اعتبرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن الكارثة التي حدثت خلال رمي الجمرات في مشعر منى خلال تأديه مناسك الحج الخميس الماضي، لم تسفر فقط عن مقتل المئات من الحجاج، بل عن تداعيات سياسية كبيرة.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها اليوم الإثنين إن «هذه الحادثة سبقها وقوع رافعة خلال تأدية الحجاح المناسك، مما دفع المسؤولين لطرح العديد من التساؤلات حول إن كانت السعودية- من الناحية التقنية - ومع كل ما تملكة من ثراء قادرة على تأمين سلامة الحجاج».
وتطرقت الصحيفة إلى مطالبة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية «علي خامنئي» السعودية بالاعتذار بعد حادث التدافع في منى، والذي أسفر عن مصرع 769 حاجا وإصابة مئات آخرين.
وأوضحت أن دعوة «خامنئي» جاءت بعد خطاب ألقاه الرئيس الإيراني «حسن روحاني» في الأمم المتحدة طالب فيه بالتحقيق في الحادث، فيما قالت السلطات السعودية إنها بدأت التحقيق في الأمر، لكن الإيرانيين رفضوا حيث لديهم احتمالات بأنه سيكون سيكون منحازا.
وتابعت الصحيفة أن غضب إيران مفهوم - حيث إنها فقدت أكثر من 160 مواطنا على الأقل في الحادث- ولكنها تستخدم أيضا المأساة كوسيلة لتقويض منافستها الإقليمية.
وكانت الدولتان على خلاف منذ سنوات، لكنها تفاقمت الآن جراء الأزمة السورية، والتدخل السعودي في اليمن.
في المقابل، اتهمت السعودية إيران بالاستغلال السياسي لهذه المأساة، التي تعد أكثر الحوادث دموية خلال الحج منذ 25 عاما.
ورأت «الغارديان» أنه عند تناول الأمر بنظرة موضوعية فإن كلا البلدين ليس لديها الوسائل أو المؤهلات للهيمنة على المنطقة، فإيران الشيعية لن تتمكن من تحقيق ذلك بسبب الاختلافات العرقية والدينية عن الأغلبية العربية السنية، في منطقة الشرق الأوسط، والمملكة العربية السعودية لن تتمكن من ذلك بدورها بسبب موقعها قليل التأثير وقلة عدد السكان.
وأشارت إلى أن إيران لديها بالتأكيد نقاط ضعفها، لكنها تملك قدرا من الاستقرار الداخلي في عهد الرئيس المعتدل نسبيا روحاني»، وكانت أكثر نجاحا في سوريا عن المملكة العربية السعودية، كما عزز الاتفاق النووي الأخير موقفها.
أما بالنسبة للسعودية فلديها مشاكل أعمق بكثير، ومنها التراشق اللفظي مع إيران التي تحمل الرياض مسؤولية مقتل الحجاج في منى، وهبوط أسعار النفط وتداعيات تدخلها العسكري في اليمن، الذي يشهد الكثير من جرائم الحرب لم يتحقق منها بشكل رسمي بعد، في الوقت الذي يوجد فيه تجاهل واضح جدا لسقوط المدنيين، بحد زعم الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الطبقة الأميرية في السعودية أصبحت كبيرة جدا، كما لا يمكن استرضاء الطبقات المتوسطة والفقيرة إلى أجل غير مسمى بمزيد من الدعم من جانب دولة الرفاهية، وبالنسبة للتدخل في اليمن، فحتى إذا كان ناجحا، فإنه سيرهق الرياض في مهمة مكلفة من إدارة وإعادة إعمار قد تستمر لسنوات.
وبحسب الصحيفة فإن تنافس الأمراء أمر خطير أيضا ، حيث يعتقد أن الملك «سلمان بن عبد العزيز» عاجز ، وقد ضعف موقف ولي العهد «محمد بن نايف» المسؤول عن الحج بعد الحادث الأخير، في الوقت الذي أدت طموحات وأسلوب الأمير «محمد بن سلمان»، (محرك مغامرة اليمن) إلى انتقادات داخل العائلة المالكة وهناك شكوك حول الخلافة.
وخلصت الصحيفة إلى أن النظام برمته واقع تحت ضغط من الصعب تخمين مداه، نظرا لغموض النظام، ولكن وقوع حادث من هذا النوع ، في سياق الصعوبات في البلاد ، تظهر تساؤلات خطيرة جدا لا يوجد لها إجابات.