الكويت.. تجربة رائدة في مقاطعة (إسرائيل) رغم التجاوزات

الأربعاء 25 نوفمبر 2015 07:11 ص

تعتبر التجربة الكويتية، في مقاطعة (إسرائيل)، على المستور الرسمي والشعبي، رائدة، كما أنها تعد «حالة استثنائية عربية» في هذا الصدد، بحسب الناشط السياسي «عمر البرغوثي» وأحد مؤسسي حركة «مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل - BDS»، بالكويت.

قانون المقاطعة

وتعود بداية حركة مقاطعة (إسرائيل)، في الكويت، إلى القانون 21 لسنة 1964 «الذي يحظر حيازة وتداول السلع الإسرائيلية بكل أنواعها»، وقد تم إقرار القانون من كل الوزراء والنواب الحاضرين بدون أي امتناع أو اعتراض، وفقا لما جاء في المضبطة رقم 55، في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 9 مايو/أيار 1964.

وحظرت مواد القانون التعامل مع «كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجريس أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته»، ولم يتوان واضعو نصوص القانون عن إنزال أقصى العقوبات على مخالفيه، ومنها الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامات المالية الضخمة.

وعلى الرغم من هذا القانون، إلا أن تاريخ المقاطعة الشعبية لـ(إسرائيل)، أقدم من هذا القانون، حث أن المساهمة الشعبية في المقاطعة سبقت المؤسسات الرسمية في الكويت.

حيث تم تشكيل لجنة «كل مواطن خفير» التي شكلت بمبادرة من «النادي الثقافي القومي» صاحب الصلة الوثيقة بالقوميين العرب في الكويت، إذ لعب المناضل الكويتي «أحمد الخطيب»، أحد مؤسسي حركة القوميين العرب، دورا بارزا في تأسيس هذا النادي، وفقا لما جاء في كتاب «المجتمع المدني والحركة الوطنية في الكويت»، للدكتور «فلاح المديرس».

أدى هذا الضغط إلى موافقة الحكومة الكويتية على تأسيس وافتتاح «مكتب مقاطعة إسرائيل» عام 1957، وأدى التلاحم بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات المنتخبة والشعب إلى بيئة مساندة لمقاطعة الكيان الصهيوني في الكويت، وعلى الرغم من التدهور في العلاقات الكويتية-الفلسطينية، في فترة ما بعد حرب الخليج، إلا أن المزاج الشعبي ظل معاديا للكيان الصهيوني، وقد انعكس ذلك على جدية مجلس الأمة والمؤسسات الحكومية في تفعيل مقاطعة الكيان الصهيوني.

كما لعب مجلس الأمة، دورا بارزا في تفعيل قانون مقاطعة (إسرائيل) وفي رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، بشكل عام.

فعلى سبيل المثال في عام 1972، انتشرت أنباء عن قيام «أحمد الجارالله» رئيس تحرير صحيفة السياسية بالكويت باتصالات غير مباشرة مع (إسرائيل)، مما أثار زوبعة في مجلس الأمة، وسط مطالب بإحالة رئيس تحرير الجريدة المذكورة إلى النيابة العامة، وفقا لما جاء في كتاب «القضايا العربية في مجلس الأمة الكويتي 1963-1976»، للدكتورة «نجاة عبد القادر الجاسم».

المقاطعة الرياضية

أما الخطوة الأبرز نحو مقاطعة الكيان الصهيوني، بحسب ما نقلته صحيفة «العربي الجديد»، فقد تمثلت في نجاح النائب الكويتي المخضرم، «أحمد السعدون»، في طرد (إسرائيل) من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

وتعود القصة إلى عام 1976 حيث كان «السعدون» رئيسا للاتحاد الكويتي لكرة القدم، وقدم باسم الاتحاد مشروع قرار بطرد الكيان الصهيوني من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ونجح في إقناع الاتحاد الآسيوي وبمساندة قوية من ماليزيا، البلد المقرر أن ينعقد فيها المؤتمر السابع للاتحاد الآسيوي عام 1976 في طرد الكيان الصهيوني، مما اضطر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى تعديل النظام الأساسي للاتحاد حتى يتم قبول الكيان الصهيوني.

واستمر التوجه نحو رفض التطبيع والإصرار على مقاطعة (إسرائيل) حتى في ظل برلمان مقاطع من قبل المعارضة الكويتية.

حيث قدم النائبان «سعدون حماد العتيبي» و«نواف سليمان الفزيع»، استجوابا من خمسة محاور إلى وزير النفط السابق، «هاني حسين»، في أغسطس/آب 2013، واتهم النائبان الوزير بالاستمرار في الشراكة مع شركة «ديلك الإسرائيلية -DELEK GROUP»، مما اضطر رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة البترول الكويتية العالمية، «حسين إسماعيل»، إلى التأكيد على أن الشركة بدأت دراسة الإجراءات القانونية للتخارج من الشراكة مع الشركة الإسرائيلية، وتوضيح أن الشراكة فرضت على شركة البترول الكويتية العالمية عن طريق شركة «ديليك» التي استحوذت على أصول وأسهم شركة «تكسيكو» في أوروبا في شهر مايو/أيار من العام 2007، مؤكدا أن شركة البترول الكويتية العالمية لم تكن لديها السبل القانونية لوقف هذه الصفقة.

