ما وراء كواليس قمة عمان.. أهداف اقتصادية وخطط استخباراتية

الأربعاء 26 أغسطس 2020 01:55 م

3 قمم في أقل من عامين، بين مصر والأردن والعراق، بحضور أمني واستخباراتي رفيع، وأجندات سياسية واقتصادية، بعضها معلن، والبعض الآخر طي الكتمان.

وتهيمن ملفات النفط والتعاون الاقتصادي وقضايا المنطقة، على أجندة القمة التي استمرت ليوم واحد (الثلاثاء الماضي)، بعد قمتين في القاهرة، مارس/آذار 2019، وثانية في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر/أيلول، من العام ذاته.

وكالعادة، فرض ملف الإرهاب، والتدخلات الخارجية في المنطقة، نفسه، على طاولة النقاش بين العاهل الأردني، الملك "عبدالله الثاني"، والرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، ورئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي".

وتحاول القمة استعادة أدوار وفاعلية مجلس التعاون العربي، الذي تأسس في فبراير/شباط 1989 بمشاركة الدول الثلاث، إضافة إلى اليمن، وهو المجلس الذي اتسم بنشاط كبير رغم عمره القصير الذي انتهى عمليا بالغزو العراقي للكويت، في أغسطس/آب 1990.

أجندة سياسية

يعد ملف تنظيم "الدولة الإسلامية" أحد أبرز الملفات الأمنية ضمن أجندة القمة، وسط مخاوف تبديها مصر والأردن، من أن تصبح محطات للتنظيم بعد خسارته معاقله الرئيسية في كل من العراق وسوريا.

ويحمل مشاركة رؤساء المخابرات في البلدان الثلاث، في أعمال القمة، دلالة على محاولة التنسيق الأمني والاستخباراتي في ملفات تتعلق بأمن الحدود، وتبادل المعلومات، وتسليم المعتقلين، وغيره.

وعبر القمة، يحاول الأردن اللعب بأوراق جديدة، والمناورة عبر الدخول في تحالف ثلاثي، يقلل من وطأة الضغوط الخليجية عليه، في ملفات تتعلق بصفقة القرن، ومخطط الضم سواء لغور الأردن أو أراض في الضفة الغربية، وتأمين حق الأردن في الوصاية الهاشمية على الأوقاف الإسلامية في القدس.

ويأمل العراق في الحصول على دعم سياسي لحكومة "الكاظمي" الجديدة، وصياغة موقف عربي داعم له في مواجهة التدخلات التركية العسكرية، شمالي البلاد.

أهداف اقتصادية

ويبرز ملف التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الثلاث، كأحد الملفات التي هيمنت على القمة، خاصة في مجال الطاقة والربط الكهربائي وزيادة التبادل التجاري.

ويتصدر الأجندة الاقتصادية للبلدان الثلاث، تطوير مشروع خط النفط بين العراق والأردن بشكل كامل، بحيث يتم إيصال الخط إلى مصر بدل انتهائه في العقبة.

وكان العراق والأردن، وقعا في أبريل/نيسان 2013 اتفاق إطار لمد أنبوب يبلغ طوله 1700 كيلومتر؛ لنقل النفط العراقي الخام من البصرة إلى مرافئ التصدير بالعقبة، بكلفة تقارب 18 مليار دولار، وسعة مليون برميل يوميا.

وتأمل الحكومة العراقية أن يؤدي بناء هذا الخط إلى زيادة صادراتها النفطية، في حين يأمل الأردن، الذي يستورد 98% من حاجاته من الطاقة، تأمين احتياجاته من النفط الخام التي تبلغ نحو 100 ألف برميل يوميا.

وفي سياق مواز، يتبنى العراق، مشروع "بلاد الشام الجديد" والذي جرى طرحه على القمة، ويتيح تدفقات رأس المال والتكنولوجيا بين البلدان الثلاث على نحو أكثر حرية، بحسب "الكاظمي".

