كيف سترد إيران على تطويق إسرائيل لها عبر الخليج؟

السبت 3 أكتوبر 2020 08:44 ص

استشعرت إيران التهديد مع توقيع إسرائيل اتفاقي تطبيع مع الإمارات والبحرين. ومع أن طهران كان لديها وجود قوي في محيط إسرائيل في السنوات الأخيرة عبر وكلائها، إلا أن تل أبيب الآن هي التي تطوق إيران أكثر من أي وقت مضى.

كان رد فعل المسؤولين الإيرانيين شديدا على قرار الإمارات والبحرين إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل حتى قبل توقيع الاتفاقين. وفي 1 سبتمبر/أيلول، قال المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" إن الإمارات خانت العالم الإسلامي والفلسطينيين من خلال التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل.

ومقارنة بالسنوات السابقة، فإن الوضع في غزة ولبنان مختلف ويبدو أن ميزان القوى يتغير لصالح إسرائيل.

كما إنه مع تكثيف إدارة "دونالد ترامب" حملتها للضغط الأقصى على طهران، انتهز رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الفرصة في السنوات الأخيرة لتطويق إيران في الشرق الأوسط، وصعّبت العقوبات الأمريكية على إيران متابعة مخططاتها السابقة في المنطقة.

الخيارات الإيرانية

لكن يبدو أن إيران لن تستسلم بسهولة للضغوط الإسرائيلية ولديها خيارات لمواجهة تل أبيب.

ورغم أن إسرائيل نفذت ضربات عسكرية في سوريا ضد مواقع إيران دون عقاب أو إثارة انتقادات دولية، فمن الواضح أن طهران تصمم استراتيجية جديدة للرد على التهديدات الأمنية الإسرائيلية.

ومن المهم الإشارة إلى أن تصرفات إسرائيل ضد إيران في الوقت الحاضر لا تشكل "تهديدا عمليا"؛ حيث تركز على تشديد الحصار في الخليج ضد إيران.

ويمكن أن تنتهج إيران نفس السياسة في سوريا، ويمكن للمرء أن يسمي مثل هذه السياسة "توازن التهديد" بين طهران وتل أبيب، كما يقول خبير العلاقات الدولية "ستيفن والت".

تعالج نظرية "توازن التهديد" تشكيل التحالفات بين الجهات الفاعلة من زاوية مختلفة. ووفقا لنظرية "ستيفن والت"، فإن تشكيل هذه التحالفات هو استجابة للتهديدات الخارجية.

التهديدات كأساس للتحالفات

وعليه، فعندما ننظر إلى موضوع العلاقات الإيرانية الإسرائيلية من منظور التهديد، نكتشف جوانب أخرى لهذه المسألة.

فمن ناحية، فإن حلفاء تل أبيب في الخليج هي دول تدعي أن إيران تهدد أمنها القومي، وكانت دائما تنظر إلى برنامج طهران النووي بشكل سلبي. وبالتالي من المفهوم في ظل هذا المنظور سبب اتجاه الإمارات والبحرين نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ومن ناحية أخرى، كانت هناك علاقات باردة منذ عدة سنوات بين تركيا من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى. واشتد برود هذه العلاقات، خاصة بعد الانقلاب الفاشل ضد "رجب طيب أردوغان" في عام 2016؛ حيث تعتقد تركيا أن الإمارات كان لها يد في الانقلاب الفاشل.

وبناءً على هذا المنظور، يمكن تشكيل موازنة أخرى لعلاقة التهديد بين إيران وتركيا من جهة وبعض الدول الخليجية من جهة أخرى، خاصة أن أنقرة أصيبت بالإحباط في السنوات الأخيرة من التغيير في المعادلة السورية عبر القنوات العربية، وتتقارب من إيران وروسيا لمواصلة أهدافها على حدودها الجنوبية الشرقية مع سوريا.

وفي لقاء افتراضي مشترك بين رئيسي إيران وتركيا وسط جائحة "كورونا"، شدد الرئيس الإيراني "حسن روحاني" و"أردوغان" في بيان ختامي صدر في 8 سبتمبر/أيلول على ضرورة تعاون البلدين لتجاوز المخاوف الأمنية في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق، وأكد الرئيسان مجددا التزامهما نحو القضية الفلسطينية.