ورغم ذلك توجد أصوات شاذة تنادي بالتطبيع مع (إسرائيل)، مثل النائب «نبيل الفضل» الذي أعلن في يناير/ كانون الثاني 2015 عن نيته تقديم اقتراح بقانون لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، موضحا أنه على علم بأن القانون مصيره الفشل، لكنه قدمه نكاية بمن هم بحسب وصفه «ملكيون أكثر من الملك».

وقد جاء الرد على هذه التصريحات سريعا من النائب، «فيصل الدويسان»، الذي وصفها بالمطالبة السافرة بالتطبيع مع الكيان الغاصب، رافضا هدم المكتسبات الكويتية في هذا الشأن.

وعلاوة على ذلك قدم «الدويسان» تعديلات على قانون مقاطعة (إسرائيل) رقم 21 لسنة 1964 من شأنها تغليظ العقوبات على كل من يتجاوز هذا القانون.

المؤسسات الحكومية في الكويت، تعاملت أيضا بشكل إيجابي مع مقاطعة الكيان الصهيوني، فأعلنت وزارة التجارة الكويتية أنها على وشك وقف العمل مع 50 شركة أوروبية نظرا إلى تورط هذه الشركات في نشاطات في مستوطنات يهودية، على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بالإضافة إلى التحقيق القانوني الذي فتحته وزارة التجارة والصناعة لتحديد الشركات التي تتعامل مع إسرائيل.

كما تم فتح التحقيق في العام 2014 بناء على طلب من وزارة الخارجية الكويتية.

أما الخطوة الأبرز فتتمثل في إقصاء بلدية الكويت لشركة «فيولا» الفرنسية من عقد بقيمة 750 مليون دولار لمعالجة النفايات الصلبة نظرا لتورط «فيولا» في مشاريع إسرائيلية مخالفة للقانون الدولي.

استمر المزاج الشعبي في رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد تجلى ذلك في العديد من المبادرات الفردية للرياضيين الكويتيين، فاللاعب الكويتي، «عوض الحربي»، رفض مواجهة لاعب إسرائيلي، في الدور نصف النهائي لبطولة رومانيا الدولية المفتوحة لتنس الطاولة للمعاقين، واللاعب «علي المرشاد»، رفض أيضا بدوره منافسة لاعب إسرائيلي في الدور قبل النهائي لبطولة العالم للتايكوندو والمقامة في النمسا، وكان ذلك في العام 2012، بالإضافة إلى الحكمين «فرج المعتوق» و«يحيى رشوان»، رفضا تحكيم مباريات للاعبين إسرائيليين.

تجاوزات

ورغم نجاح التجربة الكويتية، إلا انها شابها بعض التجاوزات الملفتة لقانون مقاطعة الكيان الصهيوني، في عام 2007، تمكنت شركة «الستوم» المتورطة في مشاريع لتهويد القدس بالفوز بعقد يبلغ 150 مليون يورو لتطوير خمسة توربينات غاز في الكويت، بالإضافة إلى عقد آخر للعمل على محطة توليد الكهرباء «الزهور»، التي تبعد عن مدينة الكويت 80 كيلومترا، وفقا لما جاء في دراسة «الثابت والمتحول.. الخليج والآخر»، الصادرة عن مركز «الخليج لسياسات التنمية».

وتمتلك مؤسسة التأمينات الاجتماعية الكويتية أسهما في شركة «G4S» على الرغم من تورط الشركة في توفير خدمات أمنية في العديد من السجون الإسرائيلية والمستعمرات، إضافةً إلى دورها في «تقديم خدمات أمنية في المستعمرات وجدار الضم والفصل العنصري والسجون ومراكز التوقيف والتحقيق».

لكن على الرغم من هذه التجاوزات، يتزايد الخطاب المنادي بمواجهة ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج.

  كلمات مفتاحية

الكويت إسرائيل التطبيع مع إسرائيل مقاطعة إسرائيل الكيان الصهيوني مجلس الأمة الكويتي كرة القدم

المقاطعة التي نسيناها

الكويت تشرع خلال أسابيع في تنفيذ مشاريعها لإعمار غزة

حركة المقاطعة.. رد أخلاقي

مقاطعة إسرائيل ستشتد .. وزارة الخارجية: الجمود السياسي سيلحق ضررا اقتصاديا

الاعتراف بفلسطين ... حملة المقاطعة وبقاء إسرائيل

الكويت وبريطانيا توقعان اتفاقيتي «تبادل المجرمين» و«المساعدة القضائية»

«حماس» تحيي «الاتحاد الأوروبي» على قرار مقاطعة منتجات المستوطنات

حصاد معرض الكويت للكتاب.. مصادرات وأنشطة هزيلة وقمع للحريات

الخطوط الكويتية تعلق رحلاتها بين لندن ونيويورك لرفضها نقل ركاب (إسرائيليين)

لولا العلاقة مع (إسرائيل)!

سفير (إسرائيل) يطلب لقاء المغنية النيوزيلندية «لورد»