ستراتفور: عودة الحريري تنذر بتجدد الاضطرابات رغم المساعدات المالية المتوقعة

الأحد 25 أكتوبر 2020 05:27 م

من المرجح أن تؤدي عودة "سعد الحريري" رئيسا للوزراء في لبنان إلى فتح الباب أمام المساعدات الفرنسية، وبالتالي تحسين الاستقرار الاقتصادي للبلاد، لكنها ستطلق جولة جديدة من الاضطرابات من خلال تعزيز التصورات الشعبية بأن الإصلاح السياسي غير مرجح.

وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عين الرئيس اللبناني "ميشال عون" "الحريري" رئيسا للوزراء وكلفه بتشكيل الحكومة.

ووافقت معظم الأحزاب السياسية على التعيين، ما يشير إلى موافقة عابرة للطوائف على منصب رئيس الوزراء، بل إن "حزب الله" وافق ضمنيا على ترشيح "الحريري"، بالرغم من عدم موافقته على المرشحين الآخرين حتى الآن.

ويعد "الحريري" مرشح حل وسط لإدارة الاقتتال السياسي اللبناني وكذلك العلاقات الخارجية للبنان، الأمر الذي سيعيد الديناميات السياسية إلي ما كانت عليه البلاد في السابق.

وفي الأشهر التي أعقبت الانفجار الكارثي في ​​مرفأ بيروت، عمّق الانفجار الفوضى السياسية الناجمة عن الأزمة المالية المستمرة، وكافحت النخبة السياسية في لبنان للعثور على مرشح مناسب يمكنه ضمان جميع مصالحهم ويتوافق مع المحاصصة الطائفية المعقدة في البلاد.

وبعد أن قام بالمهمة لأعوام، أصبح "الحريري" وجها مألوفا للاستقرار.

وصعدت الليرة اللبنانية بعد أنباء تعيين "الحريري"، في مؤشر على ارتياح في السوق المالية المحلية لتسمية "الحريري".

ويتمتع "الحريري" بعقود من الخبرة في المناورة بين شبكة معقدة من السياسيين في بيروت، فضلا عن التوسط بين الحلفاء الخارجيين مثل فرنسا والولايات المتحدة، إلى جانب دول الخليج العربي مثل السعودية، التي يحمل "الحريري" جنسيتها.

ومن المرجح أن ينشئ "الحريري" إدارة تكنوقراط تركز على تنفيذ إصلاحات اقتصادية محدودة تلبي الشروط الفرنسية بشأن المساعدات المالية الموعودة.

فيما سيحافظ الزعماء الطائفيون الذين ينضمون إلى حكومة "الحريري" على رأسمالهم السياسي والاقتصادي ومصالحهم الفئوية أثناء تشكيل الحكومة.

ووعد الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" بملايين الدولارات في شكل مساعدات مالية للبنان مقابل إصلاحات اقتصادية وسياسية، بما في ذلك تغييرات في إدارة شركة الكهرباء الفاسدة في البلاد، وتغييرات في كيفية إجراء المشتريات الحكومية، وتحسين الرقابة على الفساد، ووضع خطة لرفع بعض أشكال الدعم الحكومي دون خلق عبء على فقراء لبنان.

وإذا أبقى "الحريري" على ديناميكية سياسية راكدة فسوف يؤدي ذلك إلى تفاقم غضب العديد من المواطنين اللبنانيين المتحمسين للتغييرات الهيكلية، وهو ما سيشجع على الأرجح على جولة جديدة من المطالبة الشعبية بإصلاحات سياسية أعمق من إعادة تشكيل الحكومة.

وردا على نبأ ترشيح "الحريري"، أضرم متظاهرون مناهضون للحكومة النار في نصب تذكاري في وسط بيروت مساء 21 أكتوبر/تشرين الأول وتعهدوا بمواصلة التظاهر.

ومن المرجح أن يستمر هذا النوع من الاضطرابات مع محاولة "الحريري" تشكيل حكومة، بالنظر إلى أن ترشيحه ينتهك بشكل مباشر مطلبا رئيسيا للحركة الاحتجاجية المناهضة للفساد، وهو حكومة غير حزبية من خارج النخبة السياسية القائمة.

كما سيتعزز فقدان العديد من اللبنانيين الثقة في قدرة السياسيين على تغيير الأوضاع، ما يعني أن محاولات الهجرة من لبنان ستظل مرتفعة خلال هذه الفترة.

وقد بدأت الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، نتيجة أزمة مالية متفاقمة أدت إلى انخفاض قيمة الليرة اللبنانية وتدهور الظروف المعيشية لعموم الشعب.

وتاريخيا، يصعب إصلاح النظام السياسي في لبنان، بالنظر إلى أن النظام تم إنشاؤه لإنهاء حرب أهلية، وبالتالي يعطي الأولوية لجلب جميع الطوائف اللبنانية إلى طاولة المفاوضات على الحكم الفعال.

ولاحظت السلطات اللبنانية والقبرصية تزايد محاولات الهجرة غير الشرعية عن طريق القوارب من الشواطئ اللبنانية خلال الأشهر العديدة الماضية، ما يشير إلى شدة الأزمة الاقتصادية في لبنان وتراجع التفاؤل بين اللبنانيين واللاجئين على حد سواء بشأن مستقبل لبنان.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحكومة اللبنانية سعد الحريري الاقتصاد اللبناني مرفأ بيروت

عون يكلف الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

عودة الحريري.. كيف تبددت طموحات الثورة في لبنان؟

مصدر مقرب من عون: ضغوط أمريكية وراء تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية

عون لرئيس حكومة تصريف الأعمال: سعد الحريري كاذب (تسجيل مسرب)