حماس تظهر تحديا لافتا لإسرائيل "باستراتيجية" الأنفاق الأرضية

الأحد 3 أغسطس 2014 05:08 ص

شينخوا 

حولت إسرائيل هدفها الرئيس من هجومها العسكري المتواصل على قطاع غزة منذ 27 يوما إلى التركيز على تدمير أنفاق أرضية ممتدة من القطاع إلى داخل إسرائيل.

ويعكس هذا السعي بشكل خاص مقدار المخاطر التي واجهتها إسرائيل خلال توغلها البري على أطراف غزة بعمليات شنها مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية «حماس» انطلاقا من الأنفاق. 

وقتل بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، 60 جنديا إسرائيليا وأصيب آخرون في اشتباكات مع مقاتلي حماس جرت أغلبها خلف خطوط الجيش عبر هجمات خاطفة باغتت قواته بالخروج من الأنفاق ووصلت لاقتحام مواقعه، وهذه أكبر خسارة تلحق بالجيش الإسرائيلي منذ حربه ضد (حزب الله) في لبنان في يوليو عام 2006.

 

عمليات نوعية

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة عن مقتل اثنين من جنوده وفقدان ثالث في هجوم شنه مقاتلو حماس انطلاقا من نفق أرضي شرقي رفح أقصى جنوب قطاع غزة.

وقبل ذلك بأيام حققت حماس دفعا معنويا لمقاتليها بنشرها شريط فيديو لزملاء لهم يقتحمون عبر نفق أرضي موقع «ناحل عوز» المحصن للجيش الإسرائيلي على أطراف حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وكسب مقاتلو حماس نقطة أمام أنصارهم في الهجوم على الموقع المذكور من الخلف ما مكنهم من مفاجأة الجنود الذين كانوا يراقبون جهة غزة فقط، وأسفر الهجوم عن مقتل خمسة جنود إسرائيليين أحدهم ظهر وهو طريحا الأرض يتلقي الضربات دون أدنى قدرة لديه على المقاومة.

ومنذ بدء التوغل البري للجيش الإسرائيلي في 17 من شهر يوليو/تموز الماضي على أطراف قطاع غزة تبنت كتائب القسام سلسلة من عمليات التسلل لمقاتليها خلف خطوط تمركز الجيش عبر ما أعدته من أنفاق أرضية.

ويقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي من غزة «صالح النعامي»، إن مقاتلي حماس «أظهروا طرازا جديدا لم يعرفه الجيش الإسرائيلي عبر الاشتباك بجرأة وتصميم، دون خشية التفوق التكنولوجي والعسكري للجيش والتفوق عليه بعنصر المفاجأة عبر الأنفاق».

ويشير النعامي لـ«شينخوا»، إلى أن مقاتلي حماس «يظهرون لقوات الجيش كأشباح ويقاتلون بعد أن ينطلقوا من داخل أنفاق أعدت على مستوى متطور من الصعب استهدافها من الجو، وباتت تشكل مصيدة».

 

تكتيكات للصراع

وفي الواقع فإن مخاطر الأنفاق كان أبرز أسباب تردد قادة عسكريين إسرائيليين في شن عمليات برية على قطاع غزة، بحسب ما يرى مراقبون فلسطينيون.

ففي أكتوبر من العام الماضي، أعلنت إسرائيل عن اكتشافها نفقا مع قطاع غزة يمتد إلى داخل أراضيها بعمق 27 مترا، وطول 1800 مترا،  وفي حينه، أعربت أوساط عسكرية إسرائيلية عن صدمتها من مدى التطور الذي جرى من خلاله حفر النفق المكتشف خصوصا أنه شيد بالأسمنت ومجهز بشبكة كهرباء واتصال.

وسلط ذلك الضوء على تكتيكات جديدة لحماس في إدارة الصراع مع إسرائيل بحيث تضمن الأنفاق المحفورة في باطن الأرض تحقيق توازن ولو بالحد الأدنى في المواجهة.

وجرى الاعتماد على الأنفاق بغرض شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر 2000، وظلت على مدار السنوات المتعاقبة تأخذ منحنا تطويريا.

وكررت كتائب القسام في تهديداتها المستمرة للجيش الإسرائيلي في حال أقدم على غزو غزة بأنها «قادرة على تحقيق المفاجآت وضرب العدو من حيث لا يتوقع».

وفي مارس من العام الجاري، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس «إسماعيل هنية»، إن الحركة تعتمد على حفر الأنفاق الأرضية «كإستراتيجية جديدة في الصراع مع إسرائيل».

وهدد «هنية» خلال مهرجان جماهيري أقامته حماس في مدينة غزة في حينه، بأن مقاتلي حماس «سيخرجون للمحتل من تحت الأرض ومن فوقها لطرده من أرض فلسطين».

وسبق أن حذرت أوساط عسكرية إسرائيلية مرارا، من إقدام حماس وجماعات مسلحة أخرى على حفر مئات الأنفاق في باطن أرض قطاع غزة لاستخدامها في المواجهات العسكرية.

