اتفاق أوبك+.. مفاجأة تجعل السوق في حالة ترقب وتقلل الخلاف الداخلي

الأحد 6 ديسمبر 2020 01:40 ص

توصلت "أوبك" وحلفاؤها من خارج المنظمة إلى اتفاق تسوية لزيادة تدريجية في إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميًا بدءًا من يناير/كانون الثاني 2021.

وسيجتمع أعضاء التحالف البالغ عددهم 23 شهريًا لتقييم ظروف السوق وتعديل مستويات الإنتاج بالزيادة أو النقصان إذا لزم الأمر.

وبعد يوم من اختتام مداولات "أوبك+"، ظهرت التأثير على السوق حيث ارتفعت أسعار النفط في 4 ديسمبر/كانون الأول إلى أعلى مستوى لها منذ مارس/آذار، إلى ما يقل قليلاً عن 50 دولارًا للبرميل للعقود الآجلة لخام برنت.

خطوات التعافي من الجائحة

كان منتجو "أوبك+" قد وافقوا على خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميًا لإعادة التوازن إلى السوق المتضررة من جائحة فيروس "كورونا"، بموجب اتفاق في أبريل/نيسان أعقب حرب أسعار مؤلمة بين السعودية وروسيا.

وكان من المقرر إلغاء القيود تدريجيا ابتداء من يونيو/حزيران، وسار كل شيء وفقًا للخطة في البداية مع تخفيف الإغلاقات وزيادة الطلب في آسيا، مما سمح بتنفيذ المرحلة الأولى في تقليل التخفيضات من 7.7 مليون برميل في اليوم.

وكان من المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية في يناير/كانون الثاني لتقليل إجمالي الخفض إلى 5.8 مليون برميل في اليوم. 

ولكن في ظل تأثير ضعف الطلب وارتفاع مخزونات النفط على السوق، كان من المتوقع أن تجمد "أوبك +" الإنتاج للأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل، وهي خطوة يعتقد أن السعودية - التي هي أكبر أعضاء أوبك نفوذًا - تفضلها.

كما كانت عودة النفط الليبي إلى الأسواق في الأشهر الأخيرة بإنتاج حالي يبلغ 1.3 مليون برميل في اليوم بعد انخفاضه إلى ما يقرب من الصفر في الصيف عاملاً آخر يجب مراعاته جنبًا إلى جنب مع احتمال عودة بعض النفط الإيراني في العام الجديد إذا خففت الإدارة الأمريكية القادمة العقوبات على إيران.

لم تمض المحادثات بسلاسة كما كان متوقعًا، وتم تأجيل اجتماع "أوبك" لمدة يومين لإتاحة الوقت لحل وسط من شأنه أن يرضي روسيا والإمارات المترددتين، واللتان أفادت التقارير أنهما أصرتا على الامتثال الكامل والتخفيضات التعويضية لجميع الأعضاء الذين يخرقون حصصهم قبل التوقيع على اتفاق.

وتسمح اتفاقية التسوية لأعضاء التحالف الذين لم يلتزموا بحصصهم بوقت لتعديل مستويات إنتاجهم تدريجياً خلال الربع الأول من عام 2021.

وقد جاء ذلك مناسبا لدول مثل العراق، التي لم تلتزم بشكل كامل و كان سيُطلب منها خفض 300 ألف برميل إضافية في اليوم لتحقيق حصتها، وقد رحبت بغداد بالقرار بالنظر إلى الحالة المحفوفة بالمخاطر التي يمر بها الاقتصاد العراقي.

زيادة محسوبة العواقب

ونتيجة لذلك، فإن ما أسماه وزير الطاقة السعودي الأمير "عبدالعزيز بن سلمان" بنهج "نقطة بنقطة"، ستتم موازنته بالتخفيضات الإضافية التي سيجريها العراق والآخرون الذين أنتجوا أكثر من حصصهم المقررة، وبالتالي فإن الزيادة لن تؤثر كثيرًا في توازن السوق أو الانخفاض المتوقع في مخزونات النفط في الربع الأول.

وقال الأمير "عبدالعزيز" في المؤتمر الصحفي الختامي إنه ينبغي على السوق الاعتراف بفضل تحالف "أوبك +" في النجاح في استنزاف إجمالي 1.6 مليار برميل من السوق منذ مايو/أيار بدلاً من التركيز على التقارير عن خلافات داخل المجموعة.

