التعهد بـ"عدم التخلي عن سوريا في مواجهة الحرب الاقتصادية".

الانقلاب أيضًا مستبعد بالمثل؛ حيث ترتبط معظم النخبة الاقتصادية السورية بالنظام وهي نفسها إما مشمولة بالعقوبات، أو ستفقد وصولها إلى الامتيازات الاقتصادية إذا سقط النظام.

علاوة على ذلك، فإن لدى "الأسد" نظامًا مقاومًا للانقلاب مثل "صدام"، ما يجعل من الصعب للغاية القيام بانقلاب، حتى لو أرادت نخب النظام ذلك.

طريقة تفتقر للجدوى

ربما يأمل واضعو قانون "قيصر" بدلاً من ذلك في أن تجبر زيادة العقوبات "الأسد" على تعديل سلوكه وقبول بعض التنازلات السياسية.

تسبب تهديد القوة في الماضي بجعل دمشق تتنازل، حيث تخلت عن معظم أسلحتها الكيميائية في صفقة أدارتها روسيا في عام 2013، بعد أن هدد الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" بشن هجمات صاروخية.

تقدم عقوبات "قيصر" مخرجًا مماثلا لـ"الأسد"، مع 7 معايير يجب الوفاء بها، لكنها تشمل معايير يبغضها النظام، مثل إنشاء "مساءلة ذات معنى"، ومثل هذه الطلبات هي تنازلات أكبر بكثير من نزع السلاح الكيماوي، وحتى في ذلك الحين، لم يمتثل "الأسد" بشكل كامل.

لا شيء في سلوك "الأسد" السابق يشير إلى أنه على استعداد للتخلي عن أي قوة كبيرة لتخفيف الضغط الخارجي، حتى إن حليفه روسيا يكافح لدفعه نحو تنازلات سياسية أصغر بكثير.

بطبيعة الحال، يعرف صناع السياسات أن العقوبات لا تفلح عادة بإحداث جدوى، لكنها تظل الأداة المفضلة للحكومات الغربية.

إنها وسيلة لإعطاء إشارة للأنظمة القمعية بأن هناك عواقب على وحشيتها، كما يستخدمها السياسيون أيضًا لتظهر للجمهور المحلي والأجنبي الأساسي أنهم "يفعلون شيئًا"، دون الاضطرار إلى شن مغامرات عسكرية أكثر خطورة وتكلفة.

عقوبات "قيصر" لا تختلف عن ذلك، وجاءت بعد أن ضغط الأمريكيون السوريون على الكونجرس، بدلاً من أن تكون جزءا من استراتيجية مدروسة من الحكومة الأمريكية لمناهضة "الأسد".

ومثل العقوبات السابقة، من المحتمل أن تضر الشعب السوري أكثر من غيرهم، بينما يجد "الأسد" وحلفاؤه تحايلات حيث يمكنهم ذلك، ويرسخون حكمهم أكثر وينقلون أي معاناة إلى الشعب بشكل أوسع.

ربما تكون هذه المرة مختلفة، ويكون قانون "قيصر" مثالًا نادرًا للعقوبات الناجحة التي تحدث تغييرًا إيجابيًا، لكن التجارب السابقة تشير إلى خلاف ذلك.

المصدر | كريستوفر فيليبس | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قانون قيصر نظام الأسد الليرة السورية

بين واشنطن والأسد.. الإمارات في مرمى قانون قيصر

بعد قيصر.. الأسد يخسر الصين والإمارات ويزداد اعتمادا على روسيا وإيران

قانون قيصر.. هل حانت لحظة محاسبة بشار الأسد؟

كيف ساهم قانون قيصر في تعميق علاقات إيران مع النظام السوري؟