السيسي والبرهان يرفضان سياسة "الأمر الواقع" في أزمة سد النهضة

السبت 6 مارس 2021 03:29 م

اتفق الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، ورئيس مجلس السيادة السوداني "عبدالفتاح البرهان"، على رفض "أي إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق"، في إشارة إلى الخلاف الحاصل مع إثيوبيا على موضوع تعبئة سد النهضة.

جاء ذلك، خلال اجتماع الزعيمين، السبت، في الخرطوم، خلال زيارة "السيسي" الأولى للسودان، منذ الإطاحة بنظام "عمر البشير".

وقال بيان صادر عن الرئاسة المصرية، إن "المرحلة الدقيقة التي يمر بها ملف سد النهضة تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان"، وإن "السيسي" و"البرهان" اتفقا على تعزيز الجهود الثنائية والدولية للتوصل لاتفاق بشأن تعبئة سد النهضة.

كما اتفقا على "رفض أي إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق، ومن ثم تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية والدولية للتوصل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يكون ملزما قانونيا ويحقق مصالح الدول الثلاث، ويحد من أضرار وآثار سد النهضة على مصر والسودان".

كما جددا دعمهما للمقترح السوداني بتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في هذا الملف.

غير أن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية "دينا مفتي"، قال ردا على المقترح السوداني، إن بلاده ترفض تدويل ملف سد النهضة، وتتمسك باتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث.

وفيما يتعلق بالأزمة الحدودية مع السودان، أكد أن "خيار أديس أبابا هو السلام لحل (هذا) الخلاف الحدودي"، مستبعدا نشوب حرب مع البلدين.

ووصل "السيسي"، في وقت سابق السبت، إلى القصر الجمهوري في السودان، وكان في استقباله "البرهان" وشخصيات سودانية رفيعة.

وأجريت مراسم الاستقبال على غير العادة داخل القصر الجمهوري.

وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بأن "السيسي" و"البرهان" عقدا جلسة مباحثات منفردة، أعقبتها جلسة موسعة ضمت وفدي البلدين.

وقال البيان، إن "البرهان" أكد "تميز وخصوصية" العلاقات المصرية السودانية و"وحدة المصير".

وأعرب "البرهان"، عن "تقديره لمواقف مصر الداعمة للسودان فى كافة المجالات، لمواجهة تداعيات الأزمات المختلفة، وكذلك المساهمة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي المواقف المصرية التي تأتي انعكاسا للعلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تجمع البلدين".

وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أكد "البرهان" تطلع وحرص السودان على "تفعيل المشروعات المشتركة بين مصر والسودان وتعزيز آفاق التعاون بينهما على مختلف الأصعدة خاصة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري".

من جانبه، أعرب "السيسي"، عن "استمرار دعم مصر لحكومة وشعب السودان في كل المجالات، والاهتمام بالارتقاء بالعلاقات الثنائية بما يعزز الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المشترك لما فيه صالح البلدين الشقيقين، وعلى نحو يجعل العلاقات المصرية السودانية نموذجا يُحتذى به للشراكة التنموية الشاملة والتكامل الاقتصادي".

وشدد "السيسي" أيضا على "مساندة مصر لكل جهود تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في السودان خلال تلك المرحلة المفصلية من تاريخه، وذلك انطلاقا من قناعة راسخة بأن أمن واستقرار السودان يُعد جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر".

ووفق البيان المصري، فقد تطرقت المباحثات إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصةً تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية - الإثيوبية، والتحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا.

كما تم التباحث حول مختلف المستجدات في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.

ولاحقا، أجرى "السيسى"، ورئيس الوزراء السوداني "عبدالله حمدوك"، مناقشات، حول أطر وآفاق التعاون المشترك بين مصر والسودان.

ووفق بيان سوداني، فقد تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الدولتين، مع تأكيد أهمية دعمه وتعزيزه لصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وذلك بالاستغلال الأمثل لجميع الفرص المتاحة لتعزيز التكامل بينهما، فضلاً عن البناء على ما يتحقق من نتائج إيجابية خلال الزيارات المتبادلة بين كبار المسئولين بالدولتين.

وعقب اللقاءات، جدد "السيسي"، خلال مؤتمر صحفي مع "البرهان"، دعم مصر للجهود التي يقوم بها السودان لإدارة المرحلة الانتقالية الحالية، ومواجهة تحدياتها بشجاعة ورؤية وعزم على المضي قدماً نحو مستقبل أفضل.

ولفت إلى أن العلاقات الثنائية بين مصر والسودان، شهدت زخماً يستحق الإشادة على مدار الفترة الماضية، والمتمثل في ارتقاء مستوى التنسيق بين حكومتي البلدين عبر الزيارات المتبادلة والتشاور المكثف والمستمر.

وأوضح "السيسي"، أن اجتماع اليوم يأتي استكمالاً لهذه الجهود، وسعياً لوضع إطار استراتيجي متكامل وتصور مشترك لمختلف أوجه ومجالات التعاون وسبل دفعها، بما يعكس تلاقي إرادتنا السياسية القوية في هذا الشأن.

