من يبدأ أولا؟.. العقبة الأولى في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران

الثلاثاء 2 فبراير 2021 03:10 ص

لم يمر من ولايته الأولى كرئيس سوى أقل من أسبوعين، لكن وعد "جو بايدن" بالعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، أو خطة العمل الشاملة المشتركة، مع إيران قد وصل بالفعل إلى طريق مسدود.

وبينما تعلن الولايات المتحدة وإيران رغبتهما في العودة إلى الاتفاق النووي، فإن كليهما يصر أيضا على أن الطرف الآخر يجب أن يتخذ الخطوة الأولى. وبالرغم من حماسة التصريحات بين الجانبين، إلا أن مشكلة "من يبدأ أولا" كانت سائدة في جميع الحوارات الدبلوماسية حول برنامج إيران النووي، لذلك هناك أسباب وجيهة للبقاء دون تقدم.

وتوافقت كل من واشنطن وطهران على آلية واحدة لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، ألا وهي الامتثال. والأمر بسيط ومباشر كما يبدو. لا بد أن يمتثل كلا الجانبين ببساطة لجميع التزامات خطة العمل الشاملة المشتركة دون شروط مسبقة. حيث يتخلى الإيرانيون عن إصرارهم على أن تعوض واشنطن طهران عن انتهاكها للاتفاق في المقام الأول، ويمتنع الجانب الأمريكي عن استخدام عقوبات "ترامب" كوسيلة لانتزاع تنازلات من إيران قبل العودة إلى الاتفاق. وبمجرد امتثال كليهما للاتفاق، يمكن أن تبدأ المفاوضات حول الخلافات والتغييرات.

ورغم بساطة هذه الصيغة، إلا أنها لا تحل مسألة "من الذي يجب أن يتخذ الخطوة الأولى.

وقال "بايدن" ووزير الخارجية "أنتوني بلينكين" إن الولايات المتحدة ستلتزم بالامتثال الكامل بمجرد أن يفعل الإيرانيون الشيء نفسه. بمعنى آخر، ينتظر أن تتخذ طهران الخطوة الأولى.

ويقول الإيرانيون إن واشنطن هي التي خرقت الاتفاق وانسحبت منه، في حين ظلت إيران طرفا في الاتفاق طوال هذه الفترة، كما أقر بذلك الموقعون الآخرون، المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. نتيجة لذلك، يفرض المنطق أن تبدأ الولايات المتحدة أولا.

ومن هنا تبدو الدبلوماسية معطلة حتى قبل أن تبدأ. لكن الجدل حول من يجب أن يبدأ أولا قد يكون مبررا، فالإصرار على التأخير كموقف تفاوضي قد يجعل "بايدن" يبدو قويا للجمهور المحلي. بمعنى آخر، ليس من المستغرب أن لا يرغب أي من الطرفين في الظهور بمظهر الحريص للغاية على العودة إلى الاتفاق، بالرغم أن كل طرف يدرك مدى حاجته إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.

وبسبب خيانة "ترامب" للاتفاق، فإن الظهور بمظهر ناعم أو وضع الثقة في واشنطن سيقلل من شعبية "روحاني" ووزير خارجيته "جواد ظريف".

وكان هناك الكثير من دراما "من يبدأ أولا" في مفاوضات خطة العمل المشتركة الشاملة الأصلية أيضا، لكن تم نزع فتيل الدراما في كل مرة بفضل عاملين. الأول، امتلاك كلا الجانبين إرادة سياسية كافية. والثاني، توفر الوقت الكافي للتوصل إلى حلول إبداعية للمشكلات عند ظهورها.

وهذه المرة، الإرادة السياسية موجودة أيضا حيث إن العودة إلى الاتفاق في مصلحة الجانبين، لكن من ناحية أخرى، الوقت قصير.

وبالنسبة لواشنطن، فإن خطة العمل المشتركة الشاملة لا تعيق طريق إيران للوصول إلى قنبلة نووية فحسب، بل إنها أيضا خطوة ضرورية لتمكين الولايات المتحدة من تقليل تواجدها العسكري بشكل كبير في الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، لا يمكن أن تبدأ الجهود الدبلوماسية لتهدئة النزاعات الإقليمية، من سوريا إلى اليمن، بشكل جدي حتى تتم استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة وإزالة النزاع النووي كنقطة توتر رئيسية بين الولايات المتحدة وإيران.

وبالنسبة لطهران، فإن الخطة لا ترفع فقط العقوبات التي شلّت الاقتصاد الإيراني، بل توفر أيضا طريقا لإعادة تأهيل إيران سياسيا واقتصاديا إقليميا وعالميا، وإنهاء حملة واشنطن المستمرة منذ 40 عاما لاحتواء وعزل الجمهورية الإسلامية.

لذلك، ليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن أي من الطرفين يفتقر إلى الإرادة السياسية. لكن الوقت، مع ذلك، قصة مختلفة. وأقر خصوم "روحاني" السياسيون المتشددون قانونا يطالب إيران ببدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% إذا فشلت واشنطن في رفع العقوبات عن إيران بحلول نهاية الشهر المقبل.

علاوة على ذلك، تجري الانتخابات الرئاسية الإيرانية في منتصف شهر يونيو/حزيران من هذا العام. وبالتالي، يبدأ الموسم السياسي بجدية بحلول العام الفارسي الجديد "النوروز" في مارس/آذار، وبعد ذلك من المرجح أن تصبح  المفاوضات الجادة مستحيلة حتى يتولى رئيس جديد منصبه.

لذلك، في حين أن الإرادة السياسية موجودة، فإن الوقت اللازم لإيجاد حلول إبداعية قصير.

ومع ذلك، هناك مجال للتفاؤل أكثر من التشاؤم لسبب واحد بسيط للغاية، وهو أن هناك الكثير ليخسره الجانبان إذا تم تفويت آخر فرصة لإحياء اتفاق من شأنه أن يعزز مصالحهما وأمنهما بشكل مباشر.

المصدر | تريتا بارسي - ريسبونسيبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الأمريكية أنتوني بلينكن الاتفاق النووي الإيراني خطة العمل الشاملة المشتركة حسن روحاني جو بايدن

بوليتيكو: عقوبات ترامب تكبل عودة بايدن للاتفاق النووي مع إيران

روحاني لواشنطن: لن نغير بندا من الاتفاق النووي

إشراك دول المنطقة في محادثات إيران وصفة للفشل