الروس هنا ولزمن طويل والأفضل العودة إلى وضع التوازن ثنائي القطب

الأربعاء 23 سبتمبر 2015 12:09 م

ما الذي يدفع الرئيس الروسي إلى أن ينقل إلى سوريا طائرات، سلاح متطور و«مستشارين» بعضهم مقاتلو وحدات خاصة؟ وبالفعل، إذا كان بدا في الماضي بأن موسكو وطهران قريبتان من رفع اليدين والسماح للأسد بالانهيار، فقد طرأ العكس فجأة: في ظل الاتفاق النووي، ارتفع مؤخرا التدخل الروسي في القتال في سوريا إلى مرحلة ذات مغزى.

بعد أن سبق له أن أنقذ «الأسد» من هجوم أمريكي، يشخص الرئيس «بوتين» الآن أمام ناظريه هدفين: منع انتشار الإرهاب الجهادي، ولحظة مناسبة لإعادة إقامة «رؤيا بوتين» التي تتضمن محورا شقيا في الشرق الاوسط يؤدي إلى إعادة السيطرة ثنائية القوى العظمى واستئناف الحرب الباردة.

مع نجاحات قليلة في شرق أوروبا وبعد سقوط النظام في ليبيا، فإن انهيار «الأسد» سيمس أساسا بالشريك الاستراتيجي المركزي لروسيا في المنطقة: إيران. فإيران ما بعد الاتفاق النووي هي الحليف المطلق لموسكو. وقد تسوغ المنبوذ وبات الطريق مفتوحا على مصراعيه. فطهران تتعرض لضغوط دولية أقل – ويعد رفع العقوبات والانتعاش الاقتصادي المرتقب بإمكانية كامنة لمشتريات كبرى للسلاح الروسي (وبالتأكيد في ضوء الانخفاض في المداخيل من النفط). فإيران هي قارعة طبول الحروب الأساسية، والارتباط بها يضمن رزقا لصناعة السلاح الروسية.

يحتاج الإيرانيون للروس بقدر لا يقل: فمع أنه لا يوجد الآن، مع تعليق البرنامج النووي سبب يدعوهم إلى الإسراع لشراء صواريخ إس – 300 الغالية، إلا أنهم يحتاجون جدا للمساعدة في إنقاذ سوريا. فبدونها من شأن طهران أن تنقطع عن التواصل البري نحو حزب الله. وهذا التواصل هو مصدر قوتها المركزية وإيران بحاجة إلى الترسانة الروسية ولحماية موسكو في أثناء الرقابة على الاتفاق النووي. فيتو «بوتين» يمكنه أن يضمن للإيرانيين تنزيلات في تنفيذ الاتفاق.

ويبرز تطور المحور الروسي على خلفية الضعف الأمريكي. فتحت الاعلان عن «القتال ضد داعش» يمكن للروس أن يعملوا بحرية: السعودية ومصر تكبدان نفسيهما عناء الحجيج أساسا شرقا إلى موسكو، تركيا تعمل لوحدها، وبين (إسرائيل) والولايات المتحدة نشأت ثغرة سياسية. وباختصار، باستثناء الهجمات الجوية للتحالف، فإن المنطقة متروكة لرحمة الروس والايرانيين – وهؤلاء يجيدون بالفعل استغلال الثغرة. وينظر الأمريكيون بامتعاض إلى النشاط الروسي المتعاظم في سوريا ولكنهم يردون عليه بلغة هزيلة.

البيت الأبيض، الذي تعرض حتى الآن لانتقاد لاذع على الاتفاق النووي، سيكون مطالبا بأن يستعيد النفوذ الاقليمي كي يحافظ على الردع في مواجهة الإيرانيين. أما الأوروبيون الذين أغلقوا على أنفسهم ستار اللامبالاة فيتحملون النتيجة مع موجات اللاجئين. و(إسرائيل)، من جهتها، مطالبة بأن تغير الخط المتحدي الذي تتخذه وتنتقل إلى نهج ايجابي حيال الولايات المتحدة.

مثل هذا الخط سيساعد الإدارة على إعادة بناء مكاتها الاقليمية. زيارة رئيس الوزراء إلى موسكو اليوم هامة بحد ذاتها، إلا أن نتائجها ستكون على ما يبدو رمزية فقط – فلن يكون لاسرائيل تأثير جوهري على خطوات الروس.

على المدى البعيد ليس لنا أن نسير اسرى خلف التفسير الروسي للقتال ضد «داعش»: الروس هنا، ولزمن طويل. في هذا الوضع من الأفضل العودة إلى وضع التوازن ثنائي القطب، على الواقع الناشئ للقطب الواحد بقيادة روسيا وايران.

* الجنرال إسرائيل زيف لواء احتياط رئيس شعبة العمليات في هيئة الاركان الإسرائيلية سابقا.

  كلمات مفتاحية

روسيا أمريكا البيت الأبيض واشنطن سوريا الأسد بوتين إسرائيل الاتفاق النووي إيران

وزير خارجية روسيا: أمريكا أصبحت أكثر تقبلا لموقف موسكو تجاه «الأسد»

لا داعي للقلق من «عسكر بوتين» في سوريا؟

الخارجية الأمريكية: «كيري» أبلغ «لافروف» أن دعم روسيا لـ«الأسد» «يثير مخاطر»

«لافروف»: إرسال عتاد عسكري لسوريا.. وموسكو تعزز وضعها قبل اجتماع أممي

«لافروف»: «الأسد» ما زال رئيسا شرعيا تماما ومطالبته بالرحيل «غير واقعية»

«لافروف» يلتقي «معارضة الداخل» ويؤكد على مواجهة الإرهاب والحل السياسي في سوريا

«لافروف»: روسيا لن تقبل برحيل «الأسد» كشرط مسبق لتسوية أزمة سوريا