بينما تسعى مصر إلى إبرام اتفاقيات تجارية مع العراق، فضلا عن نيل حصة من كعكة إعمار البلاد، والتي تقدر بنحو 100 مليار دولار على مدى 10 سنوات، وفقا لدراسة أجراها خبراء عراقيون ودوليون.

وتأمل مصر توفير سوق بديل لعمالتها، خاصة بعد تسريح الآلاف منها، وعودتهم من دول الخليج جراء تداعيات أزمة تفشي فيروس "كورونا"، مع الأخذ في الاعتبار أن العمالة المصرية كان لها باع طويل في السوق العراقية، خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.

وفي محاولة لتعزيز مخرجات القمة، جرى الاتفاق على تأسيس سكرتارية تنفيذية مقرها بالتناوب، لمدة عام، تقوم بمراجعة كافة الاتفاقيات المسبقة وتنفيذها من الوزارات المعنية في مجالات الصحة والغذاء والتبادل التجاري والمياه والاستثمار بالمناطق الحرة ورفع نسبة التبادل التجاري عبر الحدود.

   ما وراء الكواليس

اللافت أن انعقاد القمة، التي تضم دولتين ترتبطان باتفاقيتي سلام مع (إسرائيل) هما مصر والأردن، جاء بعد أيام من إعلان اتفاق التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب.

ويبدو أن العراق قد يكون مرشحا في مرحلة ما مستقبلا للانضمام للاتفاق، خاصة أن رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" كان للتو عائدا من واشنطن بحزمة من الاستثمارات الأمريكية في بلاده، وأيد ضمنيا اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.

ولم يغب الهاجس التركي عن القمة، حيث ظهر في البيان الختامي، إعلان التأييد لسيادة العراق، والحفاظ على وحدة ترابه، واستقلاله السياسي، والتصدي لكل محاولات التدخل في شؤونه الداخلية، ورفض التدخلات الخارجية، في إشارة إلى العملية العسكرية التركية، ضد حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق.

ويقول مراقبون، إن التحالف الجديد يخدم رغبات أمريكية في إظهار اصطفاف جديد في المنطقة؛ لمحاربة الإرهاب، والتنسيق الأمني والاستخباراتي، بعد تراجع دور مجلس التعاون الخليجي بفعل خلافات أعضائه، جراء حصار قطر، يونيو/حزيران 2017.

بمعنى آخر، هناك رغبة في تحالف جديد يقود المنطقة نحو مواقف أكثر اتساقا مع الأهداف الأمريكية، على أن يراعي متطلبات الأمن الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته يحد من تمدد النفوذ التركي والإيراني في المنطقة.

وربما يضم التحالف مستقبلا سوريا حال استقرار نظام "بشار الأسد"، على أن يكون ذلك بضوء أخضر أمريكي، في محاولة لإبعاد دمشق عن سيطرة إيران، وكذلك تحجيم التمدد التركي هناك.

وقد تكون قمة عمان الثلاثية، محاولة لوضع اللمسات الأخيرة لنواة لمشروع تحالف عربي إقليمي، يزاوج بين الثروة النفطية (العراق)، والكتلة البشرية (مصر) عبر الجسر الأردني.

تحالف بلاد الشام الجديد، يحاول تحقيق عدة أهداف، تعويض غياب مجلس التعاون الخليجي، وثانيا التناغم مع متطلبات الإدارة الأمريكية في المنطقة، وصياغة شرق أوسط طامح إلى التطبيع مع (إسرائيل)، وإقامة تكتل اقتصادي في المنطقة، وتحجيم النفوذ التركي، ومواجهة الخطر الإيراني.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قمة عمان عبدالفتاح السيسي مصطفى الكاظمي عبدالله الثاني مشروع بلاد الشام الجديد

إصابة بكورونا تفرض قيودا على قمة مصرية أردنية عراقية في عمان

برفقة مسؤولين أمنيين وعسكريين.. السيسي يشارك في قمة عمان

القمة الثلاثية الثالثة