هل تنتهي "جائحة قناة السويس"؟

الأحد 12 يوليو 2020 08:03 ص

بدا مستقبل قناة السويس، الممر المائي الرئيسي في مصر، لبضعة أشهر، محفوفاً بالمخاطر وسط تقلب أسعار النفط وانخفاض الطلب على البضائع، بسبب تفشي الوباء.

وبالرغم من الجهود المبذولة لخفض الرسوم وزيادة حركة المرور، لا تزال المخاوف قائمة.

لا يزال التشاؤم سيد الموقف بعد التدابير العالمية للبقاء في المنزل بسبب الوباء، وأسواق النفط غير المستقرة، وانخفاض الطلب على البضائع، وقد حصل تشاؤم بخصوص مستقبل قناة السويس في مصر، حيث خفضت الأساطيل سعتها الإجمالية وسعت الشركات إلى خفض نفقات رسوم النقل والموانئ.

في الواقع، تراجعت عائدات الممرات المائية الرئيسية في مصر إلى 5.72 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2019/2020، منخفضة من 5.75 مليار دولار أمريكي في العام السابق وسجلت انخفاضًا بنسبة 9.6% في الإيرادات في مايو/أيار مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.

وقال "أسامة ربيع"، رئيس هيئة قناة السويس"، في تقرير لـ"رويترز" إن الانخفاض حدث بسبب تراجع ​​أسعار النفط في أبريل/نيسان وتراجع التجارة العالمية بعد تفشي الفيروس.

سجل خام برنت أيضًا في أبريل/نيسان، أدنى مستوى له في 21 عامًا وانخفضت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى المنطقة السلبية لأول مرة في التاريخ. وطغت وفرة النفط على مرافق التخزين المحدودة في العالم، مما أثار موجة من البيع من قبل تجار النفط في أبريل/نيسان.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت بلومبرج في مايو/أيار أن الموانئ كانت مزدحمة بالناقلات، حيث أدت جائحة فيروس "كورونا" إلى شل حركة النقل، مما تسبب في أكبر تكدس في العالم.

عادت أسعار النفط في الأسابيع الماضية، إلى الارتفاع حيث بدأت البلدان في إعادة فتح أعمالها.

لكن المحللين يتوقعون تذبذب أسعار النفط وسط توقف بعض عمليات إعادة الفتح في ألمانيا والولايات المتحدة، ووسط مخاوف من أن تؤدي الموجة الثانية المحتملة من الفيروس إلى خفض الأسعار إلى مستويات "أبريل الأسود".

وقد قررت بعض السفن، بعد انخفاض أسعار النفط، عدم السير في مسار قناة السويس، والسفر في الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح، في الطرف الجنوبي من إفريقيا.

وقد استخدموا الطريق لتقليل التكاليف المرتفعة لرسوم الموانئ والنقل العابر، بالرغم من طول الوقت الذي تقضيه في الرحلة.

ارتفع عدد الحاويات التي اختارت استخدام طريق رأس الرجاء الصالح وتجاوز قناة السويس إلى أعلى مستوى تاريخي في وقت السلم، بما في ذلك 20 رحلة على الأقل في عمليات التجارة.

وذكرت خدمة المعلومات الملاحية، في ورقة بحثية حديثة، أن انخفاض أسعار المخازن وقلة الطلب على البضائع في الأسواق الأوروبية قد تسبب في هذه التحركات".

وأعلن تحالف "إم2" الذي يتألف من خط "Maersk" للحاويات وخط "MSC" - وهما أكبر خطي شحن في العالم - في 4 مايو/أيار عن تغيير خطوط الشحن الخاصة بهم إلى رأس الرجاء الصالح كطريق بديل لقناة السويس بين آسيا و أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا.

وجاء ذلك بعد الإعلان عن خط "CMA-CGM" الفرنسي في أوائل أبريل/نيسان، والذي سعى أيضًا إلى تغيير المسارات لتجنب عبور قناة السويس.

تمثل الخطوط الثلاثة أكثر من 26.5% من إجمالي حجم التجارة في القناة، وتم دمج غالبية خدمات خط "Maersk" للحاويات وخط "MSC" في تحالف "إم2". يتوقع المحللون أن تخسر قناة السويس أكثر من 10 ملايين دولار من عائدات مثل هذه التحركات من قبل شركات الشحن.

