استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عيد حزين في البلد الأمين

السبت 3 أكتوبر 2015 06:10 ص

اهتزت المملكة العربية السعودية والمجتمع السعودي يوم عيد الأضحى، لحادث مقتل «مدوس العنزي» من قبل ابني عمه سعد وعبدالعزيز، اللذين أطلقا النار عليه في قرية الشملي بالقرب من حائل في السعودية. وقد وثقا هذه الجريمة في شريط تلفزيوني على «الواتس آب»، وهو شريط تهتز له المشاعر، ولا يكاد المرء يطيق النظر إليه، لما فيه من عنف وجريمة دبرت كعربون ولاء لمنظمة «داعش» الإرهابية، وزعيمها المزعوم أبوبكر البغدادي. ويحتار المرء في تفسير ما حدث من قبل شابين صغيرين في السن كي يقدما على قتل صهرهما وابن عمهما الذي تربيا معه في بيت واحد، وأكلا وشربا معه من إناء واحد.

وما يظهر من هذه المأساة أن «داعش» قد استطاع توظيف إعلامه الموبوء والموجّه إلى الشباب وصغار السن كي ينفذوا أوامره ويقتلوا منسوبي القوات المسلَّحة السعودية، حتى ولو كانوا من أقرب أقربائهم. والحقيقة أنه مثلما تهرب البنت الصغيرة من بيت أهلها في بريطانيا، أو يترك الطالب الجامعي دراسته الواعدة، ويتخطى حدود عدة دول حتى يصل إلى شمال سوريا، حيث تلتقطه عصابات «داعش» ويصبح أسيراً لديها، فإن سعد وعبدالعزيز وغيرهما من شباب يافعين يصبحون، وكأنهم مسحورون، كما تقول أمهم، أدوات طيعة لتنفيذ مخططات «داعش» الإرهابية. ومثل هذه الظاهرة وطرق غسل أدمغة النشء بحاجة إلى دراسة معمَّقة من قبل الباحثين في العلوم النفسية والسلوكية.

أما الأمر المحزن الآخر، الذي أدمى قلوبنا فهو وفاة أكثر من سبعمائة حاج في منى نتيجة التدافع بين كتل بشرية تصادمت في طريقها بين مجموعات عائدة إلى مخيماتها وأخرى متجهة إلى رمي الجمرات، ومع أن التحقيق في الحادث لا يزال جارياً من قبل السلطات السعودية المسؤولة عن الحج، فإن عدم التزام بعض مسيِّري الحجاج من حملات الحج والمطوفين بأنظمة التفويج هو المسؤول الأول عما حدث في هذا التدافع.

غير أن ما يحزن المرء هنا هو استغلال بعض الجهات الحكومية في إيران لحادثة الحج!

وبدلاً من مواساتها لأهالي الضحايا وتقديم العون المطلوب للمصابين، فإن بعض الجهات الإيرانية المسؤولة حاولت أن تستغل هذا الحادث وتتهم المملكة العربية السعودية بالتقصير في إدارة الحج مطالبة بتدويل هذه الشعيرة المقدَّسة، علماً بأن السعودية تصرف مليارات الدولارات كل عام على تنظيم الحج وتوسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولا تتقاضى أية رسوم من الحجاج لقاء الخدمات الطبية والأمنية والمياه وغيرها، بل كل ما يدفعه الحاج هو 300 ريال أجرة إقامته في منى وعرفات و435 ريالاً للتنقل بين المشاعر المقدسة ومطار جدة والمدينة المنورة، وغيرها من المصروفات القليلة التي تدفع إلى مؤسسات الطوافة بمكة المكرمة، وإلى مؤسسات الأدلاء بالمدينة المنورة.

ومثل هذا الادِّعاء من قبل السلطات الإيرانية ليس بجديد، فلقد ذكَّرنا بذلك الرئيس المقتول، معمَّر القذافي، الذي استغل عداءه للمرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليطالب بجعل مكة والمدينة تحت سلطة دولية، متناسياً أن أرض العروبة في مكة والمدينة قد شرفها الله بخدمة الوافدين إليها حتى قبل نزول الرسالة الإسلامية إلى نبي الهدى محمد عليه الصلاة والسلام، وكانت هذه الأرض المقدسة تحت سيادة القبائل والدول العربية منذ أمد الدهر، وحينما حاول «أبرهة» غزو مكة عام 570م فإن الله قد حمى بيته العتيق بأن جمَّد حركة الفيلة التي كانت تتوجه إلى هدم الكعبة المقدسة التي بناها إبراهيم عليه السلام، وكذلك أرسل طيراً أبابيل كي تقذف جنوده بحجارة من سجيل كما جاء في القرآن الكريم.

وهذا يعني أن سيادة العرب على مكة أمر سابق لنزول القرآن الكريم وللرسالة المحمدية السماوية، ومن ثم فإن إكرام مكة بالرسالة السماوية الخالدة قد عزز من قدرها وقدر أهلها، ولم يجعلهم تبَّعاً لأي قوة خارجية، كائنة من كانت. ومن ثم فلا يحق لإيران أو غيرها من الدول أن تنزع عن مكَّة وأهلها وحكومة المملكة العربية السعودية التي يتشرف ملكها بخدمة بيته الحرام، حق السيادة والسدانة للبيت العتيق الذي كان ولا يزال بأيدي العرب. ومثلما كان العرب يتشرفون برفادة واستضافة الحجيج أيام الجاهلية، فإنهم اليوم يواصلون ما قام به آباؤهم قبل ألف وخمسمائة عام، من خدمة الحجاج والتشرف باستضافتهم وبذل الغالي والنفيس في ذلك، وإن كانت هناك من أخطاء فإنها تعالج، ولكن ذلك لا ينزع السيادة من البيت وأهله ومن حكومة المملكة العربية السعودية التي قامت على هذا الأمر منذ نشأتها.

وكما أن للبيت رباً يحميه، فإن للأرض المقدسة أهلها ولهم السيادة فيها، ولا يحق ولا يصحُّ لأي كان التطاول على هذه السيادة أو الطعن فيها، لأنها بدأت من الأزل وستظل بحمدالله باقية فيها وبأهلها إلى أمد الدهر.

* د. صالح عبد الرحمن المانع أستاذ العلوم السياسية - جامعة الملك سعود

  كلمات مفتاحية

السعودية مدوس العنزي الدولة الإسلامية تدافع منى الحجاج إيران حادثة تدافع منى

فاجعة الحج جذورها أعمق بكثير من مجرد التجاذبات الطائفية

مصادر رسمية في عدة دول تتحدث عن 990 قتيلا في كارثة التدافع في الحج

الدول العربية تعلن عن تضامنها مع السعودية ضد استغلال إيران لحادث التدافع

«خامنئي» يطلب اعتذار سعودي عن حادث منى و«الجبير» يرفض لقاء «ظريف»

«أردوغان»: السعودية لا تتحمل مسؤولية حادث منى