شلل رباعي وحروق.. مأساة تعذيب طفلين تفجر غضبا في مصر

السبت 22 أغسطس 2020 09:39 ص

شهدت مصر خلال الأيام الماضية واقعتي تعذيب لطفلين أثناء فترة عملهما؛ الأمر الذي أثار غضبا واسعا وأعاد التساؤلات حول عمالة الأطفال في مصر.

المأساة الأولى تعرض لها "محمد مصطفى شحات" (15 عاما)، وهو طالب في المرحلة الإعدادية شتاءً، وعامل صيفًا في مخبز بقرية سلوا التابعة لمحافظة أسوان (جنوب).

وبدأت مأساة الطفل عندما ألقى به أحد العاملين بالمخبز، وعمره 35 عاما، في "العجانة"، وهي ماكينة كهربائية لعجن دقيق الخبز، ثم ضغط على زر التشغيل وغادر المكان.

وعندما سمع العمال صرخات استغاثة محمد أخرجوه من العجانة فاقدًا للوعي، وجرى نقله بسيارة صاحب الفرن إلى مستشفى مدينة كوم أمبو، ومنه إلى مستشفى أسوان الجامعي لسوء حالته.

ويوضح التقرير الطبي للمستشفى أن "محمد" أصيب بقطع في الحبل الشوكي وكسر في الفقرة السادسة والسابعة العنقية وكسر في الضلوع وكسر في لوح الكتف وتجمع دموي وكسر في أصابع اليدين.

ونقلت وزارة الصحة المصرية الطفل إلى مستشفى في العاصمة القاهرة للعلاج إثر إصابته بشلل رباعي.

ويقول "عبدالله"، شقيق "محمد": "نريد حق محمد عبر محاكمة عادلة، خاصة بعدما عرفنا أن الجاني يحاول الإفلات من العقاب عبر إدّعاء أنه مصاب بمرض نفسي"، وفقا لـ"بي بي سي".

ويضيف أن البعض حاول التستر على الجريمة عبر تغيير اسم شقيقه لحظة دخوله المستشفى، موضحا أن مرتكب الواقعة سبق أن وضعه داخل الفرن متظاهرًا بالمزاح معه، وأن "هناك ضغوطا على الأم للإقرار بأن الحادث قضاء وقدر وأنها لا تتهم أحدًا".

لم تكد تمرّ سويعات على مأساة "محمد" حتى ضجت مواقع التواصل بقصة ربما أكثر بشاعة تتعلق بضرب وتعذيب طفلة دون العاشرة تعمل خادمة في منزل.

وتنحدر "أمنية"، وهي طفلة ذات 9 سنوات، من محافظة كفر الشيخ، بدلتا النيل، وتعمل لدى أسرة في محافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وانتشرت صورها وهي متورمة الوجه وتظهر حروق وبثور في جسدها، وتم قص شعرها.

أثارت صور "أمنية" غضب مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي. 

ويقول مدير خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة (حكومي) "صبري عثمان" إن وحدة الرصد بخط نجدة الطفل رصدت منشورًا عن واقعة تعرض الطفلة التي تعمل خادمة للتعذيب في منزل ضابط سابق وزوجته (مغربية الجنسية) بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة.

وأوضح "عثمان" أن الطفلة تعمل خادمة مقابل ألفي جنيه شهريًا، متابعًا أن الضابط وزوجته قاما بتعذيبها لدرجة أن "والد الطفلة لم يتعرف عليها عندما شاهدها لأول مرة".

وأوضح المسؤول المصري أن إصابات وقائع ضرب وتعذيب "أمنية" وصلت إلى حروق من الدرجة الثالثة بنسبة 90%، إضافة لكدمات وجرح قطعي في الأذن اليمنى وغيرها.

وأمر النائب العام بحبس المتهم بتعذيب "أمنية" احتياطيا على ذمة التحقيقات، وضبط وإحضار زوجته ومتهمين آخرين في الواقعة.