في محاولة لجذب الشركات، أعلنت قناة السويس عن تخفيضات على رسوم العبور لجذب سفن الحاويات وكذلك سفن الغاز الطبيعي المسال وناقلات البترول. وكانت الخصومات التي تتراوح بين 17 و 75% سارية المفعول في أبريل/نيسان وتم تجديدها في 25 يونيو/حزيران لتستمر حتى نهاية هذا العام.

وقال رئيس هيئة قناة السويس في 2 يونيو/حزيران إن الممر المائي اجتذب 104 سفن حاويات بعد تطبيق التخفيضات.

ومع ذلك، قال موقع "ألفا لاينر" في تقريره: "حتى 26 مايو/أيار ما زال هناك 15 سفينة تغادر من أوروبا وأمريكا الشمالية وتستخدم طريق كيب، بالرغم من أنها كانت مؤهلة للحصول على خصومات من السويس."

ومع ذلك، يتوقع المحللون أن ترتفع عائدات قناة السويس مرة أخرى في يونيو/حزيران، حيث تقف أسعار النفط الآن عند حوالي 40 دولارًا أمريكيًا مع بعض عمليات إعادة الفتح في جميع أنحاء العالم، بالرغم من أن عودة حالات الإصابة بالفيروس وتقلب أسعار النفط تثير مخاوف جديدة في صناعة الشحن.

قال "ألفا لاينر" في تقرير يونيو/حزيران أن 11 من أكبر ناقلات الحاويات في العالم قد خفضت سعة أسطولها الإجمالي في النصف الأول من عام 2020: "لقد تفاعلت خطوط الشحن مع انخفاض الطلب على البضائع بسبب الوباء، وغالبًا من خلال إعادة شحن الحمولة المستأجرة إلى أصحابها."

وعبر خبراء الاقتصاد وخبراء النقل البحري عن مخاوفهم بشأن آثار عدم اليقين على النفط وتقلب التجارة العالمية على الإيرادات المستقبلية لأهم ممر مائي في العالم.

وقالت "بسنت فهمي"، وهي اقتصادية وعضو في البرلمان ، لـ "إنسايد ارابيا": "سيستمر سوق النفط غير المستقر والتجارة العالمية في التأثير على عائدات قناة السويس حتى تنتهي أزمة الفيروس ".

وأضافت: "حتى مع التخفيضات ومع توقع عودة بعض السفن إلى القناة بعد ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، فإن الإيرادات ستستمر في التراجع وسط حركة التجارة العالمية المتقلبة ومخاوف من الفيروس التاجي".

وأشارت "فهمي" إلى أن أزمة الفيروس والانخفاض في أسعار النفط ستستمر على الأرجح لمدة عام وهو ما قد يوجه ضربة قوية للاقتصاد الوطني.

كما قالت النائبة المصرية إن قناة السويس خسرت نحو 15% من إجمالي إيراداتها، والتي وصفتها بأنها "كارثة"، قائلة إن الحكومة ستضطر إلى خفض رسوم العبور ليس فقط لجذب السفن ولكن أيضًا لخدمة التنمية الرئيسية للمشروعات التى يتم تنفيذها حاليا فى ممر قناة السويس.

تعد قناة السويس ثالث أكبر مصدر للنقد الأجنبي لمصر بعد حوالات المصريين بالخارج والسياحة على التوالي، وبلغت عائداتها 5.75 مليار دولار أمريكي في السنة المالية الماضية.

وقال "أحمد الشامي"، وهو خبير اقتصادي وملاحة: "ستكون شركات الشحن في وضع مالي رهيب بعد انتهاء وباء الفيروس وسيتعين على هيئة قناة السويس الحفاظ على الرسوم لبعض الوقت حتى تقف هذه الشركات على أقدامها مرة أخرى".

وأضاف: "قناة السويس في وضع صعب حقًا لأنه حتى بعد انتهاء أزمة الفيروسات، سيتعين عليها إبقاء هذه الخصومات لبعض الوقت".

المصدر | انسايد أرابيا- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قناة السويس الجديدة مشروع قناة السويس ما بعد كورونا

قناة السويس تحقق إيرادات 32.4 مليارات دولار في 5 سنوات

5 سنوات على قناة السويس الجديدة.. حصاد المشاريع الوهمية