كيف ساعدت «الدولة الإسلامية» الشرق الأوسط؟!

الخميس 10 سبتمبر 2015 01:09 ص

 تسبب توسع «الدولة الإسلامية» بخلق مخاوف جدية حول إمكانية استمرار الدول في الشرق الأوسط.

وبعد قراءة متأنية للوضع يتكشف أن «الدولة الإسلامية» في الواقع تعزز تدريجيا دور الدولة كفاعل محوري في السياسة الإقليمية. وهذا أمر مهم من ثلاثة جوانب.

أولا: التعاون الإقليمي

تعترف قوى مثل إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية تدريجيا بضرورة التعاون الإقليمي. ومن الأهمية بمكان، القول أن النهج يستند بشكل رئيسي على إبقاء الدول الحالية ومؤسسات الدولة سليمة. وهذا هو الحال في الأزمة التي تضرب العراق وسوريا ولبنان بشكل خاص.

لوقف انتشار «الدولة الإسلامية»، التي تسعى إلى إقامة الخلافة الإسلامية و التي لا تعترف بالحدود الوطنية الحالية، وكذلك الأعراف والمؤسسات الدولية، اضطرت القوى الإقليمية إلى اعتماد سياسات استباقية لمنع الانهيار الكامل للدول الأضعف.

الأولوية للسياسة الإيرانية والسعودية والتركية تجاه العراق وسوريا، هي تجنب انهيار الدول العراقية والسورية وغني عن القول، أن هذا يتحقق مع أهداف ومبادئ مختلفة.

ومن الواضح أن القوى الإقليمية عازمة على منع انتشار انعدام الأمن في الأراضي الخاصة بها  وهم يسعون للحفاظ على الأمن الإقليمي لأسباب سياسية واقتصادية متميزة ولا يوجد خيار إلا  بتعزيز مؤسسة الدولة في الجوار.

لا شك أن الأنشطة التي تقوم بها الدولة الاسلامية  في سوريا حتى الان  تتم على حساب كل من النظام السوري وجماعات المعارضة المعتدلة. وليس سرا أن هذه الأخيرة هي الأخرى تعمل لصالح الحفاظ على الدولة السورية على حالها. الوضع الراهن لا يفيد مصالح أي من الأطراف الإقليمية أو غير الإقليمية المعنية في الأزمة السورية. وبالمثل، فإن توسع «الدولة الإسلامية» في العراق، والتي دفعت البلاد الى شفا الانهيار، لا يستفيد  منها أي طرف من الأطراف ذات الصلة.

ثانيا: الدعو الشعبي لدور الدولة“ ومؤسساتها

في الساحة المحلية، كان هناك تغيير في الرأي العام من مكانة الدولة في إرساء النظام والاستقرار. «الدولة الإسلامية» هي نوع جديد من التهديد المشترك الذي جلب معه العنف الشديد، وزيادة الانقسامات الطائفية وكذلك الهجمات على القيم الإنسانية والتراث التاريخي.

 وفي الواقع قد ازداد هذا الشعور بانعدام الأمن بين الناس في المنطقة، فإن هذا الوضع يعزز الدعم الشعبي للدول الحالية ومؤسسات الدولة باعتبارها الخيار الوحيد لمحاربة هذه الأنواع من التهديدات.

في الواقع، نتيجة للربيع العربي، والتحول الحكومي. وكجزء من هذا، ونحن نشهد الإنشاء التدريجي من الحكومات الشاملة  التي تسمح لجميع القوى السياسية لمعالجة الأزمات السياسية الراهنة وتحقيق الاستقرار، وكلها ضرورية للمعركة. الوضع الحالي في العراق هو مثال ساطع على ذلك.

ثالثا: التعاون الدولي

على الصعيد الدولي، وخاصة في الغرب، هناك فهم متنامي من أجل التعاون مع الدول الإقليمية لتعزيز مؤسسات الدولة القائمة  على أنه هو السبيل الوحيد إلى المعركة مع تنظيم الدولة.