وتابع "السيسي": "تباحثت مع البرهان حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية، وذلك في إطار الارتباط الوثيق للأمن القومي المصري والسوداني، وسعياً لتوحيد الجهود المشتركة بين بلدينا والرامية لتحقيق الاستقرار على الساحتين العربية والأفريقية".

كما تناولت المباحثات، حسب "السيسي"، مستجدات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، وهو الملف الذي يمس صميم المصالح الحيوية لمصر والسودان بوصفهما دولتي المصب في حوض النيل اللذين سيتأثران بشكل مباشر بهذا المشروع الضخم.

وتابع: "أكدنا على حتمية العودة إلى مفاوضات جادة وفعالة بهدف التوصل، في أقرب فرصة ممكنة وقبل موسم الفيضان المقبل، إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويعزز من أواصر التعاون والتكامل بين بلادنا وشعوبنا".

وزاد: "لقد تطابقت رؤانا على رفض أي نهج يقوم على السعي لفرض الأمر الواقع وبسط السيطرة على النيل الأزرق من خلال إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب".

وزاد "السيسي"، أن بلاده تؤيد مقترح السودان في توسيع وساطة سد النهضة لتشمل الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

من جانبه، رحب "البرهان"، بزيارة "السيسي"، إلى السودان، ووجه له الشكر، على "مواقف مصر المشرفة والداعمة لدول وشعب السودان، وللحكومة الانتقالية لتوطيد الحكم الديمقراطي الذي يسعى السودان في الوصول إليها".

وأضاف أن الدولة السودانية الآن تمر بمرحلة انتقال، وتواجه الكثير من الصعاب وانتقالًا يحتاج إلى تضافر الجهود ووقفة الأصدقاء.

وتابع: "نعتبر هذه الزيارة سندًا حقيقيًا للسودان، ولثورة وشعب السودان، لأنها تقوي روابط الأخوة بين الدولتين".

وأكد "البرهان" أن الدعم الحقيقي للسوادن يصب فى خانة تقوية روابط الأخوة بين البلدين.

وقال إنه ناقش مع "السيسي" كافة الملفات التي تدعم التعاون المشترك بين البلدين، ووصلا فيها إلى رؤى موحدة تخدم تقدم وتطور ونماء الشعبين وتسهم في استقرار الدولتين.

يشار إلى أنه تزامن مع زيارة "السيسي"، خروج دعوات متفرقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تندد بالزيارة، وتطلب من المواطنين التظاهر في شارع المطار تعبيرا عن رفض الزيارة.

واتخذت السلطات السودانية عددا من الإجراءات من بينها عدم السماح بالتغطية الإعلامية إلا للأجهزة الإعلامية الرسمية، مع عدم الإعلان رسميا عن الزيارة أو تفاصيل لقاءات الضيف المصري.

وتعد هذه الزيارة الأولى للرئيس المصري للخرطوم.

وكانت وزيرة الخارجية السودانية "مريم الصادق المهدي"، قد أعلنت في مؤتمر صحفي مشترك، مع نظيرها المصري "سامح شكري"، الثلاثاء، نبأ الزيارة.

ووصف الوزيران، قيام إثيوبيا بالمرحلة الثانية من ملء سد النهضة بشكل أحادي الصيف المقبل بالتهديد المباشر "للأمن المائي للبلدين".

وكانت العلاقات المصرية - السودانية شهدت تطورًا في السنوات الأخيرة، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات بعد حدوث تباين مؤقت في موقف الدولتين حيال سد النهضة الإثيوبي، لكن تم التوصل إلى اتفاقيات مشتركة لتوحيد المواقف.

ووقعت القاهرة والخرطوم، الأسبوع الماضي، اتفاقيات عسكرية خلال زيارة قام بها رئيس الأركان المصري إلى السودان، حيث قال بيان إن البلدين يواجهان تهديدات مشتركة.

وتعثرت مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، التي أجريت برعاية الاتحاد الأفريقي، قبل أن تطالب القاهرة والخرطوم الأمم المتحدة، بإطلاق مفاوضات برعاية دولية لحل أزمة السد.

وبين القاهرة والخرطوم ملفات وقضايا تاريخية شائكة ومعلّقة، يأتي على رأسها النزاع على منطقة حلايب وشلاتين (الحدودية)، فضلا عن قضية أخرى تتعلق بتطلعات إسرائيل القديمة نحو مياه نهر النيل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي عبدالفتاح البرهان العلاقات المصرية السودانية سد النهضة

أنباء عن اتفاق مصري سوداني بتحديد منتصف أبريل موعدا نهائيا لمفاوضات سد النهضة

زيارة السيسي للسودان.. قضايا استراتيجية ورسائل سياسية

حزب سوداني يعلق على زيارة السيسي للخرطوم.. ماذا قال؟

حمدوك يبدأ زيارة للقاهرة تتناول تعزيز العلاقات الثنائية وأزمة سد النهضة