حــركـة مقـاطعــة (إسـرائيل) .. ومعـركــة «وعي الحـقيقــة»

الجمعة 28 أغسطس 2015 07:08 ص

مؤخراً، أطلقت منظمات وجمعيات إسرائيلية حملة تهدف إلى الضغط على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لسحب الجنسية الإسرائيلية من الداعين والمؤيدين لحركة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي حول العالم BDS (حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات) التي نجحت في استقطاب آلاف المؤيدين، وأثارت قدراً لا بأس به من الغضب والخوف معاً في إسرائيل عقب تسببها بخسائر سياسية وإعلامية ومعنوية واقتصادية مهمة للدولة الصهيونية.

فقد تكبدت إسرائيل جراء حملة المقاطعة الأوروبية فقط على منتجاتها الزراعية الخاصة بالمستوطنات، في عامي 2013 و2014، خسائر وصلت إلى 6 مليارات دولار. وذكرت صحيفة «هاآرتس» أنه «إذا استمرت حملة المقاطعة، سيصل حجم الخسائر إلى حوالي 9.5 مليار دولار، أي أنها ستخسر في عام 2015 وحده 3.5 مليار دولار». وقد طالب كل من الدكتور «آفي ياعكوفيتش» رئيس ما يسمى «لجنة متضرري الإرهاب» بالضفة الغربية، وكذلك عضو اللجنة المحامي «غال وولفيتش»، بسحب الجنسية من داعمي حراك المقاطعة العالمي بتهمة «خيانة إسرائيل».

وفي السياق، أيضاً، كشفت صحيفة «هآرتس» عن مخطط إسرائيلي، يهدف إلى ملاحقة الداعين إلى مقاطعة إسرائيل في دولهم، وهو ما يكشف عن مدى فعالية المقاطعة، بعد محاولات إسرائيل التقليل من شأن هذه الدعوات، ففوجئت باتساع نطاقها، وهو ما دفع بها لاتخاذ قرارات لمجابهة هذه «الحرب»!

«إسرائيل تواجه طوقاً من الكراهية يهدد بخنقها»! هذا ما قاله رئيس المعارضة الإسرائيلية «يتسحاق هيرتسوغ»، معقباً على تصريحات المدير العام لشركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات حين أعلن في بداية يونيو الماضي رغبته في وقف العمل في إسرائيل. وفي ذات الوقت، نشرت صحيفة «هافنجتون بوست» الأميركية تقريراً ورد فيه أن «سلاح المقاطعة أصبح يشكل تهديداً حقيقياً لإسرائيل، رغم سعيها للتقليل من شأنه، والضغط على الدول الغربية لإجهاض هذه التحركات. إن المقاطعة حرب بمعنى الكلمة، يتم شنها باعتماد أسلحة غير تقليدية. وهذا ينطبق تماماً على الحملة العالمية التي تدعو لعزل إسرائيل».

ويحذر الباحث الإسرائيلي «بن درور» من أن «الأحكام أو الانتصارات القضائية في الغرب ضد مقاطعة إسرائيل من شأنها أن تخلق انطباعاً مضللا لأن حركة المقاطعة تحقق انتصارات مهمة في المعركة على الوعي». ثم يضيف بعداً آخر حين يقول: «المعركة تدور بالأساس على الوعي لا على الناحية المالية». ويضيف بن درور: «هذه ليست انتقادات بل عمليات شيطنة لإسرائيل. فالحملة تحقق نجاحاً باهراً لأنها تتحدث للعالم بخطاب حقوقي».

من جانبها، أشارت «الرابطة ضد التشهير» الموالية لإسرائيل (ADL) إلى ارتفاع كبير بعدد وقوة «الاعتداءات اللاسامية» داخل الجامعات الأميركية (530 «اعتداء») علاوة على 29 مبادرة داخل هذه الجامعات لمقاطعة إسرائيل. وقالت «إن طلاباً أميركيين يهوداً يضطرون لحجب هويتهم بسبب الخوف من الاعتداء عليهم. في المقابل، يشار إلى أن أوساطاً من الطلاب اليهود في الولايات المتحدة ينشطون ضد إسرائيل ويوجهون لها انتقادات».

ومع ذلك، رأينا كيف تعهدت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، بـ«إعطاء الأولوية لمواجهة المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية، وسحب الاستثمار وفرض العقوبات على إسرائيل، وذلك بعد يومين من بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية يخفف من وطأة ما حمله قانون التجارة الذي وقعه الرئيس أوباما ويوضح بأن «الإدارة لن تتصدى لحملات مقاطعة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، حيث إن هناك فرقاً بين إسرائيل والأراضي المحتلة».

إن الخوف الإسرائيلي من الخارج لا يقل عن المخاوف من الداخل. فالحركات اليسارية الإسرائيلية، واليهودية المناهضة للاحتلال والصهيونية، والتي تتهمها إسرائيل دوماً بـ«معاداة السامية»، تنشط في دول عالمية عديدة، علماً بأن نشطاء يهود يشاركون في هذه التحركات، بعضهم من حملة الجنسية الإسرائيلية، ويتلقون دعماً من بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، مثل صحيفة «هاآرتس»، وجمعيات إسرائيلية مثل جمعية «بيتسيلم»، و«السلام الآن»، ومثل «كسر الصمت» التي قامت مؤخراً بنشر شهادات لجنود إسرائيليين حول انتهاكات جيش الحرب الإسرائيلي أثناء حربه الأخيرة على قطاع غزة.

وختاماً، ولربما أهم من كل ما سبق، نلاحظ أن تهديد «حملة المقاطعة» لا يترسخ على مستوى الدول بل يتجذر داخل الجماهير، وبالذات في المجتمعات الأهلية الغربية. ومعلوم أن الشبكة العنكبوتية، بكل ما حملته وعززته من وسائل الاتصال الجماهيري، قد زادت من نجاحات حملة المقاطعة الدولية.

وهذا، في واقع الحال، إنجاز وضربة قوية للمساعي الإسرائيلية التي تحاول تصوير تلك الحركة بأنها امتداد للعداء لإسرائيل واليهود كجزء من العداء للسامية. واليوم تخشى الدولة الصهيونية من تزايد ممارسات المقاطعة لها في العالم في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم، ومن نزع شرعية وجودها وليس شجب ممارساتها أو انتقاد احتلالها واستيطانها فحسب. فعلا، إنها في الجوهر معركة تأتي في نطاق «وعي الحقيقة» بعد طويل خداع وتزوير.

  كلمات مفتاحية

حركة مقاطعة إسرائيل نتنياهو BDS المستوطنات

حركة المقاطعة «B.D.S» في سنتها العاشرة تحشد يهود أميركا ضد إسرائيل

كيف ندعم حركة المقاطعة الدولية ضد «إسرائيل»؟

حركة المقاطعة.. رد أخلاقي