الصومال.. هل تضع الانتخابات حدا للاضطرابات السياسية المتواصلة؟

الخميس 6 مايو 2021 05:27 ص

سيؤدي قرار الرئيس الصومالي "محمد عبدالله فرماجو" بالتراجع عن تمديد فترته الرئاسية إلى نزع فتيل الأزمة الأمنية المشتعلة في مقديشو، لكن الأزمة السياسية لن تنتهي. وستؤدي الاضطرابات السياسية المتواصلة إلى عرقلة الإصلاحات الأمنية والاقتصادية اللازمة لتحقيق الاستقرار في البلاد.

وقام الرئيس الصومالي والبرلمان في 1 مايو/أيار، بإلغاء القانون المثير للجدل الذي كان من شأنه أن يمدد ولاية الرئيس لعامين بعد أن أثارت الاشتباكات في مقديشو المخاوف بشأن عودة الصومال للعنف القبليّ.

وأحيا القرار اتفاقا توصل إليه القادة الصوماليون في سبتمبر/أيلول بشأن كيفية عقد الانتخابات الرئاسية المتأخرة في البلاد.

إحياء اتفاق الانتخابات

وخلال الأيام الماضية، دعا رئيس الوزراء الصومالي "محمد حسين روبلي" قادة الولايات الفيدرالية الخمسة في الصومال للاشتراك في جولة أخرى من المحادثات التي تبدأ في 20 مايو/أيار لتنظيم الانتخابات، على أمل التغلب على أشهر من الجمود بشأن كيفية إجراء التصويت.

ويقتضي النظام السياسي الصومالي الذي يحظى فيه رؤساء دول الولايات الفيدرالية بحكم شبه ذاتي، ضرورة إجراء مفاوضات بينهم وبين الحكومة الفيدرالية لعقد الانتخابات.

ورحبت المعارضة بالعودة إلى اتفاقية 17 سبتمبر/أيلول الماضي التي توصلت إليها الحكومة الفيدرالية وقادة الولايات الخمسة والتي تعتمد نظام انتخابي معقد قائم على الاقتراع غير المباشر، ينتخب وفقه مندوبون خاصون (يختارهم زعماء العشائر) البرلمانيين الذين ينتخبون بعد ذلك الرئيس.

ولم تجر انتخابات منذ انتهاء ولاية "فرماجو" في 8 فبراير/شباط، بسبب خلافات بين القادة الصوماليين حول كيفية تنفيذ نموذج التصويت غير المباشر، بالإضافة للنزاعات السياسية الأخرى.

ومرر مجلس النواب في 12 أبريل/نيسان القانون المثير للجدل الذي يمدد فترة "فرماجو"؛ مما همش اتفاقية 17 سبتمبر/أيلول، مانحًا الحكومة الفيدرالية عامين آخرين لتنظيم انتخابات.

وأشعل قرار التمديد العنف في مقديشو وأسفر عن دعوات من الجهات الفاعلة الدولية وحلفاء "فرماجو" المحليين للتراجع عن القرار، واندلع القتال بين مؤيدي "فرماجو" وخصومهم في مقديشو في 25 أبريل/نيسان.

وفي حين دعم بعض أعضاء القوات المسلحة الصومالية وقوات الأمن الأخرى الحكومة الفيدرالية، فإن الآخرين انحازوا للمعارضة. وأثار ذلك المخاوف الدولية من أن حدوث انقسامات في صفوف قوات الأمن الصومالية على أساس عشائري مما يقوض القتال ضد حركة "الشباب".

ودعت الولايات المتحدة إلى التراجع عن التمديد وهددت بفرض عقوبات، كما أصدر رؤساء الولايات الفيدرالية الصومالية هيرشابيل وجالمودوج -اللتان كانتا تدعمان "فرماجو"- بيانا مشتركا معارضًا للتمديد.

استمرار المشاكل الكامنة

ومع إن محادثات الانتخابات ستنزع فتيل الأزمة الأمنية في مقديشو على المدى القصير، إلا أن العديد من المشاكل الكامنة التي منعت تنفيذ اتفاق 17 سبتمبر/أيلول ما تزال بدون حل.

فقد أدت قرارات "فرماجو" إلى تعزيز التصور لدى زعماء المعارضة بأنه متعطش للسلطة، ولا نية لديه لترك منصبه، كما اتهموه بأنه يقوم بعمل ترتيبات لمصلحته قبل الانتخابات الرئاسية التالية من خلال تعيين حلفائه في المناصب البيروقراطية المشرفة على العملية الانتخابية.

