«فاينانشيال تايمز»: التكلفة الحقيقية للصفقة مع إيران

الاثنين 31 أغسطس 2015 02:08 ص

تظهر الحملة المتنوعة من الضغط والدعاية ضد الاتفاق النووي الإيراني أنه قد تعثر. وفي الوقت الذي يوجد فيه خط من الديمقراطيين الداعمين لمحور سياسة «باراك أوباما» الخارجية، فإن الإدارة الأمريكية ربما لديها من الدعم للحفاظ على الاتفاق على قيد الحياة.

ولكن عندما ينقشع الغبار، فسوف تبدأ التكاليف في التعاقب. وتجد واشنطن أن مزيدا من إهدار الوقت قد حدث في منطقة الشرق الأوسط وأن سياساتها الحالية ليست بالقدر الكافي المناسب لتحسين الأمور. وفي سعي الإدارة لإثبات أنه ليس لديها نية لاسترضاء الجمهورية الإسلامية على الرغم من السعي إلى حل وسط بشأن برنامج طهران النووي، فقد سقطت واشنطن في فخ استرضاء خصومها في إيران. وسوف تكون العواقب مستعصية على الحل.

وكانت أحد النقاط التي قامت إدارة «أوباما» بترويجها لتسويق الصفقة وبدت محدودة النطاق: إنه تراجع عن البرنامج النووي لمدة 15 عاما وليس صفقة كبيرة تفضي إلى تغيير جذري في العلاقة بين طهران وواشنطن أو بيع الحلفاء العرب التقليديين لصديق فارسي جديد. وكانت تلك الرسالة لازمة لإقناع المتشككين في الداخل أن طهران سوف تستمر داخل بؤرة الاحتواء. كما أنها كانت حاسمة لتظهر دول الخليج السنية متورطة في صراع وجودي مع إيران الشيعية، وأن الجمهورية الإسلامية الجريئة لن تُعطى العنان لاستعراض عضلاتها العسكرية.

ومع ذلك، فإن إعادة التأكيد هذه ليست مجانية. وفي حالة اتفاق إيران، فقد سمحت الإدارة للتكاليف بالارتفاع دون داع، والسكوت على الإجراءات التي تهدد مصالح الولايات المتحدة على المدى الطويل. وفي الواقع، فإنه بسبب عودة الاستبداد العربي مرة أخرى بقوة، بعد بضع سنوات اجتاحت الثورات الشعبية في المنطقة. وتؤسس الحملات الأمنية لفصل جديد من الإقصاء والتطرف، ولكن الأمر لا يجد سوى رد الفعل الصامت من واشنطن.

تأمل حال مصر، فهناك حالة من التأهيل الدولي تجري على قدم وساق لـ«عبد الفتاح السيسي»، الرجل القوي في البلاد، على الرغم من ممارسة حكومته لأقصى درجات القمع ضد المعارضة، متفوقا على ما كان يحدث في عهد «حسني مبارك»، الرئيس المخلوع بسبب ثورة 2011.

وأرسلت الولايات المتحدة رسالة خاطئة من خلال استئناف المساعدات العسكرية لمصر هذا العام، بعد أن علقتها في عام 2013 عندما تمت الإطاحة بأول رئيس إسلامي منتخب في انقلاب عسكري مدعوم شعبيا. ووقتها جافت واشنطن «السيسي».

وفي البحرين أيضا، رفعت الولايات المتحدة القيود على مبيعات الأسلحة في يونيو/حزيران، مدعية أن المنامة أحرزت تقدما كبيرا في مجال حقوق الإنسان. وكان ذلك بعد أسبوعين من الحكم على «علي سلمان»، زعيم حزب المعارضة الرئيسي الشيعي، بالسجن أربع سنوات. وتحارب الأقلية السنية الحاكمة في البحرين ضد السماح بتكرار نوبات من الاضطرابات من الشيعة الساخطين. استمرار قمع المعارضة السياسية من المؤكد أن يزيد تطرف الشباب الشيعة ويزعزع استقرار البلاد التي هي موطن الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية.

وفي كل من البحرين ومصر، تصرفت الولايات المتحدة وهي ترقب المملكة العربية السعودية، الزعيم الأكثر حزما للمعسكر العربي السني، والداعم للنظام الملكي البحريني والانقلاب العسكري في مصر.

ولكن في اليمن، فإن محاولة تهدئة الولايات المتحدة لحلفائها العرب يمكن أن يكون لها تأثير أشد ضررا. في الوقت الذي كانت فيه أولويات الولايات المتحدة محاربة «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، دعمت واشنطن حملة عسكرية بقيادة السعودية نشرت المزيد من الفوضى.

ودفعت هذه التطورات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن إلى تبني ردود عنيفة ضد النظام الملكي السعودي الذي يرى مخالب طهران تنشب في حديقتها الخلفية. وظهرت تقارير إعلامية تتحدث عن مقتل 2000 مدني على الأقل، كما تم وضع اليمن على شفا المجاعة. وحقق السعوديون وحلفاؤهم مكاسب أخيرة ولكن الحرب لم تنته بعد. وفي الوقت نفسه تفككت البلاد، وتعزز تنظيم القاعدة في اليمن، والذي يجد نفسه في مكافحة الحوثيين، ما مزج بين مصالح القاعدة والتحالف.

الولايات المتحدة لديها شكوك بشأن الحملة السعودية. وأثار الرئيس نفسه الشكوك حول مدى تورط إيران مع المتمردين الحوثيين، وقال لصحيفة نيويورك تايمز في يوليو/ تموز إن طهران لم تدفع المتمردين للسيطرة على صنعاء. وبدا أن تشخيصه لمشاكل المنطقة على خلاف مع سياسات إدارته. لقد قال إن أكبر تهديد يواجه دول الخليج، لم يكن الغزو الإيراني ولكن عدم الرضا داخل بلدانهم.

ولكن أي محاولة لمعارضة حملة الخليج بينما كان يحاول بيع صفقة إيران في الشرق الأوسط كان من شأنه أن يترك إدارة «أوباما» عرضة للاتهام بالسير الناعم تجاه إيران، وخذل حلفائها العرب. وعلى مضض؛ لقد ذهبت بعيدا مع الحرب، حتى لو قوضت الحرب قتالها ضد التيار الجهادي.

والمفارقة هو أن هذا كله لم يجعل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أقرب. وبالفعل، فإنه من المقرر زيارة الملك «سلمان بن عبدالعزيز» لواشنطن هذا الأسبوع بعد أن تجاهل قمة كامب ديفيد في مايو/أيار الماضي. لكن مسؤولين خليجيين يتحدثون بصوت مرتفع عن شعورهم بالإحباط من الولايات المتحدة، كما يقولون إنها لا تفعل ما يقنعهم في اليمن. درب طويل من الضرر والشقاق ينتظر الولايات المتحدة بعد يوم من اتفاق إيران.

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي اليمن السعودية الملك سلمان إيران

الصفقة النووية الإيرانية: ما الذي تعنيه لدول المنطقة؟

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

«فورين بوليسي»: اتفاق إيران النووي يهدد توازن القوة الدقيق في الشرق الأوسط

«أوباما» يهاتف قادة خليجيين بشأن الاتفاق النووي مع إيران

المعضلة الإماراتية في موازنة العلاقات بين السعودية وإيران