صورة أيلان المروعة لا تردع مهاجرين سوريين عن محاولة عبور المتوسط

السبت 5 سبتمبر 2015 06:09 ص

بعد أيام من صورة صدمت الضمير العالمي لطفل ميت جرفته مياه البحر إلى شاطئ تركي كان الشيء الوحيد الذي منع مزيدا من المهاجرين السوريين من محاولة العبور بالطريقة ذاتها هو الصخب الإعلامي الذي سببه تدفق الصحفيين على هذا الشاطئ.

وقال عبد المنعم الصطوف - وهو أب لثلاثة أطفال جاء من مدينة إدلب السورية - «رأينا صورة الطفل (لكننا) لا نملك فرصة أخرى»

هذا واحد من آلاف المهاجرين الذين ينتظرون أن تحين فرصتهم لقطع الرحلة البالغة أربعة كيلومترات من منتجع بوضروم التركي إلى جزيرة كوس اليونانية. مرحلة محفوفة بالمخاطر من رحلة يتقاضى عنها المهربون آلاف الدولارات.

وقال الصطوف الذي كان يدير متجرا في إدلب «لن نعود إلى إدلب.. ولا وظائف لنا هنا في تركيا. أريد الذهاب إلى ألمانيا.. السويد والنرويج.. كلها دول جيدة. سنذهب إلى كوس خلال أيام قليلة».

وقالت قوات خفر السواحل التركية إنها منعت 57 شخصا في ثلاثة مراكب مساء الخميس. لكن ليس هذا سوى نذر يسير من عدد يتجاوز ألفي مهاجر كل يوم تقول مجموعات الإغاثة إنهم يصلون إلى اليونان.

واهتزت الحكومات الأوروبية وأخذت الأزمة بعدا إنسانيا بعد تداول الصور المروعة للطفل أيلان كردي ابن السنوات الثلاث وقد رقد ووجهه في الماء على الشاطئ بالقرب من بوضروم. وكان أخوه غالب وعمره خمس سنوات وأمه ضمن مجموعة من 12 شخصا على الأقل ماتوا بعد غرق قاربين كانا يقلان 23 شخصا.

لكن أولئك الذين ينوون القيام بالرحلة يقولون إنهم يدركون العواقب. وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن ما يزيد على 300 ألف سلكوا طرقا بحرية خطرة للوصول إلى أوروبا هذا العام وحده مات منهم نحو 2500 في غياهب البحر.

وقال محمد الشعار البالغ من العمر 22 عاما وهو ينتظر فرصته للعبور «أعرف أنها رحلة خطرة.. هذه الوفيات لم تبدأ بالطفل.. غرق كثيرون».

وأضاف «لولا قسوة السياسات الأوروبية لما مات أهلنا في البحر. هؤلاء الناس أجبروا على القيام بتلك الرحلة.. لا نملك أي طريق آخر».

مشتبه بهم في عمليات تهريب

ومثل يوم الجمعة أربعة سوريين آخرين والقيود في أيديهم أمام محكمة في بوضروم ووجهت لهم تهم تهريب تتعلق بالمركب الذي كان على متنه الصغير أيلان وعائلته. وتؤكد والدة أحد المشتبه بهم واسمها مليحة رجب أن ابنها ليس مهربا وأنه نفسه من اللاجئين.

قالت مليحة وقد ارتدت غطاء رأس رمادي اللون وهي تتحدث للصحفيين «لم يفعلوا شيئا.. كانوا فقط يحاولون الفرار. أولادنا من الضحايا أيضا. كانوا على متن نفس القارب.. هذا كل شيء».

وتقول تركيا إنها تحاول منع تدفق المهاجرين عبر شواطئها. وتقول السلطات إنها ستعيد أي مهاجر غير سوري يملك أوراق هوية إلى بلده من بين 57 مهاجرا سوريا وأفغانيا وباكستانيا احتجزوا مساء الخميس.

وسيظل البقية في تركيا التي تؤوي مليوني لاجئ سوري وتحملت وطأة الآثار الإنسانية جراء سنوات الحرب الأربع في جارتها سوريا بتكلفة قدرها ستة مليارات دولار.

ومع تردي حالة البنية التحتية وصعوبة الحصول على إذون عمل أصبح ساحل تركيا على بحر إيجة منطلقا رئيسيا للمهاجرين الذين يتحرقون شوقا للحصول على مستقر دائم وحياة أفضل في أوروبا.

وقالت امرأة تدعى عائشة تبيع سترات نجاة للمهاجرين في بوضروم إنها تجارة ساعدتها على التوقف عن بيع حلي فضية للسائحين.

تقول عائشة إن سترات النجاة التي تبيعها أصلية بينما تباع أخرى في المدينة بنصف الثمن لكنها مقلدة وتنطوي على خطورة. وقالت «يدفعون آلاف الدولارات للقيام بالرحلة ولا يهتمون بدفع عشرة دولارات إضافية للحصول على سترات نجاة أصلية لأطفالهم.. هذا مؤسف للغاية».

وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وهو يتحدث في اجتماع لوزراء مالية مجموعة العشرين في بلده يوم الجمعة إن تركيا ستواصل الترحاب باللاجئين وإن على البلدان الأخرى فعل الشيء نفسه للمساعدة في تأمينهم.

وأضاف «فلتصبح صورة أيلان جرس إنذار لنا جميعا. لو لم يتوفر الأمن للأطفال السوريين فلن يأمن أطفال في منازلهم في أنقرة ولا في باريس أو نيويورك. هؤلاء الأطفال لم يكن لهم يد في مكان ولادتهم. إنه قدرهم. لكن قراراتنا هي التي ستحدد مستقبلهم».

وعاد عبد الله كردي والد أيلان وغالب إلى سوريا يوم الجمعة حيث دفنت جثامين القتلى في مدينة كوباني الحدودية التي دمرت معظم أجزائها بفعل القتال الضاري بين المسلحين الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية منذ العام الماضي.

وانتحب الأب حزنا على ولديه وزوجته الذين ووروا الثرى ودعا الحكومات العربية لفعل المزيد لاحتواء أزمة اللاجئين.

  كلمات مفتاحية

أيلان الكردي اللاجئين السوريين

«داود أوغلو» يعزي والد الطفل السوري الغريق «أيلان»

والد الطفل السوري الغريق يروي اللحظات الأخيرة للمأساة

كلمة السر في إنقاذ لاجئي سوريا

إنقاذ أكثر من 250 مهاجرا سوريا قبالة سواحل كريت اليونانية

غرق 4027 مهاجرا خلال 2016 ثلاثة أرباعهم هلكوا في البحر المتوسط