إسرائيل تواصل الضم العملي للضفة الغربية رغم اتفاقيات التطبيع

الاثنين 4 يناير 2021 03:03 ص

في الفترة التي سبقت اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، التي يمكن وصفها بأنها "اتفاقية خضوع" أكثر منها اتفاقية سلام، أعلنت الإمارات أنه نتيجة للعلاقات الدبلوماسية المزدهرة، ستلغي إسرائيل خطتها لضم مساحات شاسعة من الضفة الغربية، بما في ذلك وادي الأردن. ومع ذلك، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إلى نفي هذا الادعاء وأن الضم الموعود به تم تأجيله وليس إلغاؤه.

والحقيقة هي أن الضم العملي من خلال نمو المستوطنات كان مستمرا بلا هوادة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت إسرائيل أنها تخطط لبناء 5 آلاف وحدة سكنية في مستوطنات غير شرعية في الضفة الغربية، ما أثار إدانة من قبل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وفي بيان مشترك، أعربت تلك الدول عن "القلق العميق" وأكدت أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي و"تزيد من الخطر على إمكانية حل الدولتين".

وفي إشارة إلى اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، اعتبر البيان خطة الضم الإسرائيلية "خطوة عكسية" في ظل دفء العلاقات العربية الإسرائيلية، ودعا إلى الوقف الفوري لبناء المستوطنات، وكذلك عمليات الإخلاء وهدم المباني الفلسطينية في القدس الشرقية والضفة الغربية.

وأكدت الدول الأوروبية أنها لن تعترف بأي تغييرات على حدود يونيو/حزيران 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، ما لم يتم الاتفاق على ذلك بين الطرفين، وطالبت بتعليق خطط الضم التي قد تحول الأراضي الفلسطينية إلى أراضٍ محتلة دائما.

ومع ذلك، لم تعر إسرائيل هذه الإدانة أي اهتمام وأعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني قرارها بالمضي قدما في تشييد 1257 مبنى استيطاني في منطقة "جفعات هماتوس" بالضفة الغربية المحتلة.

وأدى هذا إلى بيان إدانة آخر، هذه المرة من "جيمس كليفرلي"، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي ذكّر إسرائيل مرة أخرى بأن قرارها "ينتهك القانون الدولي، ويخاطر بإلحاق أضرار جسيمة باحتمالات قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة". ودعا إلى "تعليق عملية توسيع المستوطنات الأخرى في القدس الشرقية وأماكن أخرى في الضفة الغربية على الفور".

ولم تلتفت إسرائيل أيضا إلى مثل هذا التحذير الخالي من التهديد بأي إجراء لأنها مقتنعة بأنها تستطيع الاستمرار في سرقة الأراضي الفلسطينية والبناء عليها ونقل مواطنيها إلى مستعمراتها المخصصة لليهود فقط في استمرار لأجندتها التوسعية بحكم الأمر الواقع.

ولا تعتقد إسرائيل قط أن الأرض الفلسطينية المحتلة متنازع عليها، بل تدرك أنها تحظى أيضا بتأييد الولايات المتحدة التي أعلنت عبر وزير الخارجية الأمريكي "بومبيو" أن "المستوطنات ليست بحد ذاتها مخالفة للقانون الدولي".

وذهب "بومبيو" إلى أبعد من ذلك بزيارة المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان في نوفمبر/تشرين الثاني، وهو أول وزير خارجية أمريكي يقوم بذلك.

وعقد السفير الأمريكي لدى إسرائيل "ديفيد فريدمان" مؤخرا اجتماعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في جامعة أرييل، التي تقع في مستوطنة غير قانونية، لتوقيع اتفاقية تزيل فعليا "الخط الأخضر" بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبقدر ما يتعلق الأمر بإدارة "ترامب"، فإن أراضي إسرائيل تشمل فلسطين التاريخية بأكملها، بالرغم من حقيقة أن نصف سكان الأرض ليسوا يهودا إسرائيليين.

وليست الولايات المتحدة وحدها في هذا الأمر، حيث يبدو أن الإمارات والبحرين لا تعارضان شراء سلع المستوطنات، بما في ذلك النبيذ المصنوع في مرتفعات الجولان المحتلة. وبالرغم أن البحرين أشارت إلى أن تعبير وزير الصناعة "زايد بن راشد الزياني" عن الانفتاح على واردات المستوطنات "أُسيء تفسيره"، فإن حقيقة أنه أدلى بالبيان أصلا، مع العلم أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، أمر مثير للقلق.

