منظمة إمجيدج.. طابور خامس بين مسلمي أمريكا داعم لإسرائيل وحليف لبايدن

الأربعاء 11 نوفمبر 2020 01:14 م

"لوبي إسلامي داعم لإسرائيل".. توصيف يبدو متناقضا للوهلة الأولى، لكن إعلان فوز "جو بايدن" بانتخابات الرئاسة سلط الضوء على حقيقته بأوساط السياسة الأمريكية.

فالانتخابات الأخيرة كشفت عن صعود كبير لمنظمة "إمجيدج"، التي أصبحت المستهدف الأول للسياسيين الديمقراطيين الذين يغازلون أصوات المسلمين الأمريكيين، إلى حد تعيين "بايدن" أحد أعضائها "فاروق ميثا" ليكون كبير مستشاريه للمشاركة الإسلامية بالانتخابات.

وبينما ظهرت صورة المنظمة كجماعة ضغط تعمل لصالح مشاركة وتأثير أوسع للمسلمين الأمريكيين، كان هناك القليل من الاهتمام بعلاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي واللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة، وهي العلاقات التي بلغت حد تنظيمها رحلات إلى دولة الاحتلال وتكشف وجود علاقات وثيقة لها مع الجيش الإسرائيلي.

وجاءت مشاركة "بايدن" بمؤتمر فيديو نظمته "إمجيدج"، في أبريل/نيسان الماضي، بمثابة انقلاب في اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية بها، حتى وصفتها "واشنطن بوست" بأنها "أكبر لجنة للعمل السياسي بين المسلمين الأمريكيين" بالرغم من عدم وضوح ما استندت إليه الصحيفة الأمريكية في هكذا تصنيف.

ونقلت الصحيفة عن "ميثا" قوله إن "بايدن فخور بالوقوف إلى جانب إمجيدج في إحدى أكثر اللحظات تحديًا للأمريكيين المسلمين في التاريخ".

غير أن مجلة الانتفاضة الإلكترونية (Electronic Intifada)، المعنية بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أجرت تحقيقا تناول دور "ميثا" في تعزيز علاقات المنظمة مع اللوبي الصهيوني، ومشاركته في مؤتمرات لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، المعروفة اختصارا باسم "آيباك".

عائلة "ميثا"

وأشارت المجلة إلى أن "أمين ميثا"، والد "فاروق"، عضو بمجلس إدارة "إمجيدج" ووكيلها المسجل في فلوريدا، حيث يقع المقر الرئيسي للمنظمة في أحد فنادق مجموعة "ترافيلودج"، المملوكة لعائلة "ميثا".

ويروج آل "ميثا" لأنفسهم على أنهم قصة نجاح أمريكية جريئة، عبر إدارتهم لفنادق صغيرة في فلوريدا، ما يعني أن وجود مقر "إمجيدج" في أحد هذه الفنادق يعزز مصالح العائلة، وهو ما اعتبرته "الانتفاضة الإلكترونية" مثالا صارخا على تضارب المصالح.

فالعائلة ذات مصلحة في دعم "بايدن" لأسباب تجارية، فيما تروج "إمجيدج" لصورتها بالأوساط الأمريكية باعتبارها صوت اللوبي الإسلامي الصاعد.

ولد "أمين ميثا" في مجتمع إسماعيلي (شيعي) بمنطقة تنجانيقا التي كانت خاضعة للحكم البريطاني في الهند عام 1970، وبعد سنوات قليلة من استقلال البلاد غادرها لأن الحكومة الاشتراكية الجديدة آنذاك عرقلت بدء مشروعه الخاص.

أما "فاروق" فعمل بالبنتاجون في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، وشارك في جهود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية تحت شعار "دبلوماسية المسار الثاني"، كما شغل منصب "مدير التوعية الإسلامية" لحملة المرشحة الديمقراطية بانتخابات الرئاسة عام 2016 "هيلاري كلينتون".

التأسيس والتمويل

ويعود تأسيس "إمجيدج" إلى عام 2006 كمركز لدعوة الناخبين، وتحت هذا الشعار قامت برعاية حملة لجمع التبرعات عام 2010 لصالح "إليانا روس ليتينن"، عضو الكونجرس عن ولاية ميامي، والتي كانت من أشد المؤيدين لإسرائيل.

وأطلقت "إمجيدج"، خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، ما أسمته حملة "مليون صوت مسلم"، رغم عدم وجود دلائل على امتلاكها البنية اللازمة لإنجاز هكذا جهود وطنية لتسجيل الناخبين وتعبئتهم، بحسب تحقيق "الانتفاضة الإلكترونية".

وفي عام 2019، تلقت المنظمة دعما ماليا كبيرا من مركز سياسة المجتمع المفتوح، وهو أحد أذرع التمويل للملياردير "جورج سوروس"، إذ تبرع بمليون دولار لدعم المنظمة.

