لماذا تحتاج إيران إلى قطر لتأمين دور في مستقبل أفغانستان؟

الثلاثاء 18 مايو 2021 06:34 م

تسعى إيران إلى استخدام الدبلوماسية لخلق مكان لها في مستقبل أفغانستان، لذلك تحاول كسب الدوحة إلى جانبها، باعتبار أن جهود تأمين موطئ قدم في أفغانستان ستكون أصعب بدون دعم قطر.

وبعد مرور عام على توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، لا تزال آفاق السلام في أفغانستان غير واضحة. وفي غضون ذلك، فإن توافق المصالح الإيرانية مع الصفقة يبدو غير واضح، مع الأخذ في الاعتبار أن إيران وأفغانستان يتشاركان حدود طويلة تبلغ 936 كيلومترًا، كما أن هناك العديد من الجماعات الدينية والعرقية التي تجمعها قواسم ثقافية مشتركة بين الجانبين.

وفي فبراير/شباط 2020، استضافت الدوحة مراسم توقيع اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان، ودعت الاتفاقية طالبان لتحمل المسؤولية من خلال "نبذ الإرهاب" مقابل انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. وقد رحبت السفارة الإيرانية في كابول باختتام المحادثات الأفغانية في الدوحة في سبتمبر/أيلول 2020، وعقدت السفارة الإيرانية في الدوحة اجتماعات مع طالبان.

وبالرغم من رغبة إيران في خروج القوات الأجنبية من المنطقة، لكنها لا تزال تشعر بالقلق من تداعيات الانسحاب الأمريكي السريع من أفغانستان، حيث تشير تقارير المخابرات الأمريكية إلى أن طالبان يمكن أن تسيطر على أفغانستان إذا حدث الانسحاب بشكل سريع. وبالمثل، تعتقد إيران أنه لا توجد قوى أفغانية معتدلة بديلة لتحل محل الدور العسكري الأمريكي.

ويفسر ذلك سبب سعي إيران إلى ضمان وجود حكومة مركزية قوية في كابول، من خلال المساعدة في حل بعض مشاكل تقاسم السلطة بين الرئيس "أشرف غني" ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية "عبدالله عبدالله". وبالنظر إلى أن نتيجة محادثات السلام قد مكنت طالبان، فقد تلقت إيران الضوء الأخضر من الحكومة المركزية الأفغانية لفتح محادثات مع طالبان من خلال سفارتها في كابول.

وعندما أجرى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني "علي شمخاني" اتصالات مع طالبان وسافر إلى كابول في يناير/كانون الثاني الماضي، شددت طهران على أن هذا التواصل يعني فقط أنها تريد اتفاقًا بين الحكومة المركزية الأفغانية وطالبان لتقليل تدخل الجهات الأجنبية المنافسة، فيما أكدت في الوقت نفسه على أن خطة طالبان لإحياء "الخلافة الإسلامية" ليست عملية.

وتسعى طهران إلى تأمين دور للأقليات العرقية والدينية التي تدعمها في مستقبل أفغانستان. في الواقع، تحتفظ إيران بنفوذ كبير على طائفة الهزارة الشيعية في أفغانستان، كما أن لها اتصالات مع أمراء الحرب الأفغان السابقين من مجموعات عرقية مختلفة. وإذا فشلت محاولات إيران لدمج الأقليات الموالية لها في مستقبل أفغانستان، فقد تلجأ إلى خيارات غير دبلوماسية من أجل ضمان موطئ قدم لها في البلاد.

وقد أنشأت إيران لواء "فاطميون" الأفغاني للقتال في سوريا، ومن المحتمل أن تستخدم طهران اللواء لتأمين دور في مستقبل أفغانستان. وبحسب ما ورد زار وفد من فيلق القدس الإيراني مقاطعة باميان في أفغانستان لبناء شبكات مع الشيعة المحليين في وقت مبكر من عام 2018.

ومنذ ذلك الحين، حضر المبعوث الإيراني الخاص الجديد لأفغانستان، "محمد إبراهيم طاهريان"، اجتماعات في كابول لمعالجة مخاوف طهران من تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي انتقل من سوريا إلى أفغانستان. وبينما يعيد تنظيم "الدولة الإسلامية في ولاية خراسان" تنظيم صفوفه للمطالبة بالمنطقة الواقعة على طول الحدود الأفغانية مع إيران، فإن طهران تحاول تنمية التجارة عبر الحدود من خلال اتفاقية شاملة لتعزيز مصالحها الثنائية مع كابول.

لكن إذا أرادت إيران أن تحرز تقدماً حقيقياً كوسيط في الصراعات الدائرة في أفغانستان، فإنها بحاجة إلى حل توتراتها مع واشنطن بشأن الملف النووي الإيراني الذي أبقى طهران حتى الآن على هامش المحادثات الأفغانية.

