المغرب .. «العدالة والتنمية» الحاكم المستفيد الأكبر من الانتخابات البلدية

الخميس 10 سبتمبر 2015 02:09 ص

قال محللون إن ما أحرزه حزب «العدالة والتنمية» المغربي الذي يقود الحكومة، من تقدم مهم في الانتخابات البلدية الأسبوع الماضي، يمهد المشهد السياسي لتفوقه على بقية الأحزاب في الانتخابات التشريعية العام المقبل.

ورأى المحللون أن حزب «العدالة والتنمية» الذي يقود الائتلاف الحكومي استفاد من تراجع دور اليسار وسوء تنظيم الأحزاب السياسية وعدم تجديد نخبها وكذلك عدم توظيف الحزب للمال في العملية الانتخابية مما أكسبه قدرا من المصداقية أتاحت له تحقيق إنجاز مهم في الانتخابات البلدية، بحسب وكالة «رويترز».

ويقود «العدالة والتنمية» الحكومة منذ 2011 بدعاية تقوم على مكافحة الفساد مستفيدا من قدر أكبر من الحرية بعدما أجبرت احتجاجات الربيع العربي الملك «محمد السادس» على التخلي عن بعض صلاحياته.

وكانت الانتخابات البلدية قد أسفرت عن فوز «العدالة والتنمية» بعدد 5021 مقعدا ليسجل أفضل نتائج حصل عليها بالمقارنة مع 1500 مقعد فاز بها في انتخابات عام 2009.

وفي عام 2003 حصل الحزب على 600 مقعد عندما تدخلت الدولة لتحديد نسبة مشاركته بعد التفجيرات الانتحارية التي شهدتها الدار البيضاء في العام نفسه وأشارت فيها السلطات بأصابع الاتهام إلى متشددين إسلاميين.

ومن إنجازات الحزب في الانتخابات الأخيرة أيضا أنه استطاع أن يزيح حزب «الاستقلال» من مدينة فاس إحدى قلاعه التاريخية بسيطرته على هذه المدينة.

وسيطر الحزب للمرة الأولى في تاريخه على أهم المدن المغربية ومن بينها العاصمة الرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس ومراكش وأغادير.

وقد حقق الحزب كل ذلك رغم أنه احتل المركز الثالث وراء حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي حصل على 6655 مقعدا وحزب «الاستقلال» الذي حصل على 5106 مقاعد، ليعتبره بعض المحللين الفائز الأكبر من الانتخابات التي أجريت في الرابع من سبتمبر/ أيلول الجاري.

مفارقة انتخابية

ورغم هذا ذهب بعض المحللين إلى أن إنجازات الحزب نسبية لا ترجع كلها إلى اقتناع الناخبين به بقدر ما ترجع لتقلص دور خصومه وخاصة اليسار.

وأشاروا إلى مفارقة تمثلت في أن أداء الإسلاميين في المدن كان أفضل منه في الريف والبادية حيث الجذور الطبيعية للمرجعية الإسلامية.

وقال المؤرخ والمحلل السياسي «المعطي منجب»: «هناك فوز نسبي لحزب العدالة والتنمية لأنه فاز دون أن يوزع أموالا كثيرة وبدون دعم من الإدارة كما أنه فاز في المدن والتجمعات الكبرى التي يكون التصويت فيها سياسيا وليس من أجل المال أو أحد الاعيان أو بسبب تأثير الإدارة».

لكنه أضاف أن «النظام الانتخابي في المغرب موضوع بطريقة ألا يفوز أحد لأن النظام المغربي لا يريد أن يتعامل مع حزب قوي».

من جهته قال «طارق الثلاثي»، رئيس المعهد المغربي للدراسات الاستراتيجية وأستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة الحسن الثاني»، بالمحمدية، إنه «رغم هذه الهالة والفرقعات الإعلامية لم يحصل الحزب إلا على المرتبة الثالثة.. الأضواء مسلطة عليه لأنه بمرجعية إسلامية، لكنه محتاج إلى حلفاء ولم يفز بصفة مطلقة».

وأضاف أن «العدالة والتنمية» استفاد من تراجع دور اليسار كما أن من ساندوه «اختاروه ليس إيمانا بأفكاره بقدر ما هو انتقام من سوء تدبير من سبقوه».

لكن المفارقة في رأي الثلاثي هي أن عمق المجتمع المغربي متمثلا في البوادي «لم يحضر فيه الإسلاميون بشكل كبير وهو يشكل نقطة ضعف بالنسبة لهؤلاء... الحداثة حضرت في البوادي والمرجعية الدينية في المدن. ومن هنا فإن السلوك الانتخابي للمواطن المغربي غير مفهوم تماما».

الانتخابات التشريعية

وراى المحللون أن الساحة السياسية أصبحت - بعد الانتخابات البلدية وما حققه حزب «العدالة والتنمية» من إصلاحات من خلال وجوده على رأس الحكومة- مهيأة كي يحرز مزيدا من التقدم في الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 2016.

وقال «منار السليمي» أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالرباط «إن انتخابات 2015 تبين أن المغرب يتجه إلى الصراع بين حزبين خاصة إذا لم يتدارك الأصالة والمعاصرة وضعه التنظيمي والأيديولوجي والنخب الموجودة لديه. فمن المتوقع أن ينفرد حزب العدالة والتنمية بالمشهد السياسي المغربي في 2016».

وكان حزب «العدالة والتنمية» نفذ خلال رئاسته للحكومة الحالية على مدى أربع سنوات إصلاحات هيكلية في مجال الموازنة منها تقليص عجز الموازنة كما أنه جمد الوظائف في القطاع العام ومن المنتظر أن يشرع في إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل.

وعلى الرغم من هذه القرارات التي اتسمت «بطابع لا شعبي»، قال «المعطي منجب» إن الحزب «حقق نتائج إيجابية في الانتخابات لأنه يظهر بمظهر النزيه والمستقل».

وقال «السليمي»، إنه «حتى الآن التوازن بين الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية هش، ونظرا لدرجة المخاطر الموجودة في حزب الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال والحركة الشعبية - على المستوى التنظيمي والنخب والأيديولوجي - فإن من المتوقع أن ينفرد حزب العدالة والتنمية بالمشهد السياسي».

وبدا أن «منجب» يؤيد هذا الرأي أيضا إذ قال «لم يكن هناك قرار كبير للنظام يذهب إلى تحجيم العدالة والتنمية.. أظن أن هذا يهيئ لانتخابات 2016 البرلمانية خصوصا أن الانتخابات التشريعية تكون في الغالب لصالح العدالة والتنمية أكثر من الانتخابات البلدية».

 

 

 

  كلمات مفتاحية

المغرب الانتخابات البلدية المغربية حزب العدالة والتنمية الإسلامي الانتخابات التشريعية الائتلاف الحكومي تراجع اليسار الأحزاب السياسية مكافحة الفساد احتجاجات الربيع العربي الملك محمد السادس

المغرب: «بنكيران» يصف نتائج «العدالة والتنمية» في الانتخابات البلدية بـ«المذهلة»

«العدالة والتنمية» المغربي يعزز نتائجه في الانتخابات البلدية

المغرب على طريق الاستثناء العربي

العدالة والتنمية المغربي... حزب الطبقة الوسطى