 

محاولة لتحقيق التوازن

وشنت حماس أول هجوم باستخدام نفق أرضي في سبتمبر عام 2001 عندما هاجم عناصرها موقعا عسكريا للجيش الإسرائيلي على الحدود بين غزة ومصر أسفر عن مقتل وجرح عدد من الجنود الإسرائيليين، وتلا ذلك عشرات العمليات التي استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية باستخدام الأنفاق.

ويقول «عدنان أبو عامر» المختص بشئون الجماعات الإسلامية من غزة لـ«شينخوا»، إن حفر الأنفاق أعان حماس وباقي الفصائل على تعويض الاختلال الكبير في موازين القوى عند شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

ويشير «أبو عامر»، إلى أن انسحاب إسرائيل أحادي الجانب من قطاع غزة نهاية العام 2005 وتراجع الاحتكاك اللوجستي والميداني بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي زاد من أهمية تكتيك حفر الأنفاق.

ويمكن أن تتيح هذه الأنفاق، بحسب «أبو عامر»، للفصائل الفلسطينية شن هجمات مفاجئة من خلف الخطوط سواء داخل إسرائيل أو في مناطق حدودية مع قطاع غزة، سيما بالنظر إلى أن امتداد القطاع لا يتجاوز 40 كيلومترا ومكشوفا أمنيا لدى إسرائيل.

 

استخدامات متعددة

وفي ظل احتفاظ إسرائيل بسيطرتها البرية والجوية والبحرية على قطاع غزة، فإن الأنفاق الأرضية مثلت خيارات دعم لدى حماس والفصائل الأخرى في القطاع.

ويقول مصدر في إحدى الجماعات المسلحة، إن للأنفاق الأرضية مجالات استخدام متعددة لدى الفصائل أبرزها استخدامها كمنصات عند إطلاق القذائف الصاروخية.

ويضيف المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن الأنفاق تستخدم كذلك كمخازن للأسلحة، وأخرى لصد عمليات التوغل البرية للجيش الإسرائيلي، إلى جانب الاستخدام الأهم بإمكانية شن هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

ويشير المصدر ذاته، إلى أن الاعتماد على الأنفاق الأرضية وصلت حد تطويرها في إقامة شبكة اتصالات أرضية مع العلم أن حفرها ومناطق تمددها يتم بسرية وكتمان كاملين.

ودأبت حماس على مدار سنوات على الإعلان عن مصرع عناصر لها في مهمات لحفر الأنفاق والتجهيز تطلق عليها اسم «مهمات جهادية»، ومثلت عملية «الوهم المتبدد» التي نفذتها حماس مع جماعتين مسلحتين على الحدود الشرقية لجنوب قطاع غزة في يونيو 2006 واحدة من أبرز عمليات الأنفاق بعد أن أسفرت عن مقتل وجرح عدد من الجنود الإسرائيليين وخطف الجندي «جلعاد شاليط».

 

المكسب المطلوب

واشترطت إسرائيل في الجهود الجارية إقليميا ودوليا للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة أن تتاح لها الفرصة لاستكمال تدمير الأنفاق الممتدة لأرضيها من داخل القطاع.

ويرى المحلل السياسي من غزة «طلال عوكل»، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلعب الورقة الأخيرة لتصوير هدم الأنفاق على أنه نجاح للهجوم على غزة في ظل ما تكبده الجيش من خسائر.

ويشير «عوكل»، إلى أن إسرائيل دائما ما استخدمت أنفاق حماس لمزيد من التحريض ضد الحركة وغزة، واتخاذ إجراءات عقابية خصوصا في الجانب الاقتصادي عبر تشديد حصارها للقطاع.

وتحظر إسرائيل بشكل شبه كامل توريد مواد البناء إلى غزة منذ منتصف العام 2007 بدعوى استخدامه في حفر أنفاق عدائية ضدها باستثناء إدخال كميات مقلصة منذ عامين فقط لمشاريع مؤسسات دولية.

كما عمد الجيش الإسرائيلي إلى توجيه رسائل صوتيه لسكان قطاع غزة عبر الهواتف النقالة يحذرهم فيها من خطر تسخير حماس ملايين الدولارات لحفر الأنفاق وشن هجمات عدائية.

لكن «عوكل» يرى أن حماس نجحت في مواجهة إسرائيل العسكرية في خيار الرهان على حفر الأنفاق بحيث مكنت عناصرها من التخفي من الهجمات الإسرائيلية والمبادرة لعمليات نوعية حققت لها توازنا نوعيا.

كما أنه يشير إلى مصاعب حادة تواجهها إسرائيل في تدمير شبكات الأنفاق بعد أن تحولت إلى قطاع غزة آخر سفلي تتمتع بتفرعات وتتضمن مخاطر مجهولة العواقب بالنسبة للقوات الإسرائيلية. 

  كلمات مفتاحية

«الخارجية المصرية»: ضخ مياه بأنفاق غزة «حق سيادي وواجب دولي»

مسؤول أمني في غزة يتهم مصر بإغراق القطاع بالمخدرات لـ«تخريب المجتمع»