وهنا تكمن مشكلة طهران حيث يرى المتشددون في إيران أن أي تساهل تجاه الولايات المتحدة سيكون علامة على الضعف لذلك يرفضون العمل مع واشنطن. وهذا هو السبب الذي يجعل طهران بحاجة إلى الدوحة إلى جانبها في بعض الأحيان للتنقل في آفاق أفغانستان المستقبلية.

ففي محادثات هاتفية مع نظيره القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" في 25 أبريل/نيسان، عرض وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" وجهات نظره حول اتفاقات سياسية يمكن أن تؤدي إلى حكومة أفغانية شاملة. وسافر "ظريف" إلى قطر في اليوم التالي، لتأكيد أهمية العلاقات بين الدوحة وطهران ومناقشة سبل الحد من التوترات الإقليمية.

ومع ذلك، تشعر طهران بالقلق من أن المحادثات الأفغانية المبنية على اتفاق الدوحة تسير ببطء. ونتيجة لذلك، تجري إيران محادثات متكررة مع جيران أفغانستان، بما في ذلك طاجيكستان التي أبرمت معها مؤخرًا اتفاقية أمنية لمكافحة الإرهاب. وأثناء حضوره المؤتمر الوزاري لمجموعة "قلب آسيا-عملية إسطنبول" التاسع الذي عقد في دوشانبي في 30 مارس/آذار، نقل "ظريف" رسالة إيران بأن الأقليات العرقية التي تدعمها يجب أن تُدرج في عملية السلام الأفغانية.

وترى إيران أيضًا أن باكستان لاعب آخر مهم في أفغانستان. وقد زار وزير الخارجية الباكستاني "شاه محمود قريشي" طهران في أواخر أبريل/نيسان لتعميق الاتفاقات الحدودية والعلاقات الثنائية. بعبارة أخرى، تحتاج إيران إلى مساعدة باكستان وقطر مجتمعة إذا أرادت التعامل مع السعودية والإمارات لتأمين السلام في أفغانستان.

ولكن نظرًا للتوترات المتكررة بين إيران من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى، ينصح بعض الخبراء الإيرانيين طهران بدلاً من ذلك ببناء تحالف من القوات الأفغانية يتلقى دعمًا من روسيا والهند وإيران. ويرى هؤلاء أن هذا التحالف يمكن أن يحافظ على الاستقرار داخل صيغة حكم تمهد لاتحاد فيدرالي في أفغانستان مستقبلا.

إن آفاق السلام المعقدة والمتغيرة في أفغانستان، ودبلوماسية إيران المتقلبة بشأن هذه القضية، تعني أن طهران ستواصل الاعتماد على الدوحة، لكن إيران تدرك أنه يمكن تهميشها نظرا لعلاقات قطر الأكثر أهمية مع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين الآخرين في أفغانستان.

في مارس/آذار، أجرت قطر وتركيا وروسيا محادثات حول سوريا دون مشاركة إيران. وكانت إيران قلقة بنفس القدر بشأن مؤتمر موسكو لدفع المحادثات الأفغانية، والذي عقد أيضًا في مارس/آذار. ورأى النقاد في إيران في هذه الاجتماعات علامة على أن روسيا وقطر قد تتجاهلان طهران.

ووفقًا لـ"عبدالله عبدالله"، فإن محادثات السلام الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة والمقرر إجراؤها في تركيا بعد شهر رمضان، والتي ستنضم إليها قطر، يمكن أن تزيد من احتمالات إبرام الصفقة النهائية. في هذه الحالة، يمكن أن تقترب أفغانستان من تركيا وقطر بدلاً من إيران.

وإذا اتخذت إيران موقفا سلبيا من الاتفاقية، فمن المحتمل أن تلجأ للتعامل مع الجهات الفاعلة شبه الحكومية وغير الحكومية في أفغانستان، والتي يمكن أن يكون بعضها مسلحًا. وبالرغم أن طهران تعتقد أن الصراع الأفغاني لا يمكن حله عسكريًا، فإنها ترفض أيضًا أي مستقبل لأفغانستان لا تكون الجماعات التي تدعمها ممثلة فيه بشكل غير كاف.

ولكن هذه المواقف لن تكون كافية لضمان موقف تفاوضي قوي لإيران في مستقبل أفغانستان، فقد أبرمت طالبان اتفاقا مع الولايات المتحدة يتضمن بنودًا سرية من شأنها أن تقيد النفوذ الإيراني في أفغانستان.

المصدر | بانفشة كينوش/ انسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الأفغانية محادثات الدوحة طالبان عبدالله عبدالله جواد ظريف لواء فاطميون

إيران: أكدنا لأمير قطر أن منطقة الخليج أحوج ما تكون للحوار

مستفيدا من طالبان.. الحرس الثوري الإيراني يواجه نفوذ باكستان في أفغانستان

مسؤول قطري يناقش مع مبعوث أمريكي عملية السلام في أفغانستان

انطلاق جلسة حوار بين الحكومة الأفغانية وطالبان في إيران