استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مشكلة بيان شيوخ الصحوة السعوديين

الاثنين 12 أكتوبر 2015 03:10 ص

أصدر اثنان وخمسون من الدعاة السعوديين بياناً يشجبون فيه التدخل العسكري الروسي في سورية، ويدعون فيه إلى دعم المجاهدين هناك. هم ينتمون، في الغالب، إلى التيار السلفي الحركي، أو ما يعرف بالتيار السروري، نسبةً إلى الشيخ الإخواني السوري، محمد سرور زين العابدين، وكذلك ينتمي بعض المُوقِّعين إلى تيار الإخوان المسلمين في السعودية. 

وهذان التياران يُعرَّفان جزءاً من تيار الصحوة الإسلامية الذي بزغ نجمه مطلع الثمانينيات. وجاء البيان رداً على التدخل الروسي الذي يمثّل امتداداً لمشهد التدخلات الخارجية المتراكمة في سورية منذ عام 2011، والتي صنعت أزمة تحويل سورية إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، وحوّلت الحراك الثوري ضد استبداد النظام السوري إلى حرب أهلية، ونقطة تجمع للجهاديين من كل بقاع العالم. 

أثار البيان ردود أفعال وانتقادات، انحصرت أغلبها في الادعاء بوجود دعوة للشباب السعودي إلى الجهاد في البيان، وهذا النقد تسطيحي، ومحوره المناكفة واستدعاء الدولة في النقاش.

لكن البيان يحوي كثيراً مما يمكن نقده، وهو يوضح أموراً عديدة حول خطاب الإسلاميين الصحويين، وطبيعة فهمهم الأحداث من حولهم، ورؤيتهم أنفسهم والآخرين، ففي البيان ما هو أهم بكثير من مجرد الحديث عن دعوة الشباب إلى الجهاد في سورية، إذ يفيض البيان نفسه بدعم الحالة الجهادية، والأجواء التي تعزز نموها وتمدّدها. 

أحد أهم مشكلات البيان التي لم تأخذ نصيبها من النقاش النبرة الطائفية الحادة فيه، والتفسير الديني للصراع في سورية، وهي وإن كانت غير مستغربة على الدعاة من "الإخوان" والسروريين الذين يفهمون أنفسهم والعالم من خلال الهوية الطائفية، إلا أن التوقف عندها في نقد البيان مهم، لأن هذا الخطاب يمثل السردية البديلة لسردية التحرّر من استبداد نظام الأسد، وهي السردية التي أشعلت حرباً أهلية في سورية.

فهؤلاء الدعاة لا يتبنون ثنائية حرية/استبداد في فهم الصراع مع النظام السوري، وإنما كرّسوا، هم وغيرهم، في وعي شريحة واسعة، ثنائية سنة/شيعة لتفسير الصراع، وقد انضمت إليهم مجموعات ممن استبدلوا الثنائية الأولى بالثانية، تحت ضغط الأحداث والضخ الإعلامي. 

ساعدت هذه السردية البديلة في استنفار عصبيات الناس، وصولاً إلى تدفق مجموعات من الشباب للالتحاق بالتنظيمات الجهادية، والقتل على الهوية، نصرةً لأهل السنة الذين جنى عليهم هذا الخطاب، بتحويله إياهم إلى طائفة أقلية، وصناعة مظلومية سنية، تُذكي الصراعات. ويكرس البيان هذه اللغة، ويؤكد قيام حربٍ على الإسلام وأهل السنة، ويدعو إلى شحذ همم الناس بهذا الشعار، أي أنه يدعو إلى مزيد من التعبئة الطائفية، وتوفير بيئة خصبة للحروب الأهلية. 

يمكن الاستنتاج بأن شيوخ الصحوة لم يغادروا مربع الجهاد الأفغاني بعد، كما أن آخرين من الملتحقين برؤيتهم حاولوا عمل مراجعة لمسائل العنف والتغيير السلمي، وداروا دورة كاملة، عادت بهم إلى الجهاد الأفغاني مجدداً، فلم يتغير الكثير من أفغانستان إلى سورية، على الرغم من كل الإشكالات التي صنعتها الحالة الجهادية في الوطن العربي، وما زالت شريحة واسعة من الإسلاميين الحركيين تتبنى أدبيات الجهاديين، وتدعم الحالة الجهادية.

