غموض اقتصادي يلوح في الأفق بعد وفاة أمير الكويت

السبت 3 أكتوبر 2020 11:05 م

توفي أمير الكويت الشيخ "صباح الأحمد الجابر الصباح" في 29 سبتمبر/أيلول، تاركًا وراءه إرثًا من الدبلوماسية والانطباعات الإيجابية في الكويت والشرق الأوسط وحول العالم.

فقد اشتهر بأنه "الرجل الحكيم في المنطقة"، وعمل في السنوات الأخيرة بلا كلل لإنهاء الخلاف داخل مجلس التعاون الخليجي.

وقبل أسبوع من وفاته، منح الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الحاكم البالغ من العمر 91 عامًا واحدة من أندر وأرفع الجوائز التي قدمها البيت الأبيض؛ حيث مُنحت آخر واحدة قبل 3 عقود، وأشاد البيت الأبيض بوساطة الشيخ "صباح" التي لا تعرف الكلل لحل النزاعات.

حدثت وفاة "صباح" في الوقت الذي سجلت فيه الكويت أكثر من 100 ألف حالة إصابة بفيروس "كورونا" وقد تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية بين دول الخليج، حيث يقدر بنك "دويتشه" أن اقتصاد الكويت البالغ 140 مليار دولار قد ينكمش بنسبة 7.8% هذا العام.

وأدى خليفة الأمير "نواف الأحمد الجابر الصباح" (83 عاما) اليمين في 30 سبتمبر/أيلول، في الوقت الذي قد تتجه فيه الإمارة نحو واحدة من أهم أزماتها في التاريخ.

وقال رجل الأعمال والمحلل الاقتصادي المقيم في الكويت "جيفري مارتن" لـ"المونيتور": "تشير مصادر موثوقة إلى أنه سيكون هناك تخفيض في قيمة العملة بنسبة تصل إلى 25%، مما سيكون له تأثير كبير على الظروف المعيشية للكويتيين والمقيمين".

شركات على شفا الإفلاس

وافقت الكويت في أبريل/نيسان على حزمة تحفيز بقيمة 5.2 مليار دولار لتسهيل الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة، وقال "شاكر المصطفى"، وهو اقتصادي بارز مقيم في الكويت، لـ"المونيتور": "مع ذلك، كان النظام المصرفي مترددًا جدًا في منح القروض خلال أزمة فيروس كورونا، خاصة وأن الكثير من هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة على شفا الإفلاس".

لم يُعلن عن أي خطط لإنقاذ شركات القطاع الخاص أو لدعم بعض من 25 إلى 30 ألف شركة صغيرة ومتوسطة تعمل في الكويت، وقال "مارتن": "لقد تقرر ترك القطاع الخاص بمفرده بالكامل. هذا ما أسميه الفرز".

ومع ذلك، قال "شاكر المصطفى" إن القانون الجديد الذي يلغي تجريم الإفلاس، والذي أقره مجلس الأمة الكويتي مؤخرًا "مهم للغاية"، وأضاف: "إن ذلك يوفر الحماية لرواد الأعمال وسيصبح حافزًا لريادة الأعمال الخاصة".

ويعتبر "جيمس سوانستون"، الخبير الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" والمتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن الإصلاحات الاقتصادية مطلوبة في الكويت أكثر من أي مكان آخر في الخليج، وتحتل بيئة الأعمال في الكويت المرتبة الأسوأ بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال.

لكن الكويت نظام ملكي دستوري، وغالباً ما يتدخل البرلمان في جهود الإصلاح، وذلك لحماية المزايا الاجتماعية السخية وأجور القطاع العام. وتمثل رواتب وإعانات القطاع العام 71% من الإنفاق للسنة المالية 2021.

وفي حين وافقت جميع دول مجلس التعاون الخليجي على فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، لم تعلن الكويت بعد عن موعد رسمي لفرض ضريبة القيمة المضافة، مع أن السعودية والإمارات نفذتا الضريبة في يناير/كانون الثاني 2018، وتلتهما البحرين بعد عام.

