«فورين بوليسي»: هل واشنطن مستعدة لحرب بلا نهاية مع «الدولة الإسلامية»؟

الجمعة 28 أغسطس 2015 11:08 ص

تساءلت مجلة «فورين بوليسي» في تقرير لها بشأن ما إذا الولايات المتحدة مستعدة لحرب بلا نهاية مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، لافتة إلى أن جنرالات كبار في الجيش الأمريكي تنبئوا بأن القتال ضد التنظيم قد يستمر لأكثر من عقد من الزمان، وهي رسالة لا يريد البيت الأبيض ولا «الكونغرس» سماعها.

المجلة الأمريكية أضافت في تقريرها، الذي نشرته أمس الخميس، أنه «على الرغم من تقييمات البيت الأبيض المتفائلة للحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فإن جنرالات الجيش الأمريكي يعتقدون أن الحرب ضد هذا التنظيم ستمتد لفترة طويلة؛ فترة قد تمتد لما بعد مغادرة بارك أوباما مكتبه في البيت الأبيض».

ولفتت المجلة في هذا الصدد إلى مقابلة أجرتها مع الأدميرال «ساندي وينفيلد»، في يوليو/تموز الماضي، قبل وقت قصير من مغادرة منصبه كنائب رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، وخلالها شبه الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» بـ«الحرب الباردة» التي خاضتها بلاده ضد الاتحاد السوفيتي السابق خلال الفترة من منتصف أربعينيات القرن الماضي وحتى أوائل تسعينيات القرن ذاته، في إشارة منه إلى أن أمد القتال ضد التنظيم قد يطول.

وأضاف «وينفيلد»: «اعتقد أن الأمر في طريقه لأن يتحول إلى صراع أجيال».

بينما قال رئيس أركان الجيش الأمريكي السابق، الجنرال «رأي أوديرنو» في تصريحات للصحفيين مؤخرا: «في رأيي: داعش (الدولة الإسلامية) مشكلة ستستمر لفترة من 10 إلى 20 عاما؛ إنها ليس مشكلة لعامين فقط».

البيت الأبيض يتجاهل المدى الزمني للحرب

لكن «مسؤولي البيت الأبيض وغالبية أعضاء الكونغرس مترددون في الحديث علانية عن المدة التي يمكن أن تستغرقها الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية؛ حتى لا يتسبب الأمر في إحباط القادة العسكريين»، حسب «فورين بوليسي».

ورأت المجلة الأمريكية أن اعتراف أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري بأن الحرب ضد التنظيم يمكن أن تمتد لنحو 10 أو 20 عاما أخرى يعد «مخاطرة سياسية وربما أمرا مدمرا بالنسبة لهم»، وسيضعهم هذا الاعتراف في مواجهة قرارات صعبة تتعلق بالقوات، والميزانية، والاستراتيجية العسكرية.

ولفتت إلى  البيت الأبيض في المقابل «يتحدث بشكل مبهم عن مجهود طويل المدى ضد تنظيم الدولة الإسلامية دون الرد على توقعات الجنرالات بحرب قد تتجاوز العقد من الزمان».

لكن مسؤولين أمريكان اعترفوا، حسب المجلة، بأن «القتال (ضد التنظيم) سيستمر لما بعد انتهاء فترة إدارة أوباما في 2017؛ ما سيضع خليفته أمام خيارات صعبة بشأن ما إذا كان سيمدد الحملة العسكرية أصابها الوهن من عدمه، وكيف سيتخذ هذا القرار».

وبينما «تجنبت الإدارة الأمريكية تحديد مدة دقيقة للحملة ضد التنظيم، وجه بعض المشرعين الجمهوريين ومن بينهم السيناتور (جون ماكين)، ومحللون عسكريون، اتهامات للبيت الأبيض بالمبالغة في تقديم كشف حساب إيجابي عن الحملة العسكرية المتعثرة ضد الدولة الإسلامية».

كما تواجه الإدارة حاليا مزاعم متصاعدة بشأن تحريف الجيش تقارير استخباراتية من أجل نقل صورة أكثر تفاؤلا للحرب ضد «الدولة الإسلامية».

وبدأ المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) تحقيقا في هذه المزاعم بعد تحليل لوكالة استخبارات الدفاع اعتبر أن القيادة المركزية راجعت تقييمات الاستخباراتية للحملة ضد الدولة الإسلامية بشكل غير مناسب، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

ووفق «فورين بوليسي»، «أثارت هذه المزاعم تساؤلات بشأن تسييس محتمل للحملة الجوية على تنظيم الدولة الإسلامية كما حدث في غزو العراق عام 2003؛ حيث واجه مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الابن، اتهامات بتحريف تقارير الاستخبارات بشأن مخزونات العراق من أسلحة الدمار الشامل بغرض تبرير العمل العسكري ضد نظام صدام حسين».

