الانتخابات الأمريكية تختبر العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج

الأحد 1 نوفمبر 2020 04:51 م

صنعت صادرات النفط إلى الولايات المتحدة ثروات دول الخليج العربي لعقود من الزمن، لكن الزمن يتغير، وتبحر معظم ناقلات النفط في الوقت الحاضر شرقا لتزويد الأسواق الآسيوية.

وقد انخفضت صادرات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة بأكثر من النصف بين عامي 2014 و2019. ومع ذلك، لا تزال منطقة الخليج تستفيد بشكل كبير من قوة الاقتصاد الأمريكي.

وقال "مايكل مادويل"، رئيس معهد "صناديق الثروة السيادية"، إن صناديق الثروة السيادية الخليجية كانت تاريخيا من المستثمرين الكبار في السوق الأمريكية. وخلال انهيار سوق الأسهم الناجم عن فيروس كورونا في فبراير/شباط وأبريل/نيسان، دخل صندوق الاستثمار العام السعودي في فورة تسوق، واكتسب حصص تزيد قيمتها عن 5 مليارات دولار في شركات أمريكية كبرى مثل "بوينج" و"ديزني" و"فيسبوك".

وبعد بضعة أشهر فقط، أغلق صندوق الثروة السيادية بعض هذه الصفقات، محققا "أرباحا ضخمة"، كما قال محافظ الصندوق "ياسر الرميان" لمجلة "بارون".

وقال "محمد السويد"، مدير الأصول والمعلق المالي السعودي، لـ "المونيتور": "أود أن أقول إننا منفتحون بشدة على الأسواق المالية الأمريكية، لا سيما بعد استثمارنا في صندوق رؤية سوفت بنك وصندوق الاستثمارات العامة هناك".

ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، تمتلك السعودية أيضا 130 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية.

وقال "مادويل" إنه يعتقد أن الولايات المتحدة ستظل وجهة "جذابة" للاستثمارات الخليجية بعد حالة عدم اليقين قصيرة المدى. وفي عام 2020، شهدت الولايات المتحدة أكبر انخفاض فصلي لها منذ الكساد الكبير، تلاه معدل نمو قياسي للناتج المحلي الإجمالي.

ويرتبط الاستقرار النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي كذلك ارتباطا وثيقا بالقوة الاقتصادية للولايات المتحدة. وباستثناء الكويت، تم ربط جميع العملات في المنطقة بأسعار فائدة ثابتة بالدولار الأمريكي منذ منتصف الثمانينيات.

  • الصناعات السعودية الناشئة

وقبل حدوث تحول كبير في مجال الطاقة، تتطلع دول الخليج إلى إقامة شراكات اقتصادية متعمقة مع الكيانات الأمريكية للمساعدة في إصلاح اقتصاداتها المعتمدة على الوقود الأحفوري. لكن بالنسبة لـ "عصام الطواري"، المؤسس والشريك الإداري لشركة الاستشارات الاقتصادية "نيوبري" ومقرها الكويت، فإن تدفق الأموال يذهب في اتجاه واحد فقط. وقال لـ "المونيتور": "لا أرى حقا الكثير من الشركات الأمريكية تغامر بدخول المنطقة".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال السفير الأمريكي السابق لدى عُمان، "مارك سيفرز"، لـ "المونيتور"، إن على دول الخليج "إبلاغ المستثمرين الأمريكيين بالفرص المتاحة".

وفي السعودية، يسعى ولي العهد "محمد بن سلمان"، من خلال خطته المعروفة باسم "رؤية 2030"، إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بمليارات الدولارات لتقليص اعتماد المملكة على عائدات النفط وتحقيق هدف إقامة اقتصاد محلي مزدهر.

وقال "السويد" إن المستثمرين الأمريكيين يجب أن ينظروا إلى القطاعات الناشئة في السعودية، مثل الترفيه والسياحة والرهن العقاري وقطاع الإسكان.

وقال "جمشيد أنور شاثا"، مساعد الأمين العام السابق في مجلس الخدمات المالية الإسلامية وخبير التمويل الإسلامي في بنك الكويت المركزي، إن التمويل الإسلامي قد يكون وسيلة إضافية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والخليج.

وأضاف أن المصارف الإسلامية في الخليج ربما تجد "سوقا مثاليا" في الولايات المتحدة ويمكنها كذلك تقديم "فرص استثمارية حلال" في الخليج للمسلمين الأمريكيين. وتابع: "يتعين على الإدارة الأمريكية أن تنظر إلى التمويل الإسلامي بشكل أكثر إيجابية"، وتوقع أن تبدي إدارة "بايدن" "نوعا من المرونة" في هذا الصدد.

  • الانتخابات الرئاسية الأمريكية

وتستعد دول الخليج للعواقب المحتملة لفوز "جو بايدن" في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني. وأعلن المرشح الديمقراطي للرئاسة أنه سيعيد الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني، مع إنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وقال إن على الحكومة السعودية "دفع ثمن" سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان.

وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، كانت "فرقة اغتيال" قد طارت إلى اسطنبول من السعودية لقتل وتقطيع أوصال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية المملكة هناك. وواجه ولي العهد سيلا من الإدانات الدولية، بما في ذلك من القادة الجمهوريين في الكونجرس الذين دعوا إلى دعم الحزبين لإدانة ولي العهد رسميا.

ومع ذلك، رفض الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تحميل ولي العهد المسؤولية عن جريمة القتل. ووفقا للصحفي الأمريكي "بوب وودوارد" في كتاب له عام 2018، فقد "أنقذ ترامب بن سلمان وتمكن من إقناع الكونجرس بتركه وشأنه".

وحذر "جيمس سوانستون"، كبير محللي اقتصاد الشرق الأوسط في "كابيتال إيكونوميكس"، من أن احتمال تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والخليج في ظل إدارة "بايدن" ربما "تزيد من علاوة المخاطرة التي يطلبها المستثمرون لمواصلة إقراض الدول الخليجية".

ومنذ عام 2015، دأبت دول الخليج على استغلال أسواق الدين العالمية بشكل متكرر لتمويل عجز كبير في الميزانية. وتتوقع وكالة التصنيف الائتماني "إس آند بي" أن تزيد الديون الحكومية لمجلس التعاون الخليجي بمقدار 100 مليار دولار في عام 2020 وحده.

لكن بالرغم من وعد "بايدن" بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع الرياض، تواصل دول الخليج التشبث بالالتزامات الأمنية الأمريكية تجاه المنطقة.

ومن الصعب أن يؤدي فوز "بايدن" إلى انقلاب كامل في التحالفات المستمرة منذ عقود. لذلك من المتوقع أن تستمر العلاقات بغض النظر عن هوية من هم في البيت الأبيض. كل ما في الأمر أن العلاقة يمكن أن تصبح أكثر دفئا أو برودة.

المصدر | سباستيان كاستلير/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الخليجية الأمريكية الانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن دونالد ترامب اقتصاد الخليج

بين ترمب وبايدن: ماذا ينتظر الخليج بعد الانتخابات؟

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.. دول الخليج تبحث طريقا وسطا بين واشنطن وبكين

من منتجين للنفط إلى مراكز للتقنية.. تحولات مصيرية بالاقتصاد السعودي والإماراتي