اتهم الرئيس الللبناني "ميشال عون"، رئيس الحكومة المكلف "سعد الحريري"، بأنه يسعى لإحراجه، بعد أن "أصبح غريب الأطوار"، لافتا إلى أنه "لن يرضخ".

ونفى "عون"، في حديث لصحيفة "الجمهورية"، الصادرة صباح الإثنين، السعي للحصول على الثلث المعطل بالحكومة الجديدة، لافتا إلى أن "الحريري" يصر على تسمية الوزراء المسيحيين.

وقال "عون" إن اتهام "الحريري" له بالسعي للثلث المعطل هو باطل، إذ "هل يعقل أن يعطل رئيس الجمهورية نفسه وعهده؟".

ولفت الرئيس اللبناني إلى أن إحدى مشكلات "الحريري" أنه مصر على تسمية الوزراء المسيحيين، متجاهلا: "أنني مؤتمن استثنائيا على اختيار هذه الأسماء، ليس لأنني أريد حصة لنفسي، وإنما لأن القوى المسيحية الأساسية غير مشاركة في مفاوضات التشكيل".

وقال "عون": "الحريري يرفض الحوار مع (التيار الوطني الحر)، فيما (القوات اللبنانية) وحزب (الكتائب) قررا عدم المشاركة، وبالتالي صار لزاما علي أن أملأ هذا الفراغ".

وكشف "عون" أن "الحريري" كان منفعلا في آخر لقاء بينهما، لافتا إلى أنه "شرح له كيف أن استنتاجه ليس صحيحا حول الثلث المعطل، إلا أنه خرج من الاجتماع وتلا بيانا تصعيديا ومحضرا سلفا، ما يؤشر إلى نيات مضمرة ومبيتة".

واستهجن "عون" إصرار "الحريري" على أن يكون عدد الوزراء 18، مؤكدا انفتاحه على أي مبادرة حل تنطلق من مبدأ زيادة عدد الوزراء، لضمان التقيد بمعياري الاختصاص والتوازن.

كما استغرب "عون" تبرير "الحريري" لما يفعله بحرصه على تشكيل حكومة اختصاصيين، فيما هو شخصيا لا علاقة له بالاختصاص، و"مع ذلك تغاضينا عن هذا الخلل لتسهيل التشكيل، فكانت النتيجة أننا رضينا ولم يرض هو".

وتابع "عون" أنه "لاحظ أن الحريري أصبح أخيرا غريب الأطوار، وكأنني لا أعرفه، على الرغم من أنني كنت قد احتضنته وتعاملت معه كوالده، وعندما سألته: ماذا جرى لك؟ أجابني: لقد تغيرت".

وختم "عون" حديثه قائلا: "الحريري يحاول أن يحرجني ليخرجني عن قواعد التشكيل السليمة، إلا أنني لن أرضخ".

وفي الأيام القليلة الماضية، ارتفع منسوب التفاؤل بين اللبنانيين، بإمكانيّة حسم ملف تشكيل الحكومة، المكلف بها "سعد الحريري"، منذ 5 أشهر، لكن الإثنين الماضي، اصطدم هذا التفاؤل بجدار الواقع المأزوم، عقب لقاء بين "الحريري"، ورئيس الجمهورية "ميشال عون"، تبادل الطرفان بعده تصريحات زادت الوضع تأزيما في بلد تتصارع فيه أيضا مصالح دول إقليمية وغربية.

واستقالت حكومة "حسان دياب" منذ أغسطس/آب الماضي، عقب انفجار مرفأ بيروت، لكنها تقوم بتصريف الأعمال، ولم يتمكن رئيس الوزراء المكلّف "سعد الحريري" من تشكيل حكومة بعد.

وتعد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجتاح لبنان، غير مسبوقة في تاريخ البلاد الممتد إلى 100 عام، والذي شهد اضطرابات طائفية وحروبا أهلية واضطرابات اجتماعية وأثرا مدمرا للتدخلات الإقليمية والحروب الخارجية.

وحتى الآن، تجنبت البلاد الانزلاق مرة أخرى إلى الحرب الأهلية (1975-1990) التي قتلت وأصابت مئات الآلاف ودمرت البنية التحتية والاقتصاد وأجبرت اللبنانيين على إعادة التفكير في نظامهم السياسي.

ولم تتمكن الانتفاضة الشعبية التي انطلقت منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، من الضغط لمعالجة هذه الأزمات، أو تحقيق مطالبها وأولها رحيل المنظومة الحاكمة.