وعمل رئيس المنظمة التنفيذي "وائل الزيات" في وزارة الخارجية الأمريكية لأكثر من 10 سنوات، وقضى فترة عمل في السفارة الأمريكية بالعراق، الذي كان خاضعا لاحتلال الولايات المتحدة.

وكان "الزيات" أيضًا مستشارًا بارزًا لـ"سامانثا باور"، سفيرة "أوباما" لدى الأمم المتحدة، ومن أبرز مؤيدي حروب تغيير الأنظمة تحت شعار "التدخل الإنساني".

ولطالما روجت وسائل إعلام أمريكية لـ"الزيات" باعتباره "خبيرا" بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو جزء من كتلة اللوبي الإسرائيلية "آيباك".

غسيل الأديان

ليس هذا فقط، بل إن اثنين على الأقل بمجلس إدارة "إمجيدج" هم من خريجي مبادرة القيادة الإسلامية "MLI"، التي وصفتها "الانتفاضة الإلكترونية" بأنها "جهد دعائي لغسيل الأديان يديره معهد (شالوم هارتمان)، وهو مركز أبحاث إسرائيلي يعمل بشكل وثيق مع الجيش الإسرائيلي"، ومختص بتدريس الفكر والعقيدة الصهيونية والتعريف باليهودية.

ويحصل المعهد على تمويل من مؤسسة "راسل بيري"، وهي واحدة من الممولين الرئيسيين للجماعات المعادية للإسلام في الولايات المتحدة.

وتعرف الصحفية "سناء سعيد" غسيل الأديان بأنه "استراتيجية دعائية تهدف إلى تغيير سبب الاحتلال الإسرائيلي المستمر، والتطهير العرقي في فلسطين، من مشروع استيطاني إلى عداء تاريخي طويل بين اليهود والمسلمين".

وباسم معالجة هذا العداء الديني المزعوم، تهدف مبادرات مثل "القيادة الإسلامية" إلى استمالة وإسكات منتقدي إسرائيل المحتملين تحت غطاء الحوار "بين الأديان".

ويتمثل أحد أهداف المبادرة في تنمية "قيادة" مسلمة في أمريكا الشمالية "صامتة بشأن جرائم إسرائيل" على الأقل، إن لم تكن صديقة لدولة الاحتلال بشكل علني.

ويدير المبادرة الأستاذ التركي المولد في جامعة ديوك "عبدالله عنتيبلي" والكاتب الإسرائيلي المولود في بروكلين "يوسي كلاين هاليفي"، وهو من أتباع الحاخام الراحل "مئير كاهانا"، مؤسس حزب كاخ الإسرائيلي العنصري، والذي صنفته وزارة الخارجية الأمريكية كمنظمة إرهابية أجنبية.

وبينما حاول "هاليفي" تخفيف صورته الموالية لإسرائيل في السنوات الأخيرة، لكن تطرفه المناهض للفلسطينيين لايزال كما هو، بحسب تحقيق "الانتفاضة الإلكترونية".

وفي عام 2018، تمت ترقية المديرة التنفيذية لـ"إمجيدج" في تكساس "نبيلة منصور"، لتصبح "زميل مبادرة القيادة الإسلامية في معهد شالوم هارتمان".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، شارك "وائل الزيات" بحفل تأسيس "التحالف اليهودي الإسلامي"، وهو مشروع لغسيل الأديان تدعمه الحكومة الألمانية.

ويدير هذا "التحالف" مشروع القيادة الأفريقية الشرق أوسطية "AMEL" في واشنطن، وتتمثل مهمته في "حشد وتمكين وتوحيد قادة وناشطي جيل الألفية من الشرق الأوسط وأفريقيا".

ومن مؤيدي المشروع وداعميه (بلو لايت ستراتيجيز Bluelight Strategies)، وهي شركة علاقات عامة تأسست خصيصًا للدعاية لإسرائيل بين الفئات الديمقراطية والتقدمية المتشككة تجاه دولة الاحتلال.

ومن عملاء الشركة "شبكة العمل الإسرائيلية"، و"اللجنة اليهودية الأمريكية" وغيرها من المنظمات المنخرطة بجهود حثيثة لمناهضة حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) المؤيدة لحقوق الفلسطينيين.

كما أن "الزيات" عضو في تنظيم آخر لغسيل الأديان، هو "المجلس الاستشاري بين المسلمين واليهود"، ومن بين زملائه الأعضاء "ديفيد هاريس"، الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية.

وتحت قيادة "هاريس"، كانت اللجنة اليهودية الأمريكية واحدة من أكثر المروجين تشددًا لأجندة إسرائيل، بما في ذلك الضغط من أجل الحرب مع إيران، وتشويه سمعة مؤيدي حقوق الفلسطينيين عبر الزعم بأنهم معادون للسامية، والمطالبة بأن تكون المساعدات الإنسانية، بعد انفجار بيروت في أغسطس/آب الماضي، مشروطة بنزع سلاح "حزب الله".

