حركة المقاطعة.. رد أخلاقي

الأحد 14 يونيو 2015 05:06 ص

كان رد الحكومة الإسرائيلية على حركة BDS أو «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» متوقعاً بشكل كبير. وفي ضوء عجز القادة الإسرائيليين عن إخضاع أنفسهم لأي نقد ذاتي أو وقفة مع النفس، حاولوا بدلاً من ذلك صب جام غيظهم على منتقديهم وضحاياهم.

وخلال السنوات الأخيرة، طبق عدد من الكيانات والجهات تدابير لمقاطعة إسرائيل، بينما يدرس بعضها إجراءات عقابية أخرى في محاولة لإحداث تغيير في السلوكيات الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة. وتطالب الحكومات الغربية إسرائيل بوضع علامات على المنتجات توضح ما إذا كان منشؤها المستوطنات في الضفة الغربية لكي تميزها عن صادراتها الأخرى.

وقررت أيضاً بعض الكنائس وصناديق التقاعد الأميركية سحب استثماراتها من الشركات التي تؤيد الاحتلال والمؤسسات الاستيطانية. ونجحت جماعات طلابية أميركية وبريطانية في الفوز بأصوات تطالب مؤسساتها بدعم «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات». وأشارت أيضاً بعض المنظمات الأكاديمية والعلماء والممثلين المشهورين إلى أنهم لن يتعاونوا مع أية أحداث تؤيدها أو تستضيفها المؤسسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

ومثل هذه الإجراءات ليست فقط تعبيرات مشروعة عن المخاوف السياسية، ولكنها أيضاً رد أخلاقي قوي على السلوكيات الإسرائيلية. وفي مواجهة: «استمرار تحدي إسرائيل للقانون الدولي، وسرقتها للأراضي الفلسطينية من أجل إنشاء مستوطنات وطرق لليهود، وأساليب القسوة والإذلال اليومية للأسرى الفلسطينيين»، فإن الرغبة في النأي بأنفسهم ورفضهم لتأييد ذلك السلوك، هو الشيء الصحيح. وفي مواجهة نظام دولي ينأى بنفسه، ويرفض التصرف بحسم لكبح التصرفات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فإن رد حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» يحظى بتأييد أكبر.

وفي مواجهة حملة الضغوط الدولية المتزايدة، تخوض حكومة تل أبيب معركة دفاعية، وتنطّع نتنياهو أثناء حديثه في إسرائيل خلال الأسبوع الماضي قائلاً: «إننا في خضم معركة كبيرة تم شنها ضد إسرائيل، وهي حملة دولية لتشويه اسمها، وآخر شيء ينبغي علينا فعله هو أن نطأطئ رؤوسنا ونسأل أنفسنا أين الخطأ الذي ارتكبناه، لأننا لا نخطئ ولم نرتكب خطأ»!

وزعم نتنياهو أن وراء هذه الحملة الدولية معاداة للسامية في شكل جديد. وذهب آخرون في حكومته إلى ما هو أبعد، واصفين حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» بـ«الإرهاب» أو مساواتها بالجهود النازية لشيطنة أو محو اليهود!

وكرد مبدئي، جرم النظام القانوني في إسرائيل الأنشطة التي تؤيد الحركة، واقتفى الموالون لإسرائيل في الكونجرس أثرهم بتبني صيغة في كل من قانوني التجارة وسلطة الجمارك الأميركية، المنظورين، من شأنها استهداف الدول أو الشركات التي تقاطع أو تعاقب أو تسحب أموالها من إسرائيل بأية صورة.

وبالطبع، تتصرف إسرائيل بوقاحة، فهي تصادر الأراضي وتهدم المنازل الفلسطينية بلا رادع أو عقاب، وتعتدي على الحريات الأساسية للفلسطينيين، ثم تقوم بمعاقبة السلطة الوطنية عن طريق رفض تحويل إيرادات الضرائب، على رغم أنها أموال فلسطينية بصورة قانونية، وتساند التشريعات الأميركية التي تعاقب وتسحب التمويلات من أي كيان تابع للأمم المتحدة يعترف بالحقوق الوطنية الفلسطينية.

ولكن عند مواجهة جرعة من الدواء ذاته، لا يصرخ نتنياهو فحسب، ولكن أيضاً يصم خصومه بأنهم معادون للسامية، ويهدد بردود أفعال قاسية.

وتبدو إسرائيل بحماقة طفل مدلل لا يصر فحسب على الفوز بكل لعبة، ولكن أيضاً على تحدي قواعد اللعبة كافة. وعندما لا يوافق الجميع على هذه «القواعد»، ينتابها الغضب المقترن بتهديدات الانتقام. وقد أصبح هذا الطفل الفاسد متنمّراً ومغروراً وخارجاً عن السيطرة.

وهذه قصة قديمة، فعندما صوتت الأمم المتحدة بأغلبية 143 عضواً مقابل ثلاثة فقط لمصلحة وضع فلسطين كدولة، شجبت إسرائيل المنظمة العالمية ووصفتها بأنها «مجموعة من الدول المعادية للسامية وديكتاتوريات العالم الثالث». وأصرت إسرائيل على أن الأمم المتحدة منظمة متحيزة لا أمل فيها، وعاجزة عن لعب أي دور منصف!

ثم ما انفك مؤيدو إسرائيل يضغطون على الكونجرس الأميركي الذي بات في الحقيقة متحيزاً بشكل كبير، لتمرير تشريع أحادي الجانب مناهض لفلسطين أو معادٍ للأمم المتحدة، وهم يفعلون ذلك من دون إحساس بأية مفارقة!

وخلال الأسابيع الأخيرة، انضم إلى جهود نتنياهو لشيطنة حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» الكونجرس، وأيضاً عدد من المجالس التشريعية في الولايات، التي مررت قوانين مناهضة للحركة، ثم انضمت إليها الآن مجموعة من أصحاب المليارات الموالين لإسرائيل والجماعات المتطرفة المروجة لـ«الإسلاموفوبيا»، بهدف إسكات الحركة في الولايات المتحدة.

  كلمات مفتاحية

إسرائيل نتنياهو حركة المقاطعة الكونجرس الإسلاموفوبيا أمريكا

كيف ندعم حركة المقاطعة الدولية ضد «إسرائيل»؟

حركة المقاطعة «B.D.S» في سنتها العاشرة تحشد يهود أميركا ضد إسرائيل

«أمـان» تتجسس على عشرات منظمات مقاطعة (إسرائيل)

حــركـة مقـاطعــة (إسـرائيل) .. ومعـركــة «وعي الحـقيقــة»

تحليل من الصحافة العبرية: أوروبا تِسمنا من جديد

«هآرتس»: شركات تنقل مصانعها من المستوطنات إلى (إسرائيل) تجنبا للمقاطعة

الكويت.. تجربة رائدة في مقاطعة (إسرائيل) رغم التجاوزات