العملة الموحدة.. حلم الخليجيين الذي تحول إلى سراب

الأربعاء 24 يونيو 2020 09:37 م

في الآونة الأخيرة، تجدد الحديث القديم حول الحلم طويل الأمد لدول مجلس التعاون الخليجي الست لإطلاق عملة موحدة.

ووفق تصريحات صادرة حديثا عن الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية والتنموية في المجلس "خليفة العبري"، فإن 4 دول في مجلس التعاون الخليجي (لم يحددها)، تعمل على  تهيئة الظروف المناسبة لإطلاق عملة خليجية موحدة.

ويضم الاتحاد النقدي الخليجي 4 دول خليجية فقط، هي "السعودية، قطر، البحرين، والكويت"، بينما ترفض سلطنة عمان الدخول في الاتحاد بسبب الاختلاف على معايير المشروع.

أما دولة الإمارات فهي تتحفظ منذ سنوات على خطة العملة الموحدة اعتراضا على اختيار الرياض مقرا للمصرف المركزي الخليجي.

وكانت فكرة إنشاء اتحاد نقدي، هدف رئيسي لدول الخليج في منتصف الثمانينات، واعتبرت تمهيداً لتدشين مصرف خليجي موحد في مارس/آذار 2010، لكن هذه الخطط تعثرت بسبب خلافات الدول الأعضاء.

حلم متعثر

بدأت الجهود الخليجية لتدشين عملة موحدة على غرار "اليورو" في دول الاتحاد الأوروبي، في يونيو/حزيران 2009، بتوقيع كل من السعودية والكويت وقطر والبحرين، على اتفاقية الوحدة النقدية الخليجية.

وكان من المفترض أن يعلن عن ولادة العملة الخليجية الموحدة في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2013، لكن العلم الخليجي تعثر وجرى تأجيله أكثر من مرة لأسباب فنية وسياسية.

ورغم ذلك، شهدت السنوات الماضية، زخما في القرارات الاقتصادية الموحدة مؤخراً، مثل فرض ضربية القيمة المضافة، وغيرها من أنظمة السياسة النقدية والمالية.

ويحتل الاقتصاد الخليجي، المرتبة الـ12 ضمن أكبر اقتصادات العالم، بناتج محلي إجمالي بلغ 1.62 تريليون دولار، بينما يأتي كخامس أهم اقتصاد من حيث التبادل التجاري مع العالم، بإجمالي نحو 1.42 تريليون دولار.

ويقول "العبري" (عماني الجنسية)، إن هناك متطلبات فنية ومالية تتعلق بالسياسية النقدية والمالية من المهم الاتفاق عليها لاستكمال إنشاء العملة الموحدة.

عقبات سياسية

ربما تكون هناك معوقات اقتصادية تحول دون اكتمال الحلم، لكن السبب الرئيس وراء عدم صدور العملة الخليجية الموحدة حتى الآن، يرتبط في الأساس بالإرادة السياسية، بحسب تأكيد الخبير المصرفي "محمد العون".

وتعيش منطقة الخليج في خضم أزمة سياسية حادة منذ 5 يونيو/حزيران 2017، بعد قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرض حصار عليها بدعوى دعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم "الرباعي العربي" بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها المستقل.

ويدخل الحصار الرباعي على قطر عامه الرابع على التوالي، دون وجود بوادر لإنهائه، ما يعني أن تحقيق تقدم صوب عملة موحدة لدول مجلس التعاون، بات حلما بعيد المنال.

وهناك عقبة سياسية ثانية، تتمثل في خروج الإمارات وسلطنة عمان من الاتحاد النقدي الخليجي، ما يعني أن العملة الموحدة –حال إطلاقها- ستكون لأربع دول فقط من المجلس.

ويعد إصرار الإمارات، وهي ثاني أكبر اقتصاد عربي، على أن تكون هي دولة المقر للبنك المركزي الخليجي، سببا آخر للخلاف حول المشروع برمته.

وتعد احتمالات السير قدما نحو توحيد العملة في دول الخليج أمرا مستبعدا، مع ما يعانيه مجلس التعاون من خلافات سياسية ودبلوماسية في المقام الأول، بحسب مركز "بروكنجز" الدوحة.

معوقات اقتصادية

إضافة إلى ذلك، هناك عقبات اقتصادية كبيرة تقف فقي طريق مشروع العملة الموحدة، على رأسها ضرورة تحديد علاقة العملات الخليجية والعملة الموحدة بالعملات العالمية وخصوصا الدولار الأمريكي.

ومنذ عقود ترتبط عملات خمس من دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار، فيما تظل الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تربط عملتها بسلة من العملات.

ويزيد الأمر صعوبة، الحاجة أولا إلى توحيد القوانين الخليجية في مجال التجارة والاتحاد الجمركي، وتفعيل السوق المشتركة، كخطوة تكاملية يجب أن تسبق إقرار العملة الموحدة، بحسب الخبير الاقتصادي الكويتي "عدنان الدليمي".

وهناك معايير أخرى يجب توافرها قبل إقرار العملة الموحدة، تتعلق بالتقارب بين الدول في مؤشرات سعر الفائدة، ومستوى التضخم، والديون العامة، وحجم الاحتياطي النقدي، ونسبة العجز في الموازنة العامة.

كذلك تبقى الشكوك تحوم حول المكاسب الاقتصادية لدول مجلس التعاون حال إقرار العملة الموحدة، والتخلي عن ربط عملاتها بالدولار الأمريكي.

اللافت أن الخلاف الخليجي، طال كذلك تسمية العملة الخليجية الموحدة، وهي نقطة رغم كونها غير جوهرية، لكنها تكشف مدى عمق الصدع الخليجي.

ويدور الخلاف حول عدة أسماء منها "خليجي" و"كرم" و"الدينار الخليجي"، ويعد الأخير الأكثر ترجيحا.

ولا يمكن تجاهل هشاشة الاقتصاد في البحرين وعمان، ما يزيد من  من فرص وقوع أحداث خارجية تتسبب بأزمات في العملة في البلدين وتخفيض من قيمتها.

وفي حال إقرار عملة خليجية موحدة، قد تتسبب أزمات العملة في البحرين وعمان في آثار موجية تمتد إلى جميع دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي قد يتسبب في تخفيض قيمة العملة وخسائر في الاحتياطيات النقدية.

يبقى الحلم قائما لكنه بعيد المنال، وقد يكون سرابا مع طول أمد الأزمة الخليجية، والفشل في التوافق على تفعيل السوق المشتركة، والمصرف الخليجي المركزي، كلبنات أولى لإطلاق العملة الموحدة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وزير خارجية قطر وبومبيو يناقشان وحدة الخليج والتهديدات الإقليمية

ورشة عمل لدول الخليج تبحث مشروع العملة الرقمية المشتركة

لمواجهة مشاكل مشتركة.. هل بات تعزيز الترابط الخليجي ضرورة مصيرية؟