وقال «ريتشارد بير»، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، للمجلة الأمريكية، أمس الخميس، بأن اللجنة «على علم بالمزاعم التي تتحدث عن أن تقييمات الاستخبارات (بشأن الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية) رُوجعت أو اُستخدمت بشكل غير مناسب».

وأرسلت إدارة «أوباما» 3400 جندي إلى العراق لمساعدة القوات المحلية في قتال «الدولة الإسلامية».

ونفذ التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، أكثر من 6400 ضربة جوية على أهداف للتنظيم في سوريا والعراق منذ أغسطس/آب 2014.

مراجعة استراتيجية الحرب ضد «الدولة الإسلامية»

ورغم غياب التقدم الواضح على الأرض، قال مسؤولون في إدارة «أوباما» وضباط في الجيش الأمريكي إنه «لا يوجد نقاش ساخن داخل البيض الأبيض بشان كيفية إدارة الحرب ضد التنظيم»، وفق ما نقلت عنهم «فورين بوليسي»

أيضا، ليس هناك أي إشارة على أن البيت الأبيض يخطط لمراجعة استراتيجيته في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» بالرغم من النتائج المخيبة للآمال على الأرض.

وتقوم الاستراتيجية الأمريكية الحالية على تدريب القوات المحلية في العراق أو قوات المعارضة في سوريا على مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»؛ مع دعمهم بغارات جوية.

ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، «مارتن ديمبسي»

وقادة عسكريين كبار لا يدافعون عن تغيير جذري في الاستراتيجية العسكرية الحالية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»؛ حيث لا يرون بديلا مجديا بدون المخاطرة بوضع قواتهم في مستنقع أخر على الأرض، مشيرة إلى الخبرة الكارثية لغزو العراق في عام 2003 لا تغيب عن مخيلة هؤلاء القادة.

ويصر مسؤولو الإدارة الأمريكية على أن الجنرالات الكبار في الجيش لا يدفعون عن فكرة إرسال أعداد كبيرة من القوات القتالية إلى العراق لمشاركة القوات المحلية في المعارك ضد التنظيم.

وعلق مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية على هذه الفكرة، قائلا: «جيشنا لا يضغط من أجل ذلك»، مضيفا أن غالبية القادة في الجيش يدعمون الاستراتيجية الحالية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

المجلة الأمريكية أشارت في هذا الصدد إلى أن معظم المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية المقبلة، الذين يوبخون «أوباما» على أسلوب تعامله مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويعدون بموقف أكثر قوة، لا يدفعون أيضا باتجاه نشر قوات قتالية أمريكية في العراق أو سوريا.

لكن مرشح وحيد فقط هو السيناتور«ليدنسي جرهام» دعا بشكل واضح إلى نشر قوات أمريكية كبيرة على الأرض، مطالبا بنشر 10 ألف جندي على الأقل في العراق، وأكثر من هذا العدد في سوريا.

وأكد «جرهام» معارضته لأي قيود يتم فرضها على العمليات العسكرية الأمريكية ضد التنظيم، وقال المتحدث باسمه «كيفين بيشوب» إن السيناتور يدعم «أي إجراء يمكن اتخاذه، ولأي مدة زمنية يحتاجها هذا الإجراء».

لكن إدارة «أوباما» ربما تفتح نقاشا موسعا بشأن الاستراتيجية العسكرية الحالية ضد «الدولة الإسلامية» خلال الفترة المقبلة.

وحول ذلك، قال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية إن البيت الأبيض ربما يسعى إلى الانخراط في نقاش عام أوسع بشأن الحرب على التنظيم في وقت لاحق من هذا العام بعد تحويل الانتباه عن التصويت المرتقب من قبل «الكونغرس» على الاتفاق النووي الإيراني في سبتمبر/أيلول المقبل.

وأوضح المسؤول، الذي لم تكشف «فورين بوليسي» عن هويته، قائلا: «عندما ننتهي من الاتفاق النووي الإيراني سيكون الوقت على الأرجح قد حان للنقاش حول الشرق الأوسط الكبير». 

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة الدولة الإسلامية التحالف الدولي سوريا العراق

60 متطوعا سوريا تدربهم أمريكا لمحاربة الدولة الإسلامية .. ما خلف هذه الفضيحة؟

«سليماني» يصف الدولة الإسلامية بـ«الطاعون» والتحالف الدولي بـ«الكذبة الواضحة»

«صنداي تليغراف» لـ«أوباما»: الدولة الإسلامية «فريق الهواة» أصبح «قوة مرعبة»

«التليجراف»: الدولة الإسلامية يخطط لاستهداف سواحل أوروبا عبر ليبيا

مشاركة حلفاء واشنطن ضد الدولة الإسلامية تتراجع بتراجع عدد الأهداف السهلة

«ناشيونال إنترست»: ثلاث أساطير ضخمة (وخطيرة) بشأن «الدولة الإسلامية»

محددات السياسة الإسلامية للدول الكبرى

التدمير فالطوفان ثم التفكير في حلول