البحرين وأمريكا.. حقوق الإنسان في قلب عملية إعادة ضبط العلاقات

الثلاثاء 2 مارس 2021 05:05 ص

خرجت مجموعات صغيرة من المتظاهرين إلى شوارع البلدات البحرينية الأحد 14 فبراير/شباط إحياءً للذكرى العاشرة لـ "الربيع العربي البحريني" الذي اندلع في فبراير/شباط 2011. وكان "ائتلاف شباب 14 فبراير" هو من نظم هذه الاحتجاجات، وهو الذي قاد الاحتجاجات الجماهيرية التي هزت البحرين دعما للديمقراطية وحقوق الإنسان قبل عقد من الزمن.

ورغم أن انتفاضات الربيع العربي، أدت إلى إزاحة الحكام المستبدين لتونس ومصر واليمن وليبيا، إلا إنها سُحقت على يد قوات الأمن في البحرين والإمارات وسوريا.

وبدعم عسكري سعودي، قام النظام البحريني بسحق ساحة "اللؤلؤة" الأيقونية في قلب المنامة، وتغلب على حركة 14 فبراير/شباط واعتقل وعذب وقتل العديد من المتظاهرين دون إدانات من القوى الغربية الصديقة الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وكانت العلاقات بين البحرين وإدارة "دونالد ترامب" في الغالب شخصية وقائمة على المقايضة، دون اهتمام بحقوق الإنسان والديمقراطية، وتمت ملاحقة منظمات وناشطي حقوق الإنسان، وخنق دعوات الإصلاح والديمقراطية بحجة مكافحة الإرهاب.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مع وفاة رئيس الوزراء القوي "خليفة بن سلمان" وتعيين ولي العهد الأمير "سلمان بن حمد آل خليفة" رئيسًا جديدًا للوزراء، كان البحرينيون يأملون أن تشهد البلاد فترة من الإصلاح السياسي يمكن أن تمهد الطريق لمصالحة شاملة.

لكن لم يُظهر "سلمان" أي مؤشرات ملموسة على أنه سيتحرك في هذا الاتجاه حتى الآن. ومع ذلك، يأمل بعض البحرينيين أن تكون رغبة "سلمان" في تعزيز موقعه في السلطة بين الفصائل المختلفة وتشجيع إدارة "بايدن"، دافعا للتحرك نحو مصالحة مجتمعية.

هناك سابقة لمثل هذه المصالحة في البحرين، ففي الفترتين بين 1971-1975 و 2000-2003، دعا حكام البحرين إلى مشاركة الجميع في العملية السياسية من خلال انتخابات نزيهة وحرة. وسمح للصحافة الحرة، مثل جريدة "الوسط"، بالنشر، كما سُمح للأندية الاجتماعية والسياسية بالعمل، وبالتالي يمكن لـ" سلمان" أن يحيي هذه العملية.

ويمكن لواشنطن أن تستغل تعيين "سلمان" كفرصة لتشجيعه ووالده الملك "حمد" على السماح لمنظمات المجتمع المدني بإعادة فتح أبوابها. وبصفته رئيسًا للوزراء، يمكن أن يسمح "سلمان" للأندية السياسية باستئناف أنشطتها القانونية والسلمية والسياسية والثقافية.

وهكذا يمكن أن يؤدي انفتاح البلاد والسماح للشعب باستئناف التفاعلات الاجتماعية والسياسية بحرية إلى تمهيد الطريق نحو دولة حرة ومتطورة وناجحة اقتصادياً، مثل سنغافورة إلى حد كبير.

ربط الاستقرار بالاستبداد

أقنع حكام البحرين إدارة "ترامب" بزعم كاذب مفاده أن المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة عززت الاستقرار الإقليمي - وهو ما فعله حكام الإمارات والسعودية ومصر -  وأن هذه الأسلحة وغيرها من التقنيات مصممة لإحباط التهديدات الإقليمية الحكومية وغير الحكومية.

ولكن للأسف، استُخدمت العديد من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول غربية أخرى في صراعات إقليمية حرضت عليها هذه الدول - ضد اليمن وليبيا على سبيل المثال - وضد شعوب هذه الدول نفسها.

واستُخدمت قوات الأمن "المناهضة للشغب" والمسلحة تسليحًا كثيفًا في البحرين والدول الاستبدادية الأخرى لقمع الاحتجاجات السلمية التي دعت إلى الإصلاح السياسي والانتخابات الحرة وحقوق الإنسان والمرأة والديمقراطية.

كما أنفقت الديكتاتوريات العربية في السنوات الأخيرة مئات الملايين من الدولارات في واشنطن على مراكز الأبحاث، والصناعات الدفاعية، والعلاقات العامة وشركات المحاماة المرموقة، والدبلوماسيين المتقاعدين، وكبار الضباط العسكريين، والباحثين في الشأن الخليجي، والمؤسسات الأكاديمية.

ببساطة، كان هذا الإنفاق السخي يهدف إلى إقناع القادة الأمريكيين بأن المستبدين هم شركاء موثوق بهم في "الحرب ضد الإرهاب" وإيران وأنه يمكن الاعتماد عليهم لدعم المصالح الأمريكية، وجادلوا بأن الأوتوقراطية هي رهان مضمون فيما يتعلق بمستقبل العالم العربي في حين أن الديمقراطية متقلبة وفوضوية.