كما رفض رئيس ولاية جوبالاند "أحمد مادوب"، وهو من أشد منتقدي "فرماجو"، دعم الانتخابات ما لم تغادر القوات الفيدرالية منطقة "جيدو" في جوبالاند، وهو ما رفض "فرماجو" القيام به.

وبالتالي قد تتسبب مطالبات "مادوب" في حدوث خلاف مجددا، حيث يرفض القوميون المتشددون المؤيدون لـ"فرماجو" هذه المطالبات بالنظر إلى اهتمام "مادوب" بالحفاظ على النفوذ الكبير نسبيًا للولايات الفيدرالية على القضايا المحلية. ولكن بدون دعم "مادوب"، لا يمكن إجراء الانتخابات في جوبالاند.

وفي فبراير/شباط، سحب "مادوب" اعترافه بـ"فرماجو" كرئيس، وقال وزير الإعلام في جوبالاند مؤخرا إن الولاية لن تحضر محادثات الانتخابات الجديدة حتى يتم نقل قضايا الأمن القومي (وبالتالي قرار نشر القوات المسلحة الصومالية في جيدو) من يد "فرماجو" إلى رئيس الوزراء "روبلي".

ويعزز دعم كينيا لـ"مادوب" -مدفوعا برؤيتها لأهمية إقامة منطقة عازلة بين كينيا وحركة "الشباب"- موقفه التفاوضي مع مقديشو.

اضطرابات كاشفة للهشاشة

وستؤخر الأزمة السياسية المتواصلة في الصومال من الإصلاحات الأمنية وتعيق جهود "مكافحة الإرهاب". ففي عام 2017، توصلت الجهات الصومالية الفاعلة إلى اتفاق مع المجتمع الدولي لبناء جيش وطني صومالي أكثر وحدة وتماسكا بحيث يمكنه في النهاية أن يحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي للصومال التي مضى عليها 14 عاما، في مهمة "حفظ السلام" في البلاد.

وحاولت حكومة "فرماجو" منذ ذلك الحين الدفع بإصلاحات في قطاع الأمن لتنفيذ الخطة، والتي تشمل دمج بعض قوات ولايات الصومال المتمتعة بالحكم شبه الذاتي مع قوات الحكومة الوطنية. لكن الاضطرابات التي أثارها قرار التمديد الأخير أظهرت مدى هشاشة هذه العملية، بالنظر إلى أن بعض القوات المسلحة الفيدرالية تدخلت نيابة عن قادة المعارضة.

كما أبرزت الأزمة الحالية حاجة الفصائل السياسية الصومالية للحفاظ على ولاء قوات الأمن في حال الحاجة إلى تسوية النزاعات السياسية في البلاد.

ويمكن أن تهدد الأزمة السياسية أيضا الاستقرار المالي  للصومال من خلال تقويض محاولات الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية من أجل تخفيفات لعبء الديون.

فقد أعلن صندوق النقد الدولي في مارس/آذار 2020 بعد سنوات من المفاوضات، أن الصومال اتخذت كل الخطوات اللازمة لبدء عملية تستهدف تخفيف عبء الديون بموجب مبادرة "البلدان الفقيرة المثقلة بالديون"، كما وافق صندوق النقد الدولي على حزمة تمويل مدتها 3 سنوات للمساعدة في دعم خطط الإصلاح الاقتصادي للصومال.

لكن الانتهاء من العملية التي تتطلبها المبادرة يستغرق 3 سنوات، كما تتطلب حزمة التمويل من الحكومة الصومالية تنفيذ المزيد من الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما يمكن أن يتعطل بسبب استمرار الأزمة السياسية.

كما كانت الحكومة الصومالية بصدد عملية إطلاق لقطاع النفط والغاز في البلاد وكانت تأمل أن تعلن عن العطاءات الفائزة في أول جولة ترخيص في أوائل عام 2021. ومع ذلك، يبدو أن عملية تقديم العطاءات قد تباطأت وسط الاضطرابات المتعلقة بالانتخابات؛ حيث لم تصدر تحديثات لاحقة بشأن الموضوع منذ فبراير/شباط.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصومال انتخابات فرماجو حركة الشباب

بعد إلغاء التمديد لفرماجو.. رئيس وزراء الصومال يدعو الجيش للعودة إلى ثكناته

رسميا.. الرئيس الصومالي يتنازل عن تمديد ولايته ويكلف بإجراء الانتخابات

بعد اتفاق.. جنود مناهضون لرئيس الصومال يبدأون العودة إلى ثكناتهم

وزير الخارجية الصومالي يعلن التوصل لاتفاق مع الولايات حول الانتخابات

بعد "فشل الرجال".. فوزية حاج آدم أول صومالية تعلن خوض انتخابات الرئاسة