هجوم أربيل الصاروخي.. هل يتجه الصراع الأمريكي الإيراني للتصعيد مجددا؟

السبت 20 فبراير 2021 02:56 ص

بعد عدة أشهر من الهدوء النسبي بين إيران والولايات المتحدة في العراق، تصاعدت التوترات مرة أخرى حين أطلق مهاجمون مجهولون في 15 فبراير/شباط، صواريخ على مطار أربيل الدولي استهدفت قاعدة عسكرية تستضيف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة؛ وقد أسفر الهجوم عن مقتل مقاول أجنبي وإصابة عدد آخر، بينهم جنود ومدنيون أمريكيون.

على الفور، تم اتهام الميليشيات المدعومة من إيران داخل العراق بالوقوف وراء الهجوم؛ في الوقت الذي نفت فيه هذه المليشيات وطهران الاتهامات واستنكروها.

وفي حين أن مثل هذه الهجمات الصاروخية ضد السفارة الأمريكية والقواعد العسكرية التي تستضيف القوات الأمريكية تحدث بشكل دوري على مدار العامين الماضيين، فإن الهجوم الكبير الأخير على قاعدة أمريكية في عام 2019 جعل منطقة الخليج على شفا الحرب.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2019، أدى هجوم صاروخي إلى مقتل مقاول أمريكي. وردت واشنطن بقصف معسكرات "الحشد الشعبي" الموالية لإيران. وتصاعد الصراع بسرعة عندما قتلت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار الجنرال الإيراني "قاسم سليماني"، في 3 يناير/كانون الثاني 2020، بعد مظاهرة عنيفة أمام السفارة الأمريكية في بغداد.

وبالرغم أن الحرب الأمريكية الإيرانية الأوسع كانت تبدو شبه مؤكدة في أعقاب مقتل "سليماني"، إلا أن الحكمة سادت في نهاية المطاف وتراجع التصعيد بين الجانبين في الأشهر التالية. ومع ذلك، استمرت الهجمات الصاروخية ضد المصالح الأمريكية في بغداد؛ مما دفع مسؤولي إدارة "ترامب" إلى اقتراح نقل السفارة الأمريكية من العاصمة إلى موقع أكثر أمانا. ولكن اليوم يوجد رئيس جديد في البيت الأبيض لا يتبنى نفس درجة الصرامة التي اتسم بها "ترامب" تجاه طهران.

وجاءت الإدانة العراقية سريعة في أعقاب هجوم 15 فبراير/شباط، حيث ندد الرئيس العراقي "برهم صالح"، ورئيس الوزراء "مصطفى الكاظمي"، ورئيس مجلس النواب "محمد الحلبوسي" بالهجوم، وكذلك فعل عشرات المسؤولين من المستويات الأدنى من مختلف الاتجاهات الطائفية والسياسية في العراق، بل حتى طهران التي تدعم المليشيات داخل العراق، أدانت هذا العمل.

وكانت المجموعة الوحيدة التي التزمت الصمت هي الكتلة الموالية لإيران داخل بغداد والمكونة، من قادة الميليشيات وقادة الأحزاب العراقية وأعضاء البرلمان المدعومين من طهران. وقد ألقى رئيس كتلة "الفتح" المدعومة من إيران، "هادي العامري"، كلمة بعد الهجوم لم يعلق فيها على الحادث، لكنه ندد بشكل عام بالوجود الأمريكي في العراق وذكّر واشنطن بأن قواتها غير مرحب بها.

وبالرغم أن الوجود الأمريكي ليس موضع ترحيب دولي، فهناك أصوات قوية ترى أن القوات الأمريكية ضرورية لاستقرار العراق الآن أكثر من أي وقت منذ هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" في ديسمبر/كانون الاول 2017. فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، تصاعدت هجمات الخلايا النائمة للتنظيم في كل من سوريا والعراق. وفي حادثة واحدة في بغداد، 22 يناير/كانون الثاني، أدى تفجير انتحاري من قبل مسلحي التنظيم إلى مقتل 32 مدنياً وإصابة أكثر من 100 آخرين.

وفي سوريا المجاورة، سجلت هجمات "الدولة الإسلامية" على القوات المدعومة من الولايات المتحدة والميليشيات المدعومة من "الأسد" أسرع زيادة لها منذ 2018. ومع عودة ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، وبالنظر إلى الأحداث الصاخبة الأخرى لعام 2020، من المتوقع أن يرى عدد أكبر أن تواجد القوات الأمريكية الآن ضروري لأمن واستقرار العراق.

وبالرغم أن إيران أدانت بسرعة الهجوم الأخير، فمن الواضح الآن أن طهران يمكنها السيطرة على مثل هذه الهجمات إذا رغبت في ذلك. فقد أثارت سلسلة من الهجمات الصاروخية المتصاعدة في خريف عام 2020، مخاوف من أن الولايات المتحدة تستعد لصراع عسكري شامل، وقد أمر المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" بوقف الهجمات الصاروخية العراقية في أواخر أكتوبر/تشرين الأول. وبعد ذلك، توقفت الهجمات قبل أن يتم استئنافها في فبراير/شباط.

ويأتي هجوم أربيل في الوقت الذي تواجه فيه المحادثات الإيرانية الأمريكية في عهد الرئيس "بايدن" طريقًا مسدودًا. فحتى الآن، لا يبدو أن طهران أو واشنطن على استعداد لمنح أي تنازلات لإحياء الاتفاق النووي.

ويعطي إعلان ميليشيا "سرايا أولياء الدم" (المدعومة من إيران) مسؤوليتها عن الهجوم، مؤشرا واضحا لإدارة "بايدن" على أن طهران يمكنها ضرب القوات الأمريكية في أي مكان بالعراق، حتى في منطقة حكومة إقليم كردستان الأكثر أمانًا نظريا.

علاوة على ذلك، إذا لم يتم رفع العقوبات الأمريكية على إيران، فقد يصبح الوجود الأمريكي في العراق مرة أخرى هدفًا لهجمات انتقامية. ويحمل الهجوم الأخير أيضًا رسالة إلى القادة العراقيين في بغداد وأربيل؛ مفادها أن طهران ستواصل صراعها بالوكالة مع الولايات المتحدة في العراق حتى تغادر القوات الأمريكية بشكل نهائي.

ونظرًا لأن الولايات المتحدة ليس لديها خطط واضحة بشأن مغادرة العراق، بل إنها قد ترد على أي استعراضات إيرانية للقوة من خلال تصعيد الصراع، فمن المرجح أن يظل العراق عرضة لهجمات مماثلة في المستقبل المنظور. ومع ذلك، إذا وجدت واشنطن وطهران صيغة لمفاوضات ناجحة، فسيكون العراق أحد المستفيدين الرئيسيين من تخفيض التوتر الأمريكي الإيراني.

المصدر | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التوتر الأمريكي الإيراني هجوم إربيل المليشيات العراقية الوجود الأمريكي في العراق جو بايدن

مصادر: الناتو يتجه لزيادة قواته بالعراق إلى 5 آلاف جندي

سرايا أولياء الدم تتبنى هجوم أربيل شمالي العراق

العراق.. هجوم صاروخي يستهدف مطار أربيل (فيديو)

الكاظمي والصدر ينددان بالهجوم على أربيل.. ماذا قالا؟