مستقبل وطن.. حزب السيسي وظهيره المتحكم في مصر

الأحد 8 نوفمبر 2020 04:18 م

بدأ التصويت في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (البرلمان) المصري، في خطوة تتشابه في نتائجها بما جرى خلال المرحلة الأولى، عندما حصد حزب "مستقبل وطن" الأغلبية الكاسحة دون منافسة.

هذا الصعود للحزب السياسي الذي خرج من رحم الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب "محمد مرسي"، في 2013، يثير التساؤل في الشارع المصري: "هل هو حزب الرئيس عبدالفتاح السيسي؟، أم أنه ظهير الدولة العميقة؟".

ويقام اقتراع مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) بعد وقت قصير من انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية)، حيث ظهرت سيطرة واسعة لحزب "مستقبل وطن"، الذي يخوض الانتخابات من دون منافسة من أي جهة معارضة.

وحزب "مستقبل وطن"، هو حزب سياسي مصري تأسس قبل الانتخابات البرلمانية المصرية 2015.

ومن النشأة، يبدو أن "مستقبل وطن"، وفق مراقبين، تم إعداده ليكون أحد الكيانات البارزة في الحياة السياسية المصرية، سواء برغبة من أعضائه أو توجيه من الدولة.

وسريعا، صعد شاب يدعى "محمد بدران" إلى الحياة السياسية، عبر إطلاق حملة بعنوان "مستقبل وطن"، لدعم "السيسي"، في مرحلة ما بعد الانقلاب على مرسي، على خلفية كون "بدران" رئيسا لاتحاد طلاب مصر آنذاك.

ثم تحولت الحملة إلى حزب أسسه وترأسه "بدران" في أغسطس/آب 2014، وخصه "السيسي" بالصعود معه على متن يخت "المحروسة"، أثناء افتتاح تفريعة جديدة لقناة السويس، عام 2015، وراجت تقارير صحفية آنذاك أن الحملة والحزب ظهرا بدعم من الدولة.

واستطاع الحزب في أول تجربة برلمانية له أن يحصل على 53 مقعدا داخل مجلس النواب، قبل أن يستطيع قيادة تشكيل ائتلاف "دعم مصر" المؤيد للسلطة داخل البرلمان.

وبطريقة دراماتيكية، سافر "بدران" إلى الولايات المتحدة، بهدف معلن هو استكمال الدراسة، مطلع يناير/كانون الثاني 2016، وحصل على دورة سريعة في القيادة والإدارة، قبل أن يستقيل من الحزب إثر أزمات داخلية، عقب تغيبه الطويل بالخارج، وذلك في سبتمبر/أيلول 2016.

بعدها أصبح "أشرف رشاد"، وهو وجه غير معروف حزبيا، رئيسا جديدا للحزب بالتزكية، في سبتمبر/أيلول 2017، مع نفي متكرر لكونه حزب الرئيس.

وعلى الرغم من أن الحزب يترأسه حاليا "عبدالوهاب عبدالرازق"، الذي تم انتخابه مؤخرا رئيسا لمجلس الشيوخ، إلا أنه بالضغط على أيقونة التعريف بالحزب عبر موقعه الإلكتروني، تظهر صورة كبيرة لـ"السيسي" في الواجهة.

وقال "عبدالرازق"، في حوار متلفز نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي: "إننا حزب داعم للدولة، وفي ظهر الدولة أو ظهير لها، وذلك أمر له شقان، شق أننا نقف مع الدولة، ولكن نتدخل للتصحيح".

ويحظر الدستور المصري أن يترأس رئيس الدولة حزبا سياسيا، لكن "مستقبل وطن" يبدو على أرض الواقع حزب "السيسي"، كما يقول معارضون.

ويقول هؤلاء إن الحزب يكرر تجربة "الحزب الوطني"، الذي ترأسه الرئيس الراحل "حسني مبارك" (1981-2011)، وكانت ممارساته سببا في الإطاحة به في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

كما يرون أن الحزب يتلقى "دعما كبيرا من الدولة لإدارة الحياة البرلمانية والسيطرة عليها، في ظل استحواذ على المجلسين البرلمانيين".

ولعل حديث القيادي بالجزب إبراهيم عجلان، في مقطع الفيديو الشهير دليل على ما تصفه المعارضة عندما اعترف أن "مستقبل وطن" هو ذاته "الحزب الوطني"ولكن بصورة أخرى.

وقال "عجلان" في مقطع الفيديو الذي لاقى انتشارا واسعا: "مستقبل وطن اللي هو كان زمان الحزب الوطني.. النهارده جميع الأجهزة بتخدّم على حزب مستقبل وطن".

ويتعاظم دور الحزب، في وقت أصبحت فيه قبضة الدولة على السياسة والإعلام في أشد حالاتها منذ عقود.

ويشير كثيرون في المناطق الريفية والفقيرة إلى (مستقبل وطن) على أنه حزب "السيسي".

وتُظهر أغنية مصورة من إنتاج الحزب، يبثها التلفزيون الرسمي، سلعا استهلاكية من بينها ثلاجات وأفران طهي يتم توزيعها على المواطنين في صناديق ورقية مزينة بصورة السيسي، وإلى جانبها شعار الحزب.

وسيطر حزب مستقبل وطن على نحو 70% من مقاعد مجلس الشيوخ، كما أن مرشحيه حققوا انتصارات كاسحة في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وسط توقعات باستمرار هذا الانتصار خلال المرحلة الثانية.

ووفق المسار الذي يعتمده "السيسي" حتى الآن، فهو أول رئيس لمصر لا يقف خلفه تنظيم أو حزب سياسي معلن، ولا يمكن تغيير هذا الأمر، إلا بتعديل دستوري، فالمادة (140) من الدستور المصري تنص على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة".

ولم تُمس تلك المادة في تعديلات دستورية أُقرت في 2019، وسمحت لـ"السيسي" بإمكانية البقاء في السلطة حتى بعد 2030.

وعلى الرغم من ذلك، فإن "مستقبل وطن" كان يقود ائتلاف "دعم مصر"، منذ 2015، وهو الائتلاف الداعم الأول لـ"السيسي"، والذي واجه في 2018، معارضة قانونية وسياسية من مؤيدين للنظام بتحويله إلى حزب.

فتغيير عضوية النائب من ائتلاف إلى حزب سيصطدم بالمادتين (110) من الدستور و(6) من قانون مجلس النواب، وهما تنصان على إسقاط عضوية النائب حال تغير أحد شروط العضوية، كالصفة أو الانتماء الحزبي اللذين انتُخب على أساسهما.

ولعل ما جرى في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب هذه المرة، معالجة لهذا الامر، عندما ترشح أغلب مؤيدي النظام على باسم الحزب، وليس ضمن ائتلاف.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مستقبل وطن مصر الانتخابات البرلمانية السيسي

في مصر.. قاضي سعودية تيران وصنافير على رأس قائمة مستقبل وطن للبرلمان