أنقرة تتودد والقاهرة تصمت.. 3 ملفات تعطل مسار المصالحة المصرية التركية

الأربعاء 10 مارس 2021 12:06 م

"رغبة في المصالحة".. هكذا رأي خبراء حديث 3 مسؤولين أتراك بشكل إيجابي عن مصر خلال أسبوع، واعتبروه مؤشرا على اقتراب إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، لإنهاء خلاف دام أكثر من 8 سنوات، الأمر الذي لا يعيقه سوى تفاصيل عالقة بـ3 ملفات إقليمية.

فمنذ عام 2013؛ أخذت العلاقات بين البلدين منحنى جديد، بسبب رفض أنقرة عزل الجيش المصري للرئيس السابق "محمد مرسي"، والقبض على قيادات جماعة "الإخوان المسلمون"، وتم على إثر ذلك قطع العلاقات بين البلدين، ورفض الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الاعتراف بالنظام المصري الجديد ممثلا في الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

وتصاعد الخلاف بسبب موقف البلدين في عدد من القضايا، أهمهما تقاسم ثروات شرق المتوسط، وانخراط مصر في مفاوضات بشأن تقسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان دون وجود تركيا.

وارتفعت وتيرة التصعيد بين البلدين، والتي وصلت إلى حدود الحديث عن احتمالية المواجهة العسكرية، بعد توقيع أنقرة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني، والتدخل في ليبيا لمساعدتها في مواجهة قوات "حفتر" المدعومة من مصر.

لكن مسار العلاقة الثنائية بدا متغيرا خلال الشهور الماضية، إذ تراجعت حدة التصعيد بين البلدين، وبدأ الحديث عن مفاوضات، وخاصة مع دعوات الحكومة التركية للقاهرة للتفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية.

وبحسب وسائل إعلام يونانية، فإن مصر فتحت باب التفاهم مع تركيا فيما يخص شرق المتوسط، وذكرت أن أثينا تلقت معلومات حول قرب توصل مصر إلى اتفاق مع تركيا بشأن ترسيم حدودها البحرية، وأن هذا الاتفاق سيلحق ضررا بالمصالح اليونانية مستقبلاً.

وأعلنت مصر، في 18 فبراير/شباط الماضي، طرح أول مزايدة عالمية للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي واستغلالهما لعام 2021، لتغطية 24 منطقة للتنقيب في خليج السويس والصحراء الغربية وشرق وغرب البحر المتوسط، راعت فيها الخلاف بشأن الحقوق التركية في شرق المتوسط.

وساهم في تحسن العلاقات مجددا، استمرار التبادل التجاري بينهما، إذ بلغ حجم الصادرات إلى تركيا، في 2018 إلى 2.2 مليار دولار، كما ارتفع حجم واردات مصر من تركيا بنسبة 29% في 2018 ليبلغ نحو 3 مليارات دولار، مقارنة بـ2.3 مليارات دولار في 2017.

وشهد الميزان التجاري بين البلدين نموا بنسبة 20% ليتجاوز 5.2 مليار دولار في 2018 مقارنة بـ4.38 مليار خلال العام 2017.

وفي هذا الإطار، قال الناطق باسم الرئاسة التركية "إبراهيم قالين"، في مقابلة مع وكالة "بلومبرج"، الإثنين الماضي: "يمكن فتح فصل جديد في علاقتنا مع مصر ودول الخليج، للمساعدة في السلام والاستقرار الإقليميين".

وأضاف: "مصر دولة مهمة في الوطن العربي، وتبقى عقل العالم العربي، وهي قلب العالم العربي"، وتابع "نحن مهتمون بالتحدث مع مصر حول القضايا البحرية في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى قضايا أخرى في ليبيا، وعملية السلام والفلسطينيين".

وأشار إلى أن القاهرة وأنقرة يمكنهما معالجة عدد من القضايا، ما يساعد على خفض التوترات وتحقيق الاستقرار الإقليمي من شمال إفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط.

وفي مطلع الأسبوع الجاري، قال وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار" إن مراعاة مصر للجرف القاري التركي خلال أعمال التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط يعتبر تطورًا مهمًا للغاية، وذلك بعد توقيع مصر اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، في أغسطس/آب الماضي، لكنها حذفت المنطقة المثيرة للجدل الخاصة بحدود جزيرة كاستيلوريزو، التي تصر تركيا على أنها تقع داخل حدودها البحرية.

وأكد "أكار" أن أنقرة تنتظر استمرار القاهرة باحترام للجرف القاري التركي في أنشطة تنقيب، مضيفا: "لدينا قيم تاريخية وثقافية مشتركة مع مصر، وبتفعيل هذه القيم نرى إمكانية حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة".

وكان وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" صرح، الأربعاء الماضي، بأن تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط إذا سنحت الظروف.