ومن بين أعضاء المجلس الاستشاري بين المسلمين واليهود عضوان على الأقل من خريجي مبادرة القيادة الإسلامية، بحسب تحقيق "الانتفاضة الإلكترونية".

أنشطة صهيونية

وفي السياق، دخلت "إمجيدج" في شراكة مع رابطة مكافحة التشهير، التي تحشد حملات ضد الحقوق الفلسطينية وتنظر إلى حركة "حياة السود مهمة" باعتبارها تهديدًا لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل.

وكانت 100 جماعة مناهضة للعنصرية بالولايات المتحدة، قد دعت، في أغسطس/آب الماضي، إلى مقاطعة الرابطة، على خلفية تاريخها في تبني أجندة عنصرية، بينما تتنكر في هيئة جماعة للحقوق المدنية.

ولذا، دعا "حاتم بازيان"، المؤسس المشارك لمنظمة "المسلمون الأمريكيون من أجل فلسطين" ، القادة المسلمين إلى تجنب مبادرات مثل "القيادة الإسلامية"، خشية أن تصبح "أدوات للدعاية الإسرائيلية"، كما طالب فلسطينيون ومئات من منظمات وأفراد الجالية الإسلامية بمقاطعة المبادرة.

وفي حين يحافظ قادة "إمجيدج" عمومًا على سرية علاقاتهم باللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، لكن شخصًا واحدًا منهم على الأقل كان صريحًا في فخره بدعم إسرائيل، وهو "حمزة خان"، الناشط بالحزب الديمقراطي في ولاية ماريلاند، ذو الأصل الباكستاني.

ففي عام 2006 ، ظهر "خان" في تجمع مؤيد لإسرائيل بواشنطن، حمل لافتة كتب عليها "المسلمون الحقيقيون يدعمون إسرائيل"، وفي عام 2012، أدار حملة عبر الإنترنت لجمع أموال لصالح مؤتمر "آيباك".

 

 

ورغم أن "خان" نشر انتقادات محدودة لإسرائيل في الآونة الأخيرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه لم يتخل عن آرائه السابقة، ولا عن تورطه مع اللوبي الإسرائيلي.

تجاهل فلسطين

وفي ضوء هذه الحقائق، لم يكن مفاجئا ألا يكون لـ"إمجيدج" أي تاريخ في دعم الحقوق الفلسطينية تقريبا، حسبما أفاد تحقيق "الانتفاضة الإلكترونية".

وفي هذا الإطار، يشير قسم "مشكلاتنا" بموقع المنظمة الإلكتروني إلى 3 قضايا دولية فقط، هي: كشمير، ومسلمو الروهينجا في ميانمار، ومسلمو الإيجور في الصين، وجميعها يلقي اللوم فيها على الحكومات، دون إشارة إلى الولايات المتحدة أو إسرائيل.

أما فلسطين أو اليمن أو أي بلد آخر يعاني فيه الناس من التدخل والقصف الأمريكي فلا يمكن العثور علي أي اهتمام به في موقع المنظمة.

وفي رسالة لتأييد "بايدن"، وقعها مسؤولون أمريكيون مسلمون منتخبون، سردت لجنة العمل السياسي بالمنظمة مجموعة من أفعال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" السيئة بحق المسلمين، دون أي ذكر لإلغائه المساعدات الأمريكية للاجئين والمستشفيات الفلسطينية، أو اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل أو خطته "للسلام" التي تلغي الحقوق الفلسطينية، والمعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن".

وعلى المنوال ذاته، جاءت ممارسات "فاروق ميثا"، في دوره بحملة "بايدن"، إذ قام بإخراج الناشط والممثل الأمريكي الفلسطيني "عامر زهر" من مؤتمر فيديو عبر تطبيق زوم، في يونيو/حزيران الماضي، على أثر انخراط الأخير في حوار ساخن مع مستشار المرشح الديمقراطي حول ممارسات الحملة الرافضة لحقوق الفلسطينيين.

وإزاء ذلك، غادر العديد من المشاركين الحدث احتجاجا على "ميثا"، واتهمته أستاذة القانون والناشطة المسلمة "نادية أحمد" بأن وظيفته في حملة "بايدن" هي "إبقاء المسلمين تحت السيطرة ومنعهم من فعل أي شيء".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

إمجيدج بايدن المسلمين الأمريكيين

بالتطبيقات الدينية في الهواتف.. أمريكا تتجسس على المسلمين

بايدن ومسلمي أمريكا.. الخروج من "عنق زجاجة" ترامب

من هي سميرة فاضلي أول مسلمة محجبة تتحدث باسم الإدارة الأمريكية؟

1.1 مليون.. 71% من الناخبين المسلمين بأمريكا أدلوا بأصواتهم بسباق 2020