بين التسليم للجنائية والمحاسبة المحلية.. خيارات معقدة في محاكمة البشير

الخميس 18 فبراير 2021 08:51 م

بعد رفض امتد لـ 15 عاما، يبدو أن محاكمة الرئيس السوداني المخلوغ "عمر البشير"، باتت مسألة وقت بعد أن كشف عضو مجلس السيادة "محمد حسن التعايشي"، عزم الخرطوم تسليم المطلوبين للمحكمة.

وربط "التعايشي" التسليم بإرسال وفد من المحكمة الجنائية الدولية إلى الخرطوم للتوقيع مع الحكومة على بروتوكول ضمان لمحاكمة المطلوبين. 

من جانبه، رأى المحامي والناشط "حاتم إلياس"، عضو قوى الحرية والتعبير، أن "تسليم البشير والمتهمين في جرائم حرب في درافور هو بمثابة عودة للسودان إلى المجتمع الدولي وتشريعاته، وتعزيز للشرعية الجنائية الدولية".

ذاكرة سيئة

وأضاف "إلياس" في حديثه مع موقع قناة "الحرة" الأمريكية أن "البشير يمثل ذاكرة سيئة في تاريخ السياسة السودانية، وأن تسليمه للمحكمة الدولية هو بمثابة تخلص من هذه الصفحة السيئة".

وكانت المحكمة الدولية أصدرت مذكرات اعتقال بحق "البشير"، واثنين من مساعديه بتهم ارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية أثناء النزاع في إقليم دارفور غرب البلاد، الذي استمر بين 1989 و2004 وأسفر عن سقوط 300 ألف قتيل وملايين النازحين.

بينما رفض رئيس مركز السياسات الدولية في السودان "حنفي عبدالله"، تسليم "البشير" إلى المحكمة الدولية بدعوى أنها "محاكم مسيسة وموجهة ضد أفريقيا فقط، ويظهر ذلك من خلايا القضايا التي أثيرت، ورفض الكثير من الدول التوقيع على وثيقة المحكمة الدولية".

وأضاف "عبدالله" أنه "من الأفضل محاكمة البشير داخل السودان"، وأكد أن القضاء السوداني قادر على البت في مثل هذه القضايا.

وأشار "عبدالله" إلى أن مثل هذه القضايا لها بعد محلي وآخر دولي لذلك يجب أن تتم المحاكمات داخليا، وقال "لا أمانع أن يتم الاستعانة ببعض المستشارين الدوليين أثناء هذه المحاكمات، ولكن يجب أن تكون المحاكمات في الداخل السوداني".

وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت الحكومة السودانية التي تولت السلطة بعد الإطاحة بـ"البشير" في أبريل/نيسان 2019 موافقتها على "مثول" المطلوبين لدى المحكمة أمامها.

مخاوف من التداعيات

وخلال الساعات الماضية، أعلن حزب "الأمة القومي" من خلال رئيس المكتب السياسي، "محمد المهدي حسن"، عن موافقته على تسليم السودان للمطلوبين، لكنه قال إنه يفضل أن تكون المحاكمة داخليا عبر محكمة (هجين) من القضاء السوداني والأفريقي والجنائية، بحسب صحيفة "السوداني الدولية".

ويثير هذا الخلاف المخاوف بشأن تأثيراته على المشهد السياسي في السودان، المرتبك بفعل الأزمات الاقتصادية، والنزاعات السياسية بين المكونين المدني والعسكر في السلطة الانتقالية، بالإضافة إلى الأزمات الحدودية مع إثيوبيا.

وقال السفير السوداني السابق "خالد موسى" إن هناك شبه اتفاق بين المكون السياسي والعسكري على محاكمة "البشير"، لكنه أشار إلى أن الجانب العسكري يفضل عدم تسليمه حتى لا يحدث تشكيك في المنظومة القضائية السودانية.

وأكد "موسى" أن تسليم "البشير" سيزيد تعقيدات المشهد السياسي، وأنه سينقسم إلى فسطاطين، أولهما يطالب بعدم تسليمه ويثق في عدالة ونزاهة القضاء السوادني وقدرته على تطبيق القانون، والثاني الذي يرى ضرورة تسليمه، وأن العدالة الدولية أولى بهذه الجرائم.

لكنه قال إن "الانقسام الأكثر خطورة سيكون داخل المؤسسة العسكرية السودانية، الذي يوجد بها بعض الجيوب الرافضة لعملية التسليم، باعتبار البشير قائد سابق للقوات المسلحة، وتطالب بمحاكمته داخلية"، مشيرا إلى أن هذا سيؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي السوداني المرتبك بالفعل.

محكمة مختلطة

ويرى "موسى" أن السيناريو الأرجح هو تكوين محكمة مختلطة تضم قضاة سودانيين وقضاة من المحكمة الدولية مع توفير كافة الإمكانات لها.

لكن المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، "فادي العبدالله"، استبعد في فبراير/شباط الماضي، إجراء محاكمة مختلطة للرئيس السوداني المخلوع "عمر البشير"، وقال إن نظام محكمة لاهاي ليس فيه ما يشير إلى مشاركتها في محاكم مختلطة.

من جهته، قال عضو المجلس المركزي لائتلاف الحرية والتعبير، "حيدر الصافي"، إن قضية تسليم "البشير" يؤثر عليها الرأي العام السوداني.

وأوضح "الصافي" أن تسليم "البشير" سيسبب ارتياح شعبي بأن النظام السابق سقط ولن يعود، مشيرا إلى أن تسليمه سيكشف عن الكثير من الأسرار عن فترة حكمه، التي لازالت طي الكتمان.

و"البشير" الذي حكم البلاد ثلاثين عاما موجود في سجن كوبر بالعاصمة السودانية الخرطوم وتجري محاكمته، وقد صدر أول حكم في حقه في قضية فساد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقضى بسجنه عامين.

كما يحاكم مع 27 شخصاً آخرين بتهمة تدبير انقلاب 1989 الذي أطاح بالحكومة المنتخبة آنذاك.

المصدر | الخليج الجديد + الحرة

  كلمات مفتاحية

البشير السودان الجنائية الدولية مجلس السيادة دارفور

حمدوك: مستعدون للتعاون مع الجنائية الدولية لمثول متهمي نظام البشير

أنباء عن وصول وفد من الجنائية الدولية للسودان لبحث تسليم البشير

سعيا لتسليم البشير.. المدعية العامة للجنائية الدولية تصل إلى الخرطوم