ودفعت هذه البروباجاندا منذ 2011 أيضًا بفكرة أن الربيع العربي قد مات، وأن الإسلام السياسي الذي يقدمه "الإخوان المسلمون" كان خطيرًا، وأن الدعوات للإصلاح السياسي وحقوق الإنسان تزعزع الاستقرار محليًا وإقليميًا ويمكن أن تهدد المصالح الأمريكية، وصدق القادة الأمريكيون في العقد الماضي غالبًا هذا الادعاء المعيب.

فرصة إعادة ضبط العلاقات

ولكن، يبدو أن التسامح الأمريكي مع الاستبداد في البحرين ودول الشرق الأوسط الأخرى في السنوات الأخيرة، يمضي لنهايته في ظل إدارة "بايدن"، حيث يُتوقع أن تحتل حقوق الإنسان وحرية التعبير، بما في ذلك حرية الصحافة، مكانة عالية في إعادة ضبط إدارة "بايدن" للعلاقات مع البحرين ودول الخليج الأخرى.

وأكد "بايدن" مرارا حرصه على تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية وحق الشعوب في التعبير عن آرائهم بحرية ودون إكراه، وأوضح أن إدارته لن تقبل حجة الحكام العرب الزائفة التي تساوي بين الاستبداد والاستقرار. وقال "بايدن" للقادة الأوروبيين مؤخرًا في خطابه الافتراضي أمام مؤتمر ميونيخ للأمن إن "الديمقراطيات "لا يزال بإمكانها تقديم المساعدة للناس".

لقد حان الوقت للولايات المتحدة في ظل إدارة "بايدن" لانتقاد "آل خليفة" وغيره من الحكام المستبدين العرب بشأن سجلهم في مجال حقوق الإنسان وإقناعهم بأن المشاركة الدبلوماسية أكثر فاعلية من قوة السلاح في حل التحديات العالمية والإقليمية الملحة؛ بما في ذلك أزمة اللاجئين وتغير المناخ، والاحتباس الحراري، والتجارة الدولية، والتهديدات السيبرانية للبنى التحتية الحيوية، والأوبئة، والحروب المستمرة.

وإذا كانت الأسرة الحاكمة في البحرين تسعى لتعزيز روح الابتكار والإبداع لدى الشعب، فعليها أن تفك القيود المفروضة على الناس وتسمح لهم بحرية الاستكشاف والاختراع والإبداع وحتى ارتكاب الأخطاء، حيث يمكن للمواطنين الأحرار الاستجابة لتحديات عصرنا بفعالية وإبداع، بينما الشعب المكبل لا يستطيع.

وسيوفر نظام الحكم الديمقراطي المستقر في البحرين منصة فعالة للتقدم في التكنولوجيا والعلوم والطب أكثر من دولة قمعية ترتكز على القمع. كما يمكن لإدارة "بايدن" أن تحث رئيس الوزراء البحريني على إطلاق سراح آلاف المعارضين. وبدون ذلك، فإن الشباب البحريني سيظل تحديًا دائمًا للمؤسسة الحاكمة.

وبالرغم من انتصار "آل خليفة" في المواجهات مع المعارضين البحرينيين خلال الربيع العربي، إلا أن الأفكار المؤيدة للإصلاح والتي دفعت الشباب العربي إلى الشوارع قبل عقد من الزمن لا تزال تنبض بالحياة.

وبالرغم أن "سلمان" يمثل جيل ما بعد الاستقلال، إلا أن العديدين من النظام القديم لا يزالون يحتفظون بمناصب قوية داخل الحكومة ومجلس الأسرة. وأصبح فصيل عائلة "آل خليفة" المنتمي لفترة ما قبل الاستقلال والمناهض للشيعة، متقدمًا في السن، كما أصبح أكثر انفصالًا عن الشباب البحريني الذي لا تزال أفكاره تتردد على الرغم من استمرار اعتقال الكثير منهم.

وإذا كان رئيس الوزراء "سلمان" ووالده الملك "حمد" مهتمين بإعادة ضبط العلاقات مع الرئيس الأمريكي الجديد، فعليهما دعم مساعيه الدبلوماسية مع بعض جيرانهم بما في ذلك إيران والفلسطينيين ورغبته في إنهاء الحرب في اليمن.

إن مواكبة تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة حول الديمقراطية والدبلوماسية وحقوق الإنسان هو السبيل الوحيد لـ"سلمان" لرسم مسار جديد وسبيل "آل خليفة" للبقاء في السلطة بالشراكة مع شعوبهم.

المصدر | إميل نخلة/ ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البحرين بايدن الربيع العربي العلاقات البحرينية الأمريكية

منظمة حقوقية تحذر البحرين من قمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان

18 مجموعة حقوقية تطالب بايدن بضمان عودة الديمقراطية وحرية التعبير في البحرين

بينها البحرين.. أمريكا تفرض رسوم إغراق على واردات لفائف الألومنيوم من 16 دولة

البحرين تبحث فرصة استثمار مع إسرائيل

15 منظمة حقوقية تطالب إدارة بايدن بالضغط على البحرين 

البرلمان الأوروبي يقر مشروع قرار يدين سجل حقوق الإنسان بالبحرين 

البحرين ترفض مشروع قرار للبرلمان الأوروبي بشأن سجلها الحقوقي

عضو بالكونجرس يدعو لإيقاف بيع السلاح للبحرين جراء الانتهاكات الحقوقية