كيف ساهمت رؤية الإمارات للمنطقة في اتفاقية التطبيع مع إسرائيل؟

الأحد 20 سبتمبر 2020 07:16 م

لطالما كان يُنظر إلى مشتريات الإمارات من الأسلحة على أنها استحواذ دولة صغيرة غنية على ألعاب جديدة وبراقة. وفي السبعينيات والثمانينيات، ركزت الإمارات على تطوير المباني الشاهقة أكثر من تطوير جيش قوي.

كما نجحت دبي في استبدال بيروت كمركز للتجارة الدولية والمصارف والمعلومات، بينما كان لبنان غارقًا في 15 عامًا من الحرب الأهلية. وأكدت الإمارات مرارًا اهتمامها بالاقتصاد والتجارة أكثر من اهتمامها بالسياسة والارتباطات العسكرية.

لكن الإمارات عززت موقفًا طموحًا وعدوانيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدى العقدين الماضيين، وتدخلت في صراعات إقليمية في سوريا وليبيا واليمن.

خلقت هذه السياسة الخارجية النشطة مصالح متقاربة مع قوى إقليمية أخرى، تجسدت في إعلان 13 أغسطس/آب عن تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية.

لم تكن العلاقة بين الإمارات و(إسرائيل) تطورًا مفاجئًا، وإنما كانت تسير ببطء وثبات وسرية، وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية التطبيع الإماراتية الإسرائيلية جزء من توجه أكبر في الشرق الأوسط.

ولوضع تصور كامل عن الآثار الإقليمية المحتملة، يجب النظر إلى الاتفاقية الدبلوماسية على خلفية الصراع المحتدم على النفوذ والسيطرة.

رؤية الإمارات للمنطقة

منذ تأسيس الإمارات عام 1971، عملت في ظل كل من السعودية والولايات المتحدة، معتمدة على حلفائها للحصول على الدعم والحماية.

ومع ذلك، شهد العقد الماضي انخفاضًا في اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة، فيما تصاعد التصور عن تهديد إيران والانتفاضات السياسية في المنطقة.

تميزت قيادة ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" بالرغبة في أن تصبح الإمارات قوية بما يكفي لملء الفراغ الذي تركه الأمريكيون ومرنة بما يكفي لمواجهة مخاطر منطقة مضطربة بشكل متزايد.

وبالرغم أن "بن زايد" يحافظ على استمرار تحالفه مع السعودية والولايات المتحدة، إلا إنه مصمم على اتباع مسار مستقل تمليه مصالح بلاده، ويجب رصد سعيه للسلطة في هذا السياق.

تضاعفت ميزانية الدفاع في الإمارات 3 مرات في السنوات العشر الماضية، مما يعكس رغبة الدولة في الاستقلال والنفوذ، وتحتل الإمارات المرتبة العاشرة على مستوى العالم في الإنفاق الدفاعي، بما يزيد عن 22.76 مليار دولار.

ومع ذلك، فإنها لا تزال غير راضية، ولذلك من المقرر أن تنمو ميزانية الدفاع بمقدار مذهل يبلغ 10 مليارات، بالنسبة للسنة المالية 2021.

وبالرغم من كونها واحدة من أصغر الدول في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها أقل من 1.5 مليون نسمة، إلا أن الإمارات تسعى بشكل واضح إلى القيام بدور كبير في المنطقة.

دور الإمارات يتوسع عسكريا

عززت الإمارات وجودها العسكري الإقليمي في العقدين الماضيين، ففي بداية القرن العشرين، أرسلت مجموعة صغيرة من القوات للانضمام إلى الناتو في أفغانستان وأرسلت وحدة شرطة مسلحة إلى البحرين لحماية العائلة المالكة البحرينية من التمرد الداخلي.

أما بعد عام 2011، فقد توسعت التدخلات الإماراتية عبر المهام العسكرية المباشرة والدعم المالي ونقل الأسلحة ورعاية الميليشيات في سوريا واليمن والصومال وإريتريا ومصر.

كانت الدوافع وراء هذه التدخلات إلى حد كبير مواجهة النفوذ الإيراني المتصور، أو وجود جماعة "الإخوان المسلمين"، أو الرغبة في لعب دور صانع الملوك في النزاعات المحلية.

ربما كان دور الإمارات في اليمن هو الأكثر تعقيدًا، نظرًا للهدف الطموح بإعادة تشكيل المشهد السياسي اليمني مع حلفاء لديهم رؤى متباينة لمستقبل البلاد. وأقامت الإمارات في إريتريا قاعدة جوية في عصب تدير من خلالها عمليات اليمن.