ولم تكن هذه التصريحات التركية هي الأولي من نوعها، ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده ومصر تسعيان لخارطة طريق بشأن علاقتهما الثنائية، مشيرا إلى أن التواصل مع مصر على الصعيد الاستخباراتي مستمر لتعزيز العلاقات، وأن الحوار قائم على مستوى وزارتي الخارجية"، وأفاد بأن "التواصل بين البلدين يتم أيضا عبر ممثلتيهما في أنقرة والقاهرة".

لكن التصريحات التركية المتكررة الراغبة في المصالحة، قابلتها مصر بالصمت ولم تعلق عليها۔

وإزاء ذلك، يرى المحلل السياسي التركي "أحمد أويصال"، مدير مركز أورسام لدراسات الشرق الأوسط، أن التصريحات التركية جاءت لتشجيع القاهرة على تحقيق التعاون بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركة في منطقة شرق المتوسط، وفقا لما أورده موقع قناة "الحرة" الأمريكية.

وأضاف أن الرسائل الإيجابية متبادلة بين الطرفين، مشيرا إلى "احترام مصر حدود الجرف القاري التركي عند التنقيب عن البترول في شرق المتوسط".

ويعتقد "أويصال" بإمكانية حدوث مصالحة وحوار بين البلدين على المدى المتوسط، مشيرا إلى أن المصالح المشتركة بين البلدين يمكن أن تتجاوز أي خلاف سياسي.

بينما يرى "عبدالمنعم سعيد"، عضو مجلس الشيوخ المصري، أن الصمت المصري تجاه هذه التصريحات يعني أن هناك أمورا ناقصة في حديث المسؤولين الأتراك بخصوص القضايا الخلافية بين البلدين يجب استكمالها.

وأضاف أن مصر ترى أن هناك بعض الأوضاع التي يجب تغييرها من قبل الجانب التركي فيما يخص ملفي شرق المتوسط وليبيا.

ولم يستبعد "سعيد" حدوث تقارب بين البلدين، مشيرا إلى أن الأوضاع بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط تشهد هدوءً نسبيا.

وأكد عضو مجلس الشيوخ المصري أن رغبة أنقرة في التصالح مع مصر هي محاولة لتقليل نسبة عدائها مع دول المنطقة، وخاصة بعد تزايد الخلاف بينها وبين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بسبب صدامها مع اليونان على ترسيم الحدود البحرية، بالإضافة إلى تدهور اقتصادها وانهيار سعر العملة التركية.

وحول ما تريده القاهرة من أنقرة، شدد "سعيد" على ضرورة أن تبدأ أنقرة في سحب المقاتلين السوريين من ليبيا،  لإظهار حسن نيتها على المصالحة مع مصر. أما بالنسبة لملف وجود أعضاء جماعة الإخوان في إسطنبول، فاعتبر عضو مجلس الشيوخ المصري أنه سيكون موجودا في المفاوضات بين البلدين ولكن لن يكون عقبة كبيرة، وأن التقدم فيه مرتبط بالتقدم في الملفات الأخرى كما حدث مع قطر.

ولفت إلى أن تركيا تريد أن تكون حاضرة في مفاوضات ترسيم الحدود مع مصر، وهو ما ترفضه القاهرة قبل التوقيع على قانون البحار، السند القانوني الدولي لأي عملية تفاوض.

فيما ذكر المحلل السياسي التركي "إسلام أوزكان" أن التصريحات التركية إيجابية جدا، وتشير إلى أنه سيكون هناك تقارب وتحسن في العلاقات بين البلدين.

وأضاف أن مصر أكثر حرصا علي تحسين العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن "القاهرة هي التي غيرت موقفها من خلال مراعاتها للمصالح التركية في شرق المتوسط، وأن تركيا استجابت لهذا تغير".

وأوضح "أوزكان" أن التصريحات والتطورات في العلاقات لم تكن آنية بل إن المفاوضات بين مصر وتركيا مستمرة منذ أكثر من سنتين، مشيرا إلى أن عودة العلاقات إلى ما قبل 2013 لن يتم في أيام أو أسابيع بل ستستغرق وقتا طويلا.

وأشار إلى أن التحركات على الأرض لإظهار حسن النية، يجب أن تكون متبادلة من الطرفين، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال تطوير العلاقات الاقتصادية، وتحقيق التعاون الاستراتيجي والسياسي في ليبيا.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر تركيا ترسيم الحدود الإخوان المسلمون رجب طيب أردوغان عبدالفتاح السيسي

مصر: لا نقيم وزنا لموقف تركيا من منتدى الصداقة.. ونراقب الإعلام القطري

خطوات مصرية عقلانية في المتوسط وفرصة جيدة للتطبيع مع تركيا

مصر ترحب بإعلان تركي بعودة الاتصالات الدبلوماسية.. واجتماع مرتقب بالقاهرة قريبا