وفي نفس الوقت، كان رد فعل تركيا على إعلان اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل قاسيا نسبيا؛ ففي 14 أغسطس/آب، هدد "أردوغان" بأن بلاده ستعلق علاقاتها مع الإمارات.

ويمكن لهذه المواقف المتشددة أن تمهد الطريق للتعاون الإيراني التركي ضد الإمارات وحتى السعودية.

وهكذا، فرُغم أن تركيا كانت تحاول إبقاء التوترات في علاقاتها مع إسرائيل عند مستوى يمكن إدارته، فإن علاقات تل أبيب الوثيقة مع الإمارات والعواصم العربية الأخرى يمكن أن تزيد من مخاوف أنقرة وتمهد الطريق لعلاقات أوثق بين طهران وأنقرة.

احتمال مواجهات عسكرية

من الواضح أن أي صراعات محتدمة بين دول المنطقة تزيد من احتمالات المواجهة العسكرية بينها، خاصة في سوريا.

وبالرغم أن الاقتصاد الإيراني يعاني من العديد من الصعوبات بسبب العقوبات والمشاكل الاقتصادية الأخرى في الداخل، فإن دور إيران الحاسم في معادلات سوريا العسكرية لا يمكن تجاهله.

ونتيجة لذلك، يبدو أن سوريا لا تزال ورقة ضغط مهمة، ورغم أن الجمهورية الإسلامية لم تتخذ أي إجراء ضد تشديد الحصار الذي تفرضه إسرائيل بعد، فمن المفترض أنها لا تنوي تصعيد التوترات قبل ترسيخ موقفها في سوريا.

وبينما حاولت طهران حتى الآن تحمل الضغوط والهجمات الإسرائيلية في سوريا مع تعزز سيطرة "بشار الأسد" على الوضع، فإنها تعمل على تعزيز موقعها في جنوب وجنوب شرق البلاد.

في غضون ذلك، يجب أخذ الدور المؤثر لروسيا في الاعتبار. فقد أدت سياسات موسكو غير الواضحة إلى استنتاج إيران أنه يجب عليها التصرف بشكل مستقل في سوريا والمنطقة؛ ونتيجة لذلك اختارت إيران التجاهل فيما يتعلق بالرد على الهجمات الإسرائيلية في سوريا.

في الختام، تجدر الإشارة إلى أن طبيعة أنشطة إيران و(إسرائيل) في المنطقة تختلف بشكل واضح عن بعضها البعض؛ فإيران أكثر قبولا ونفوذا لدى الشعوب العربية من إسرائيل.

من ناحية أخرى، فقد حظيت إسرائيل بقبول ضمني من النخب الحاكمة في الدول العربية أكثر من شعوبهم.

وتحاول تل أبيب جاهدة منذ فترة طويلة تطبيع علاقاتها مع الدول العربية واستبدال قضية الصراع العربي الإسرائيلي أو الصراع الإسلامي اليهودي بالصراع العربي الإيراني.

وفي حين أن تصرفات إسرائيل في الخليج ضد إيران لم تصبح بعد تهديدا حقيقيا، واقتصرت على تشديد الحصار الدبلوماسي والاقتصادي حول إيران، فإن تهديد أمن إيران في الخليج يمكن أن يسرع من أنشطة إيران في سوريا، وهو الأمر الذي يجعل الصراع العسكري بين القوى الإقليمية في سوريا أكثر احتمالا من أي وقت مضى.

المصدر | سيد جعفري/ ريسبونسيبل ستيتكراتف - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مبادرات التطبيع التطبيع الإماراتي الإسرائيلي التطبيع الخليجي الإسرائيلي التطبيع البحريني الإسرائيلي العلاقات الإيرانية الإسرائيلية

تقرير أمريكي يكشف أنشطة إيران الخفية لتمويل ميليشياتها في المنطقة

مبررا التطبيع.. قرقاش: سياسات إيران العدوانية دفعتنا للتطبيع مع إسرائيل