وبناء على ذلك، يبدو أن الإمارات ليست لديها أي مخاوف بشأن الوضع القانوني للمستوطنات، وقد رحبت بوفد من المستوطنين الإسرائيليين في دبي لمواصلة تطوير العلاقات بين البلدين.

وفي الواقع، يتم محو الخط الأخضر مع كل "صفقة تطبيع". وتعترف الدول العربية المطبعة بإسرائيل وكأنها ذات سيادة على كامل فلسطين التاريخية. وتسيطر إسرائيل بالطبع على الأرض، من النهر إلى البحر، بالفعل. لكن الأمر ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أقرت قانون الدولة القومية في عام 2018، الذي أعطى حق تقرير المصير في إسرائيل لليهود فقط.

وبالنظر إلى سياسات إسرائيل التمييزية الصارخة، حتى ضد مواطنيها من أصول فلسطينية، فقد عززت وضعها المشتبه به منذ فترة طويلة كدولة فصل عنصري في القرن الـ21، وهي تمارس ذلك من خلال نحو 65 قانونا تميز به ضد مواطنيها الفلسطينيين.

وتسمح إسرائيل أيضا للجاليات اليهودية بتشغيل لجان القبول لاستبعاد الفلسطينيين من استئجار أو شراء العقارات في مجتمعات محددة. ومن الغريب أن المحكمة العليا الإسرائيلية سمحت مؤخرا للجنة القبول باستبعاد المواطنين البدو من منازلهم التي سيتم هدمها قريبا في قرية أم الحيران في نيجاف، فقط لبناء مستوطنة حيران الجديدة "اليهودية فقط" على أنقاض منازلهم.

وتم تأكيد وضع إسرائيل كدولة فصل عنصري في تقرير أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، عام 2017، والذي خلص إلى أن ممارسات إسرائيل التمييزية ضد الفلسطينيين تمتد حتى إلى الشتات.

وبينما أمر الأمين العام للأمم المتحدة في وقت لاحق بإزالة التقرير من موقع "الإسكوا"، إلا أنه لا يزال وثيقة رسمية للأمم المتحدة.

وللحفاظ على سياسات الفصل العنصري وترسيخها، تدرك إسرائيل أنها بحاجة إلى زيادة تطوير البنية التحتية التي تربط المستوطنات غير القانونية بالبلدات والمدن في إسرائيل. ويجب أن تجعل رحلة اليهود الإسرائيليين من هذه المستعمرات أسهل، ما يشجع المزيد من الإسرائيليين على ملء مستعمرات الضفة الغربية. 

ويفسر هذا السبب وراء الإعلان حديثا عن شبكة طرق وجسور وأنفاق ستتجاوز البلدات والقرى الفلسطينية. وقال "يهودا شاؤول"، الناشط الإسرائيلي الذي كان يبحث التطورات الجديدة، لوكالة "أسوشيتد برس": "هذه ليست مائة وحدة سكنية أخرى هنا أو هناك؛ بل هذا هو الضم الفعلي".

ومع مغادرة "دونالد ترامب" منصبه، لم يكن إرثه في فلسطين التاريخية مجرد اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وكسر المحرمات في اتفاقيات التطبيع العربية الإسرائيلية، بل يشمل أيضا تشجيع إسرائيل على فعل ما تشاء، وضمان صراع دائم نتيجة العدوان الإسرائيلي ورد الفعل المقاوم من قبل الفلسطينيين.

وسوف يجعل هذا من الصعب على الرئيس المنتخب "جو بايدن" إزالة تلك التوترات بسبب الضغط الذي من المحتمل أن يتعرض له من المؤيدين السياسيين لإسرائيل، ونتيجة لسجله المؤيد لإسرائيل كذلك.

المصدر | كامل هواش - إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ضم الضفة الغربية دولة الفصل العنصري اتفاقيات التطبيع مستوطنات إسرائيلية

حماس عن إلغاء واشنطن وسم بضائع المستوطنات: بلطجة وانتهاك للقانون الدولي

وزير إسرائيلي: نحن على اتصال بـ7 دول عربية وإسلامية لإبرام اتفاقيات تطبيع

خبير الخرائط الأول في إسرائيل يحذر من استئناف خطة ضم الضفة ويدعو بايدن لوقفها