وليس البيان متفرداً في هذا، إذ نذكر بيان القاهرة عام 2013 الذي حوى توقيعات عدد كبير من رجال الدين والإسلاميين الحركيين، جُلُّهم من التيار الإخواني، وبينهم دعاة سعوديون وقعوا على البيان الجديد، وآخرين أيضاً، وكان بيان القاهرة هذا يدعو، بوضوح، إلى النفرة والجهاد لنصرة السوريين، بالنفس والمال والسلاح. وينطوي دعم الجهاديين، بغض النظر عن الدعوة إلى إرسال الشباب السعوديين إليهم، على إشكال فكري وسياسي حقيقي، وهو ما يستدعي النقد. 

يحصل إحياء أجواء الجهاد الأفغاني على الأرض السورية، بشكل أكبر بمراحل، وتتفق تقارير مراكز بحثية مع تقرير للجنة الأمن الوطني في الكونغرس الأميركي الشهر الماضي، على أن تدفق المقاتلين إلى سورية هو الأكبر في التاريخ. ويوضح تقرير اللجنة أن المقاتلين جاءوا من أكثر من 100 دولة إلى سورية والعراق منذ عام 2011.

ويتم هذا الجهاد بتسهيل أجهزة استخبارات متعددة، كما هو حال أفغانستان، والأميركيون موجودون مباشرة على خط الأزمة السورية، عكس ادعاء "الخذلان" الذي يقول به بعض الدعاة، والمعلومات عن تدريب أميركي مجموعات من المقاتلين في سورية وتسليحها كثيرة، منها مثلاً برنامج المخابرات المركزية الأميركية "سي آي أيه" لتمويل مقاتلين معارضين وتدريبهم وتسليحهم، والذي يُكلِّف مليار دولار سنوياً (واشنطن بوست – 12 /6 /2015)، وتشكل ميزانيته 1 من 15 من إجمالي ميزانية وكالة الاستخبارات، ويبدو أن إسلاميين كثيرين يروق لهم التموضع تحت مظلة الاستخبارات الأميركية، في كل مرة. 

يتجاهل الدعاة الصحويّون، ومن يلتحق برؤيتهم، وهم يصرخون ضد التدخل الروسي، صراخهم المستمر منذ سنوات بطلب مزيد من التدخلات الخارجية، وحرصهم على تحويل سورية ساحة لأنواع التدخلات كافة.

اليوم، يمكن لمن يدّعي الحرص على سورية وأهلها، المطالبة بحل سياسي، يعيد بناء شرعية الدولة على أسس جديدة، وينهي التدخلات الخارجية، أما ذرف الدموع على السوريين، بغرض تسعير الحرب، انطلاقاً من عقلية طائفية ثأرية، فإنه يضرب أي مصداقية أخلاقية، ويدفع نحو مزيدٍ من سفك الدماء. 

* بدر الإبراهيم كاتب سعودي - صدر له كتابان: "حديث الممانعة والحرية"، و"الحراك الشيعي في السعودية .. تسييس المذهب ومذهبة السياسة".

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا سوريا الجهاد الإخوان الطائفية

«أوباما»: علمنا بمخطط التدخل الروسي في سوريا .. و«تدريب المعارضة» محل شك منذ بدايته

«شريان الأسد السري»: تورط مصر والإمارات ولبنان في تزويد النظام السوري بالنفط

«الإندبندنت»: «بوتين» يسعى لتهدئة المخاوف الخليجية من غاراته بسوريا

55 عالم دين سعودي يطالبون الدول الإسلامية بدعم المجاهدين في سوريا

إخوان مصر يرفضون «الاحتلال الروسي» لسوريا و«علماء المسلمين» يدعو لتسليح المعارضة

«إخوان سوريا» يعلنون وضع جميع إمكانياتهم للجهاد ضد «الاحتلال الروسي»

كاتب سعودي يصف «الصحويين» بـ«الأكباش» التي تساق للمذبح