وقد تمكنت الدولة الاسلامية من  ضبط عملياتها في السياقات الجيوسياسية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة في بعض  البلدان والمناطق. وهي تعمل بشكل مختلف في العراق وسوريا وافغانستان وليبيا ومصر وماليزيا وفرنسا وغيرها ولذلك، يبدو أن الغرب تمكن من  الوصول إلى استنتاج مفاده أن الوسيلة الأقل تكلفة للمعركة هو تعزيز مؤسسات الدولة القائمة - سواء التقليدية أو الحديثة - وتشجيع التعاون الإقليمي.

يرى الغرب أهمية تعزيز التعاون بين إيران والمملكة العربية السعودية في الأزمات الإقليمية باعتبارها ضرورة ملحة وشرطا مسبقا لجدية المعركة مع «الدولة الإسلامية».

وفي الوقت نفسه، فإن المجتمع الدولي يدرك على نحو متزايد تعقيدات حالات ما بعد الصراع وعمليات بناء الدولة في المنطقة. وهذا يشمل ضرورة تعزيز مؤسسات الدولة القائمة، مثل الشرطة والجيوش وقوات الأمن الأخرى. وتجارب أفغانستان والعراق وسوريا واليمن ومصر  تظهر مدى الضعف الذي يعتري هذه القوات المؤسسية  مما يخلق فراغا في السلطة وبالتالي  يوفر الأسباب والفضاء السياسي اللازم لتوسع الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة.

 وبالمثل، فإن وجود كثيف من الجهات الفاعلة  من خارج الإقليم في المعادلات الإقليمية يعمل على إعطاء هذه الجماعات المتطرفة الفرصة لتبرير أنشطتها، لا سيما تحت اسم الحرب ضد الغرباء وشركائهم المحليين، وبالتالي المساعدة في تجنيد قوات جديدة.

وفي نفس الوقت أصبحت مسألة التعامل مع «الدولة الإسلامية» معقدة على الإطلاق أكثر من ذلك، فإن المجتمع الدولي يدرك أن السياسة المثلى في الوقت الحاضر هو بدء التعاون مع الدول الإقليمية الكبرى كشركاء. وعلى سبيل المثال، يعتمد التحسن في العلاقات بين إيران وأوروبا أولا على قبول قيمة الشراكة في التصدي للطرفين المشاكل الإقليمية، بما في ذلك «الدولة الإسلامية».

وباختصار، إن خطر «الدولة الإسلامية» ساهم في تعزيز الدول بالمنطقة. ومن أجل هزيمة «الدولة الإسلامية» يجب النظر في ثلاثة أشياء. أولا، هو التعاون الإقليمي/ والتعاون من خارج الإقليم، لذا من الضروري إيجاد فهم مشترك لكيفية الحفاظ على الاستقرار، ومن ثم  قتال «الدولة الإسلامية». ثانيا، يجب تشكيل حكومات تعمل على جذب كافة القوى السياسية لمكافحة هذا التهديد المشترك. وثالثا، نتيجة لزيادة التوقعات من الرأي العام، فإن سياسات الدول الإقليمية يجب أن تكون أكثر استقلالية خاصة في علاقاتها مع القوى العظمى.

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية السعودية إيران تركيا

لماذا لا يمكن أن نعتمد على «القومية العربية» لهزيمة «الدولة الإسلامية»؟

انسوا «سايكس بيكو» .. معاهدة «سيفر» هي ما يشرح الاضطراب في الشرق الأوسط

اتفاقية «سايكس - بيكو» رسمت حدودا على الرمال يمحوها الدم الآن

"الدولة الاسلامية" وأخواتها .. وأسباب مفاجأتها الكبرى في الموصل

بشير نافع: لماذا فعلا ينهار عراق ما بعد الغزو والاحتلال؟

الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية: ليست هناك مناسبة آمنة مع تنامي «الدولة الإسلامية»

عن الحروب العربية ضد الذات

التدمير فالطوفان ثم التفكير في حلول

«فورين بوليسي»: 4 استراتيجيات لمحاربة «الدولة الإسلامية» بدون سلاح

«هنري كيسنجر»: الطريق نحو تفادي الانهيار في الشرق الأوسط