وكانت النيابة العامة تلقت بلاغا من والد الطفلة المجني عليها عن تعذيب المتهم وزوجته لها، وذلك بضربها وحرق جسدها، وأكدت الطفلة ذلك في البلاغ.

وبسؤال الزوجين من قبل النيابة العامة حول ذلك زعما أن "أمنية" مَن أحدثت بنفسها تلك الإصابات لرفضها العودة إلى أهلها، وأن والد الطفلة تعدى على الزوج بالضرب وأحدث به إصابة، غير أن النيابة العامة وجهت لهما اتهامات بتعذيب "أمنية"، وقررت حبس الزوج 4 أيام على ذمة التحقيقات.

وأظهرت التحقيقات أن والد الطفلة (47 عاما) يعمل فلاحًا ومنفصل عن زوجته، ووالدتها (30 عاما) متزوجة من آخر ولديها طفل.

واستقبل خط نجدة الطفل خلال النصف الأول من العام الجاري 4631 بلاغا، من بينهم 985 بلاغا لعنف بدني تجاه أطفال.

ويعلق مدير الخط قائلا: "أصبحنا نشاهد أنماطا جديدة من تعذيب الأطفال؛ فمنذ عدة أيام رصدنا قيام أب بتقييد طفلته البالغة من العمر 11 عاما بسلسلة حديدية بمسكنها، وقبل ذلك رصدنا حالة لأب يعذب طفلته لأنها ليست ولدا، والآن نشاهد حالات تعذيب باستخدام الزيت المغلي، وها هو أحدهم يلقي طفلا في العجانة".

وطالب حقوقيون ومشرّعون مصريون مؤخرا بتشديد العقوبات، موضحين أن القانون المصري لا توجد به تهمة "تعذيب الأطفال"، وتصنَّف هذه الوقائع على أنها وقائع ضرب فقط وعقوبتها القصوى 5 سنوات.

ووفق دراسة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة لشؤون الطفولة "يونيسيف" لعام 2016، وصلت نسبة العنف الجسدي ضد الأطفال في مصر إلى 93% عن طريق الأسر أو دور الرعاية.

وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن 63% من الأطفال العاملين في مصر يتعرضون إلى إيذاء بدني وعنف من قِبل مَن يقومون بتشغيلهم.

ويجرم القانون المصري عمل الأطفال قبل 15من عمره، وذلك طبقا للمادة 58 من تعديلات قانون الطفل رقم 126 لعام 2008، لكنه يسمح للأطفال تحت سن الرابعة عشرة بالعمل تحت مسمى التدريب، وهو ما يرى خبراء أنه بمثابة باب خلفي لتقنين عمالة الأطفال.

وحسب تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، فإن مصر يوجد بها نحو 2.8 ملايين طفل في الفئة العمرية من 12 إلى 17 عاما يعملون في مجالات مختلفة، في حين تقول آخر الإحصاءات الرسمية المصرية -التي صدرت نهاية عام 2010- إن عدد الأطفال العاملين بالبلاد يبلغ نحو 1.5 مليون طفل.

كما تتصدر مصر الدول العربية في هذه الظاهرة رغم تجريمها بالقانون، بينما يرى الخبراء أن من أسباب انتشارها الفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية؛ حيث تدفع الأسر الفقيرة أطفالها إلى سوق العمل، وترك الدراسة في أغلب الأوقات إذا لزم الأمر.

ويعاني نحو 60% من المصريين من الفقر، أو باتوا قريبين منه؛ وذلك بسبب الإصلاحات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة، والتي بدأت بتحرير سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 استجابة لشروط من صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عمالة الأطفال تفاقم عمالة الأطفال تعذيب الأطفال

370 انتهاكا ضد الأطفال في مصر خلال 3 أشهر

مقطع فيديو وثق الجريمة.. اعتقال عائلة عراقية عذبت طفلها

القبض على مصرية عذبت رضيعها حتى الموت.. ما القصة؟