دعا المرشد الإيراني الأعلى، «علي خامنئي»، حكام السعودية إلى الإقرار بالمسؤولية عن حادث التدافع الدامي الذي وقع، الخميس الماضي، في منطقة منى بالقرب من مكة، غربي السعودية، مطالبا إياهم بالمبادرة إلى الاعتذار من العالم الإسلامي بدلا من التنصل من المسؤولية عن الحادث عبر توجيه الاتهامات للآخرين.
وقالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية إن «خامنئي» تطرق خلال درس ديني، اليوم الأحد، إلى حادث تدافع الحجيج في منى، الذي أدى إلى مقتل 769 حاجا، بينهم أكثر من 130 حاجا إيرانياً، فضلا عن إصابة934 شخصا، وفق أحدث الإحصائيات الرسمية.
وقال: «لدى العالم الإسلامي الكثير من التساؤلات بهذا الصدد، وينبغي على حكام السعودية بدلا من توجيه الاتهامات للآخرين، الاعتذار من العالم الإسلامي والأسر المفجوعة، وتحمل مسؤوليتهم الجسيمة في هذا الحادث والعمل بمقتضياتها».
وأضاف أن حادث التدافع حول عيد الأضحى إلى عزاء للأمة الإسلامية، معتبرا أنه «لا يمكن للفرد نسيان هذا الحزن لحظة واحدة، هذا الحزن الذي خيّم خلال الأيام الأخيرة على قلوبنا وقلوب المسلمين جميعا».
ورأى أن «اتهام حكام السعودية للآخرين والتنصل من المسؤولية في وقوع هذه الكارثة أمر خاطئ وإجراء عقيم وغير مجد».
وأكد أن هذه القضية «لن تنسى وستتابعها الشعوب بصورة جدية، وينبغي على حكام السعودية بدلا عن التنصل من المسؤولية وتوجيه الاتهام لهذا وذاك، أن يتحملوا المسؤولية ويعتذروا من الأمة الإسلامية والأسر المفجوعة».
وكانت السلطات السعودية دافعت عن نفسها ضد الانتقادات التي وجهت إليها بسبب حادث التدافع الدامي.
وقالت وزارة الصحة السعودية في بيان، أمس، إن المأساة التي حدثت «ربما تسبب فيها حجاج لم يلتزموا بالتعليمات الرسمية»، متعهدة بسرعة استكمال التحقيق في الحادث.
بينما دعا العاهل السعودي، الملك «سلمان بن عبد العزيز» إلى مراجعة شاملة لإجراءات الحج بعد حادث التدافع المميت، وهو أسوأ حادث يقع في الحج منذ 25 عاما.
ووجه الملك بتشكيل لجنة للتحقيق في الكارثة، وستعلن نتائج التحقيق فور توفرها، حسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
استدعاء القائم بالأعمال السعودي في طهران
في سياق متصل، استدعت الخارجية الإيرانية للمرة الثالثة القائم بالأعمال السعودي، مطالبة إياه بالإسراع في متابعة أوضاع الحجاج الإيرانيين، حسبما ذكرت قناة «العالم» الإيرانية.
ودعا مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والأفريقية، «حسين أمير عبد اللهيان»، خلال استدعاء القائم بالأعمال السعودي في طهران، «أحمد المولد»، أمس، السلطات السعودية إلى الإسراع بتحديد هوية الحجاج المفقودين في حادث التدافع، ومعالجة الجرحى، وتسهيل عملية نقل جثامين الضحايا الإيرانيين إلى وطنهم.
كما دعا المسؤولين السعوديين إلى «الاهتمام العاجل والمؤثر بموضوع الكارثة»، مشددا على «ضرورة تصرف السلطات السعودية وفق مسؤولياتها والتعاون بصورة جادة» مع مسؤولي بعثات الحج التابعة لإيران وغيرها من البلدان الإسلامية، و«الاهتمام بمعالجة الجرح العميق» الذي حصل جراء هذا الحادث.
أيضا، طالب السلطات السعودية بالتشاور مع البلدان التي أصابت الحادثة حجاجها، داعيا إياها إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم الأجوبة حول أسباب هذا الحادث «بصورة مسؤولة».
واعتبر«عبد اللهيان» أن «عدم تحمُّل المسؤولين السعوديين مسؤولية كارثة منى أمر غير مقبول»، مطالبا المسؤولين السعوديين بالقيام بواجبهم الإنساني والإسلامي إزاء المصابين في كارثة منى بدلا من تبرير سوء إدارة القائمين على مناسك الحج وربط ذلك بـالقضاء والقدر.
المملكة ترفض الانتقادات الإيرانية
على الجانب المقابل، رفضت السعودية، مساء أمس، الانتقادات التي وجهتها إيران، وطالبت فيها بفتح تحقيق حول حادث تدافع منى.
وقال وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، خلال لقاء مع نظيره الأمريكي، «جون كيري» على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: «أعتقد أنه من الأفضل للإيرانيين أن يفعلوا شيئاً غير محاولة أن يستغلوا سياسياً مأساة طالت أناساً كانوا يقومون بشعائر دينية مقدسة».
في سياق متصل، رفض «الجبير» لقاء نظيره الإيراني، «محمد جواد ظريف» الذي يشارك في اجتماعات الجمعية العامة، حسب ما نقلت صحيفة «الحياة» السعودية عن مصادر مطلعة.
المصادر قالت إن ظريف طلب «شفوياً» الاجتماع مع «الجبير»، لكن طلبه رُفض «لأنه جاء بطريقة متعجرفة وفي غير مكانها».
وأوضحت أن الجانب الإيراني لم يطلب اللقاء «بالطريقة المتعارف عليها» التي يفترض أن تتضمن أجندة محددة للقاء، بل اقتصر طلبه على بحث حادثة التدافع في الحج، وليس الأمور السياسية المتعلقة بقضايا المنطقة، كسوريا واليمن، وهو ما اعتبرته السعودية «غير مقبول»، ولم تتم الموافقة عليه.