الربيع العربي.. أحلام التغيير والحرية حبيسة الزنازين

الجمعة 18 ديسمبر 2020 03:35 م

 في القاهرة كما في دمشق، العاصمتين العربيتين الكبيرتين، أخفق الثوّار في إسقاط حكم الفرد، وقمعت السلطات الأصوات المعارضة بعنف. وانتهى الأمر بعشرات الآلاف ممن شقّ حناجرهم هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" إلى السجون.

فقبل عشر سنوات، كانت أحلام التغيير والحرية تكاد تصل إلى السماء في ميدان التحرير بالقاهرة وغيره من الميادين العربية، ولكنها اليوم وهنت ولم تعد تتجاوز أحيانا الأمل في استنشاق الهواء الطلق خارج زنازين السجون.

خلف قضبان السجون المصرية بات هناك اليوم قرابة 60 ألف "سجين سياسي"، وفق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.

وفي عهد "عبدالفتاح السيسي"، أصبحت مصر ذات المئة مليون نسمة "سجنا بسماء مفتوحة"، وفق منظمة العفو الدولية.

وفي حين أدت الثورة على "حسني مبارك" في 2011 إلى إطلاق سراح الآلاف من السجناء خصوصا الإسلاميين، عادت السجون وامتلأت بعد أقل من ثلاث سنوات بعشرات الآلاف من الإسلاميين، خصوصا من جماعة الإخوان المسلمين، في أعقاب إطاحة الجيش بقيادة "السيسي"، بالرئيس الإسلامي المنتخب "محمد مرسي" في الثالث من يوليو/تموز 2013.

في سوريا، صمد نظام "بشار الأسد" وتحولت الثورة الى حرب أهلية.. وبعد عشر سنوات، ما زال هناك معتقلون يموتون في السجون حيث يمارس التعذيب.

 وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير نشر عام 2017، "استخدمت الحكومة التعذيب والإخفاء القسري كوسيلة لقمع المعارضة لعقود.. لكن منذ عام 2011، أصبحت انتهاكات الحكومة السورية ضد السجناء أشد وأكثر قسوة بكثير".

وأشار تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ديتا أنالايسس غروب" للدفاع عن حقوق الإنسان أن 17 ألفا و723 شخصا قتلوا داخل السجون في سوريا بين 2011 و2015.

ويقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يملك شبكة واسعة من المصادر داخل سوريا، أن "مئة ألف شخص على الأقل قتلوا داخل السجون منذ بدء النزاع" في 2011.

في هذه الأثناء، أمضت عائلات سنوات بحثا عن أبنائها في سوريا حيث تحطمت آمال مئات منهم عام 2018 عندما أبلغتهم السلطات بموت ذويهم قبل وقت طويل.

وتقول مواطنة سورية طلبت عدم الكشف عن هويتها لفرانس برس، إنها علمت في ذلك العام بموت ابن عمها الذي اعتقل في 2011 ولم يعرف عنه شيء من بعدها، مضيفة "حتى في الحزن نخاف ويجب أن نخفي حزننا".

في مصر، امتد القمع بعد وصول "السيسي" إلى الرئاسة عام 2014، ليشمل المعارضين من كل الأطياف، ليبراليين ويساريين إضافة إلى أكاديميين وحقوقيين.

ومع اتساع نطاق الاعتقالات، "أصبح الحبس الاحتياطي بديلا للتوقيف الإداري"، بحسب منظمة العفو الدولية التي أشارت في تقرير أخير إلى أنه خلال السنوات الست الأخيرة، بات الحبس الاحتياطي "يتجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في القانون المصري"، وهو عامان.

وتقول المنظمات الحقوقية إن السلطات المصرية تلجأ إلى توجيه اتهامات جديدة إلى من ترغب في إبقائهم في السجون بعد أن يمضوا عامين في الحبس الاحتياطي لكي يتم حبسهم مجددا على ذمة قضايا جديدة وهو ما يسميه الناشطون بـ"تدوير" الحبس الاحتياطي.

ولا يكاد بعض السجناء المصريين يخرجون حتى يعودوا إلى الزنازين من جديد. ومن بين هؤلاء الناشط "علاء عبدالفتاح" (39 عاما) وشقيقته الصغرى "سناء سيف" (26 عاما).

وتتحدّث والدتهما "ليلى سويف" عن المعاناة التي تعيشها بسبب غياب ابنها وابنتها، وتتمنى أن يخرجا من الحبس وأن يتمكنا مع شقيقتهما الثالثة "منى"، من السفر خارج مصر ليعيشوا "حياة يرتاحون فيها".

وتؤكد "سويف"، أستاذة الرياضيات في كلية العلوم بجامعة القاهرة (64 عاما) أنها "تشجع كلّ من لا يستطيع أن يعيش هنا أن يسافر".

لكن حتى هذا الحلم بات صعب التحقيق، إذ لا تعرف "ليلى سويف" متى يمكن أن يخرج "علاء" و"سناء" من السجن، طالما لا يخضع توقيفهما لأي مسار قضائي أو قانوني واضح.

ووضع "علاء عبدالفتاح" أخيرا، مثل مئات غيره من الناشطين، على اللائحة المصرية للأفراد الداعمين للإرهاب، ما يجعل خروجه من مصر محظورا حتى لو تم إطلاق سراحه.

لكن رغم محنتها الشخصية، تقول "ليلى سويف" إنها لم تندم على مشاركتها في الثورة وانخراط أولادها فيها.

وتضيف "لولا الثورة لما سجن علاء وسناء... فعلاء كان يعمل في جنوب أفريقيا وسناء لم يكن لها أي اهتمام بالسياسة".

ولكن، إذا كانت "الثورة في اللحظة الحالية مهزومة، فهذا لا يعني أنها ستظل مهزومة"، معتبرة أن الثورة أيقظت "وعي الناس بحقوقهم".

وتقول الأم إنها لن تطلب أبدا من أولادها الابتعاد عن السياسة، فالأهم بالنسبة لها "ألا يحتقروا أنفسهم". 

المصدر | الخليج الجديد+ فرانس برس

  كلمات مفتاحية

الربيع العربي مصر اليمن سوريا ليبيا ثورات الثورات

10 سنوات على الربيع العربي.. غضب متفجر وأحلام محطمة

بعد 10 أعوام.. الجارديان: الربيع العربي انقلب لخيبات وتغول أمني

فورين أفيرز: الانتفاضات العربية لم تمت.. وهكذا سيكون المستقبل

الجارديان: الربيع العربي لم يكن لينجح.. والمقبل سيكون مختلفا

مؤرخ لبناني: ثورات الربيع العربي لم تؤد إلى تغيير حقيقي