وقال "مارتن": "البرلمان هو المشكلة فيما يخص تمرير الإصلاحات الاقتصادية. لن يصوت أحد لمن سيقول ستخسر 30% من راتبك"، مشيرًا إلى أن 8 من كل 10 كويتيين يعملون في القطاع العام.

كما أوقف البرلمان مرارًا قانون ديون من شأنه أن يسمح للكويت بالاستفادة من أسواق الدين الدولية لتمويل عجز ميزانيتها، ويقدر صندوق النقد الدولي أنه قد يصل إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

وقال "محمد الجوعان"، وهو مستشار كويتي رفيع المستوى في القطاع المصرفي، لـ"المونيتور": "لا يمكنني قبول أن يقرر مستقبلي شخص أمي اقتصادياً".

من المقرر إجراء انتخابات برلمانية في وقت لاحق من هذا العام، وقال "الجوعان" إن تفويض صندوق الثروة السيادي الكويتي البالغ قيمته 533 مليار دولار يجب تحديثه لتخصيص جزء من عائدات "صندوق الأجيال القادمة" للاستثمارات في الميزانية السنوية للكويت، وأضاف: "انظر إلى صندوق الثروة النرويجي، لديه مساهمة واضحة في الميزانية".

تراجع الطلب على النفط

بعد 59 عامًا من حصول الكويت على استقلالها الكامل عن بريطانيا، تواجه الدولة الواقعة في أقصى شمال الخليج تحديًا رهيبًا يتمثل في توجيه اقتصادها بعيدًا عن الصناعات كثيفة الكربون، حيث شكلت عائدات النفط العام الماضي 89% من إيرادات الكويت.

ووفقًا للدراسات التي نشرتها شركتا "بريتيش بتروليوم" و"توتال" العملاقتين في النفط والغاز في سبتمبر/أيلول، فمن المتوقع أن ينخفض ​​الطلب على النفط في وقت أقرب مما كان متوقعًا لأن سوق النفط العالمي قد لا يتعافى أبدًا من التأثير الاقتصادي والمجتمعي لأزمة فيروس "كورونا".

وبالرغم أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها واحدة من أقل تكاليف إنتاج النفط في العالم وقد تكون آخر منتجي النفط الصامدين، إلا أن الآثار ستظهر في جميع المجالات، كما يتوقع الخبراء.

وقال "هاري كريشنا"، العامل النيبالي المهاجر الذي يعيش في الكويت وعضو مجلس إدارة شركة "شراميك سانجال"، وهي شبكة من العمال من نيبال: "أثناء الوباء، ظل العديد من العمال المهاجرين بدون أجر أو فقدوا وظائفهم. جميع الشركات تعمل على احتواء التكاليف".

ومثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى؛ تعتمد الكويت بشكل كبير على العمال الأجانب ذوي الدخل المنخفض الذين يمثلون ما يقرب من 70% من السكان، وهي قوة عاملة يمكن التخلص منها ولا تتمتع بأي حقوق اجتماعية وتعتبر المتغير الأول في محاولة إصلاح أي انكماش اقتصادي.

ومع ذلك، يعتقد "كريشنا" أن العمال الأجانب ذوي المهارات المنخفضة والمتوسطة سيظلون العمود الفقري لاقتصادات الخليج في حقبة ما بعد النفط.

المصدر | سيباستين كاستيلير - المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وفاة أمير الكويت الاقتصاد الكويتي البرلمان الكويتي

كارنيجي: انتقال السلطة بسلاسة أثبت صلابة النظام السياسي الكويتي

بعد ردود غاضبة.. كونا تحذف تهنئة الحوثي لأمير الكويت الجديد

الوطن في خطر.. تحذير رسمي كويتي من أزمة اقتصادية شاملة