وأضاف: "إذا كنت ترغب في العمل مع 23 دولة، فيجب أن تكون متقبلًا جدًا لفكرة المرونة"، وتابع أن هناك حاجة لتقديم اتفاقية تلبي كلًا من احتياجات السوق واحتياجات المشاركين، وأوضح للصحفيين والمحللين أن المجموعة "أنجزت 99.5% من أكبر خفض إنتاج في التاريخ".

وبالرغم أن وزير الطاقة السعودي قلل من شأن تقارير الخلافات داخل التحالف الواسع، إلا أنه اعترف بأنه في مرحلة ما فكر في الانسحاب، في إشارة إلى دوره كرئيس للاجتماعات الوزارية لـ"أوبك" و"أوبك +" لكنه تراجع ووافق على البقاء في موقعه.

عمل الوزير السعودي عن كثب مع "ألكسندر نوفاك"، وزير الطاقة الروسي السابق الذي تمت ترقيته مؤخرًا إلى نائب رئيس الوزراء.

وكلاهما عضو في لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، التي تراقب الامتثال وتقدم توصيات إلى المؤتمر الوزاري الكامل، وقال الأمير "عبدالعزيز" إن لجنة المراقبة الوزارية المشتركة ستجتمع شهريًا لتقييم أوضاع السوق قبل اتخاذ قرار بشأن تعديل الإنتاج استجابة لتطورات السوق.

وأوضح "نوفاك"، الذي قال إن بلاده ستحصل على تعزيز في الإمدادات يقدر بـ 125 ألف برميل في اليوم بموجب الاتفاقية الجديدة، أن قرار الاجتماع شهريًا يعني أن المجموعة ستكون قادرة على مراعاة العوامل الإيجابية أو السلبية وتحديد الإجراء المطلوب بعد يناير/كانون الثاني.

كما أعلن عن خطط لزيارة السعودية لعقد لقاء شخصي مع الأمير "عبد العزيز" في يناير/كانون الثاني فيما يبدو أنه محاولة لوضع حد للتصورات بأن البلدين غير متوافقين تمامًا فيما يتعلق بالسياسة النفطية.

وقالت شركة الخدمات المالية "سيتي جروب" في مذكرة للعملاء إنها تتوقع عودة 1.9 مليون برميل في اليوم إلى الأسواق بحلول أبريل/نيسان 2021 ما لم تحدث مفاجآت سلبية على صعيد الطلب

تعافت أسعار النفط من ركود أبريل/نيسان، عندما انخفضت أسعار النفط الأمريكي لفترة وجيزة إلى ما دون الصفر، وكانت ترتفع حتى قبل اجتماع "أوبك +" بسبب التوقعات بطرح لقاحات فيروس "كورونا"، وبسبب علامات انتعاش الطلب في الصين والهند.

تهديدات الجائحة قائمة

لكن الصورة العامة تشير إلى نمو غير متوازن مع اجتياح موجة جديدة من الوباء للولايات المتحدة وجزء كبير من أوروبا.

ونتيجة لذلك، قامت "أوبك" في نوفمبر/تشرين الثاني بتعديل توقعاتها للطلب لتخفضها بمقدار 300 ألف برميل في اليوم، حيث تتوقع الآن انخفاضًا إجماليًا في الطلب بمقدار 9.8 مليون برميل في اليوم في عام 2020، (ليصبح إجمالي الطلب العالمي نحو 90 مليون برميل يوميًا).

وبالرغم أنها تتوقع زيادة إلى 96 مليون برميل في اليوم في عام 2021، إلا أن هذا لا يزال أقل بكثير من توقعات الطلب قبل الجائحة البالغة 102 مليون برميل في اليوم.

لقد نجح تحالف "أوبك +" في إطلاق مفاجأة من شأنها أن تبقي السوق في حالة تخمين في الأشهر المقبلة وتوقف المعارضة والخلاف داخل صفوفها، على الأقل في الوقت الحالي. وسيعتمد الكثير على التزام جميع الأطراف بمخصصاتهم الجديدة، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر في توازن العرض والطلب.

المصدر | كيت دوريان/ معهد دول الخليج العربي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوبك+ فيروس كورونا عبد العزيز بن سلمان

رويترز: أوبك+ تتفق على زيادة إنتاج النفط

بلومبرج: أوبك+ تعمل لإصلاح الصدع بين السعودية والإمارات

بلومبرج: خطوة إيرانية قد تؤدي إلى انهيار أسعار النفط

أوبك: 2021 يبدو أكثر إشراقا على منتجي النفط

ستراتفور: أوبك أمام تحديات وجودية مع تراجع هيمنة النفط