استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التدمير فالطوفان ثم التفكير في حلول

الأربعاء 30 سبتمبر 2015 04:09 ص

كل المصائب الوطنية والكوارث القومية في أرض العرب تأخذ شكل تمثيلية من ثلاثة فصول: تبدأ بتدمير العمران والاجتماع، لتمر في مرحلة طوفان وفوضى وضياع، لتنتهي بالتفكير المتأخر المضطرب لإيجاد حلول انتهازية مغموسة بالدم والدموع.

ودوماً وأبداً يكون مخرج تلك التمثيليات، والمتحكم بكل تفاصيلها وممثليها وحتى ديكوراتها، هو الخارج، حتى لو استعان بين الحين والآخر بمساعدين مخرجين من الداخل للقيام بمهام يحددها لهم بكل دقة وخبث. اختيار مكان مسرح التمثيلية يخضع لتحقيق أهداف محددة تخدم مصالح كبار اللاعبين الأغراب في طول وعرض بلاد العرب.

فقد يكون الهدف قاصداً الاستيلاء على ثروة نفطية، حتى لا تستعمل في بناء طموحات وطنية أو قومية، مثلما حدث في العراق. وقد يكون الهدف قاصداً استغلال البؤس وتجييش الفقراء لإحراج جيرانهم الأغنياء واستنزاف ثرواتهم المتعاظمة الآنية، كما يحدث في اليمن.

وقد يكون الهدف رامياً تدمير رمز عروبي راسخ في قلب التاريخ العربي وإخراجه من معادلات التوازن مع الكيان الصهيوني، كما حدث في سوريا. أو قد يكون الهدف راغباً في إعطاء درس في تأديب ومعاقبة كل من يحاول الخروج من تحت عباءة الدول الكبرى، حتى لو لفظياً، كما حدث في ليبيا.

إنها فقط أمثلة، وغيرها كثير، لتمثيليات تبدأ باستغلال مطالب شعبية مشروعة، لتنتقل بعد حين إلى خلط الأوراق لتشويه أصل المسألة برمتها، من خلال عمليات التدويل المتفاهم مع والمحرك لبلادات وحماقات التعريب المجنون والأسلحة الطائفية الهمجية، من أجل انتقال هذا المجتمع العربي أو ذاك إلى مرحلة التدمير الممنهج للدولة الوطنية ومجتمعها.

وما إن يتم ذلك وتدخل تلك الدول والمجتمعات في طوفان التقاتل بين مكوناتها الإثنية والدينية والمذهبية والثقافية والسياسية، وتنقلب الحياة فيها إلى جحيم لا يطاق، وتبدأ تباشير انقلاب السحر على الساحر، أو يكون تحقيق الهدف الأصلي قد وصل إلى مبتغاه، حتى يبدأ الجلاد القاتل المدمر يفكر في طرح حلول مغموسة بالدم والدموع والقيح، حلول لن تكون في أغلبها إلا حلولاً مؤقتة، في شكل استراحة المحارب، بانتظار الدخول في حروب وصراعات جديدة.

سينبري المتحذلقون بالقول بأننا نمارس اللعبة القديمة إياها: تحميل الغير الأغراب مسؤولية مشاكلنا. هذا هراء. نحن ندرك جيداً حجم الأخطاء والخطايا التي ارتكبها العرب بحق أنفسهم، عبر القرون والحقب المفجعة العبثية. لكن الغير الغريب موجود في أرضنا، متجذر في تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، وهو «يخيط ويبيط» في أرض العرب لأسباب داخلية وخارجية لا حصر لها ولا عد.

على ضوء تلك الصور التمثيلية، بمؤلفيها ومخرجيها ولاعبيها، يمكن الحكم على البكائية الهزلية التي يجري الإعداد لها الآن تحت مسمى بناء الجبهة الدولية ضد الخلافة الإسلامية الداعشية، لاحظ، فقط الداعشية، في العراق وسوريا.

إنها حبكة سريالية، مليئة بالغموض، طارحة لألف سؤال وسؤال، جاءت لإنقاذ الجلاد القاتل وليس الضحية البريئة، ولذلك تحمل في طياتها كل التناقضات.

أمريكا التي وقفت وراء الحركة الجهادية لمحاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ثم حاربتها في أفغانستان، ولكن سمحت لها بالانتقال إلى العراق لتساهم في مؤامرة إثارة النعرات الطائفية في ذلك القطر، ثم انسحبت من العراق المدمر من قبل قواتها وعملائها لتتركه نهباً للطائفيين المجانين وللداعشيين الهمج.

ثم ظلت هي والحلف الذي خلقته تتفرج على التمدد الداعشي من العراق إلى سوريا، بينما انشغلت مع بعض حلفائها العرب في خلق داعشيين أخر بمسميات أخرى غامضة لجبهات وجيوش من الجهاديين التابعين لهذه الجهة العربية أو تلك الجهة الاستخباراتية الأجنبية.. أمريكا هذه تتحدث الآن عن تكوين تحالف دولي جديد، بقيادتها بالطبع، سيضم كل من هب ودب من قوى متناقضة في أهدافها وأدوارها التي تلعبها.

فتركيا، التي فتحت حدودها لكل داعشي من كل بلاد العالم ليدخل سوريا، مدعوة إلى هذه الوليمة. وإيران التي ساهمت في خلق أجواء طائفية في العراق، أدت إلى صعود «داعش» هي الأخرى مدعوة. وبلاد عربية ساهمت في تمويل وتجييش وتدريب أشكال من القوى الجهادية في العديد من الأقطار العربية، ومن بينها العراق وسوريا، هي الأخرى مدعوة.

وروسيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، من الذين يريدون حصة من الكعكة العربية، تحت شعارات تبدو إنسانية متحضرة، بينما تخفي انتهازية سياسية، هم الآخرون مدعوون أيضاً.

وهيئة الأمم المتحدة، التي تتكلم كثيراً وتفعل قليلاً، والجامعة العربية التي يخيم السكون على أروقة مساراتها، هي الأخرى ستدعى لتساهم في تأليف وتلحين موسيقى خلفية لهذه التمثيلية.

هل يمكن لهذه السريالية أن تنتج تحفة فنية مفهومة؟ سؤال أخير: أين المشاهدين لهذه التمثيلية من شعوب هذه الأمة المستباحة، وهم ينتظرون الذبح؟

٭ د. علي محمد فخرو - مفكر وسياسي من البحرين

  كلمات مفتاحية

العرب النفط القومية الوطنية العراق اليمن داعش الاتحاد السوفياتي أفغانستان

انهيار العراق وصعود «الدولة الإسلامية»: صنع في أمريكا؟

النسخة الإسلامية من نهاية العالم: لماذا ينضم المقاتلون إلى «الدولة الإسلامية»؟

كيف ساعدت «الدولة الإسلامية» الشرق الأوسط؟!

لماذا لا يمكن أن نعتمد على «القومية العربية» لهزيمة «الدولة الإسلامية»؟

«المطيري» يكشف توظيف «الدولة الإسلامية» لحماية «الأسد» وإجهاض ثورة سوريا

«فورين بوليسي»: هل واشنطن مستعدة لحرب بلا نهاية مع «الدولة الإسلامية»؟