سمح الاستحواذ على قواعد داخل اليمن للقوات الإماراتية بإدارة برامج تدريبية وكذلك نقل المعدات والأجهزة إلى الميليشيات الأجنبية واليمنية، ومكّن هذا الوجود -المباشر وغير المباشر- الإمارات من الشراكة مع القوات الأمريكية في العمليات العسكرية ضد تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

وكان الدور الإماراتي في ليبيا شاقًا، نظرًا للوضع العسكري المعقد على الأرض والنفوذ التركي المنافس، ونظرًا لأن تركيا تفتخر بكونها إحدى أكبر القوات العسكرية الإقليمية، فقد عزمت الإمارات على الحصول على الطائرة المقاتلة الأكثر تطورًا في الآونة الأخيرة، وهي "F-35".

وبالرغم من امتلاكها ترسانة مثيرة للإعجاب بالفعل من مقاتلات "F-15" و" F-16"، والتي تمركز بعضها مسبقًا في قبرص واليونان لتكون على مقربة من ليبيا، إلا أن الإمارات تريد المزيد في مواجهة النفوذ التركي في ليبيا.

لذلك، فإن الحصول على مقاتلات "F-35" هو ورقة مساومة في الشراكة الناشئة مع (إسرائيل) وأساس لاستراتيجية الإمارات في البحر الأبيض المتوسط.

تتجلى الأهداف العسكرية الطموحة أيضًا في صناعة الدفاع الإماراتية، التي تتطور بسرعة وتركز على صادرات الأسلحة.

يشير التركيز على إنتاج الأسلحة إلى أهداف دفاعية وهجومية. فمن ناحية، لا يريد الإماراتيون الاعتماد على القوى الأجنبية حصرا للحصول على الأسلحة التي يحتاجونها في الصراع، كما يمكنهم تصدير الأسلحة لتحقيق الربح والنفوذ دون إذن من الخارج. وقد مرت الرمارات بتجربة عملية مع رفض إدارة "أوباما" نقل صواريخ أمريكية مضادة للدبابات إلى سوريا.

وتحسنت المهارات الفنية الإماراتية بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وهي شهادة على التدريب الأمريكي، وجودة المعدات التي تم الحصول عليها في مشتريات الأسلحة، والمشاركة المباشرة للطيارين الإماراتيين والقوات البرية في اليمن.

ويتجلى أحد الأمثلة على المهارات المتطورة المكتسبة، في التزود بالوقود في الهواء. ومن الجدير بالذكر أن (إسرائيل) حصلت على هذه القدرة في العقد الماضي ولديها الآن 10 ناقلات لهذا الغرض، واليوم تمتلك الإمارات 3 ناقلات استخدمتها في حرب اليمن، بينما لم تستخدم أي دولة أخرى في المنطقة التزود بالوقود في الجو بشكل واضح حتى الآن.

المصالح الإماراتية الإسرائيلية

تتشابه مصالح ومخاوف وأهداف (إسرائيل) والإمارات في المنطقة، وتهيمن المخاوف بشأن إيران والإسلام السياسي والصراعات في سوريا والعراق واليمن وليبيا على أجندات السياسة الخارجية للدولتين.

وهكذا، فإن من شأن التحالف بين البلدين، في ضوء المصالح والتهديدات المتوافقة، أن يؤدي إلى التعاون ضد النفوذ الإيراني في المنطقة، وسيتيح لـ(إسرائيل) الوصول إلى قواعد أقرب إلى إيران في الإمارات وفي القرن الأفريقي.

تشدد اتفاقية التطبيع بين (إسرائيل) والإمارات على التعاون الدفاعي والتجارة المفتوحة، وعلى الرغم من المصالح التجارية والاقتصادية والأمنية المشتركة، فإن التاريخ الحديث للتدخلات الإماراتية يرجح أن تؤدي المشاريع العسكرية والأمنية المشتركة إلى زيادة التوترات وزيادة احتمال الصراع.

وبالرغم من النقاش حول تجميد ضم الأراضي الفلسطينية، إلا إن الاتفاقية لا تتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

يفترض كثيرون أن الرأي العام العربي تجاوز قضية فلسطين، وبالتالي سمح ذلك بتجاوزها في اتفاقيات التطبيع الأخيرة.

لكن هناك الكثير من الأدلة على عكس ذلك، وعلى القادة غير المنتخبين في العالم العربي أن يكونوا على دراية بخطورة مراكمة الغضب رداً على مبادرات التطبيع التي تتجاهل احتياجات الفلسطينيين وآخرين قد يتحملون التداعيات.

المصدر | نبيل خوري/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التعاون العسكري الإسرائيلي الإماراتي تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل التدخل الإماراتي في اليمن

مخاطر جسيمة تنتظر اليمن بعد التطبيع الإماراتي مع إسرائيل

ضاحي خلفان يدعو لإقامة دولة واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين

تقرير: ارتماء بن سلمان في أحضان إسرائيل مغامرة جديدة سيكون ثمنها باهظا

لبنان بدل فلسطين في خلفية برنامج حواري على سكاي نيوز الإماراتية

اتفاق إماراتي إسرائيلي على أهمية الترويج لمكافحة التطرف

في خلوة وزارية.. بن زايد وبن راشد يرسمان خطة الـ50 عاما المقبلة