فوز الأسد وهزيمة الإنسانية!

الخميس 27 مايو 2021 07:08 ص

فوز الأسد وهزيمة الإنسانية!

بات الأسد أنموذجا للطغاة ومنهم إسرائيل التي تحلم نخبها العنصرية بعمليات تهجير جماعي للفلسطينيين وباستخدام ترسانتها الحربية لاقتلاعهم.

لماذا بعد كل الدمار لا يتحدث بشار عن "انتخابات حرة" ويزور مناطق أباد أهلها رغم تحوّله لقائمقام قوتي احتلال كبيرتين: روسيا وإيران؟

بزيارة دوما المنكوبة يستعيد بشار مشهدا مرعبا يسخر من مواطنين ورثهم عن أبيه منذ 2000 ويسخر من عالم تأمل السوريون أن يوقف المذبحة المستمرة.

فوز الأسد المعلوم مسبقا هزيمة للسوريين الذين حلموا بنظام آخر لا يعاملهم كرهائن ومشاريع خطف وقتل وتعذيب والعالم الذي عجز عن إيقاف المجازر.

*     *     *

اختار رئيس النظام السوري بشار الأسد منطقة دوما، التي كانت وحداته العسكرية قد نفّذت ضد سكانها غارة بسلاح الإبادة الجماعية في 21 آب/أغسطس 2013، فسقط ضحيتها المئات إثر استنشاقهم غازات سامة ناتجة عن هجوم بغاز الأعصاب.

وقد تم توقيت الهجوم حينها بعد وصول بعثة المفتشين الدوليين إلى دمشق بثلاثة أيام، وقد استخدم النظام حينها روايات متناقضة، منها اتهامه المعارضة بتزوير صور ضحايا الهجوم، ثم بأنها هي المسؤولة عن الهجوم.

لكنّ النظام اضطر بعدها، لابتلاع رواياته المتناقضة، والتفاوض مع المنظومة الدولية على نزع ترسانته الكيميائية لوقف هجوم غربي عليه.

باختياره تلك المنطقة المنكوب أهلها، لإعادة فرض «الدرس» على السوريين والعالم، يستعيد بشار عمليا المشهد المرعب الذي يسخر من مواطنيه الذين ورثهم عن أبيه الراحل حافظ الأسد منذ عام 2000، ويسخر أيضا من العالم الذي أمل السوريون أن يوقف المذبحة الجارية المستمرة ضدهم.

تكشف تصريحات الأسد التي أطلقها من دوما خلال عملية «الانتخاب» جوهر ذلك الحدث، بدءا من قوله إن الانتخابات في دوما «تأكيد على أن سوريا ليست منطقة ضد منطقة أو طائفة ضد طائفة» وهو قول لا يصعب على السوريين (وحتى على العالم) فهم معناه المضمر، فالغارات الكيميائية لم تستهدف «الإرهابيين» كما وصفهم، بل المدنيين الذين يويدونهم والذين وصل عدد ضحاياهم إلى 1466، وشملت أعدادا كبيرة من الأطفال والنساء.

كان مدهشا، حينها، أن مستشارة الأسد، بثينة شعبان، ابتدعت فكرة لسرقة مظلومية الضحايا أولئك حتى، بادعائها أن الأطفال الذين قتلوا في تلك الحادثة خطفوا من مناطق مؤيدة للنظام (أي مناطق الحاضنة العلوية)!

وبذلك لم يكتف النظام السوري بقتل الضحايا فحسب بل أراد أيضا سرقة جثامينهم، وتحويل التعاطف العالمي معهم إلى «حاضنة النظام» ومؤيديه، في إشارة إلى أن الشخصيات القيادية في ذلك النظام كانت تفكر فعلا بعقلية «منطقة ضد منطقة وطائفة ضد طائفة».

التصريح الرمزيّ الثاني للأسد من دوما توجّه إلى المنظومة الدولية التي اعتبرت انتخاباته غير شرعيّة وشككت في نزاهتها فرد على ذلك بالقول إن «قيمة آرائكم صفر، وقيمتكم عشرة أصفار» وهو تصريح إباديّ بمعنى ما!

فاعتبار المنظومة الدولية صفرا، يحيل إلى عقلية الإلغاء التام للآخرين، وهي إحدى الأفكار الرئيسية التي ترتكز عمليات الإبادة الجماعية لشعب أو قومية أو دين.

التصريح يسخر أيضا من فاعلية تلك المنظومة العالمية التي لم تتمكن من إزاحته عن كرسيّه، من ناحية، أو من إنقاذ ضحاياه الذين وصل تعدادهم إلى مئات الآلاف من القتلى والملايين من المهجرين واللاجئين والنازحين، ولماذا بعد كل ذلك لا يتحدث عن «انتخابات حرة» ويزور المناطق التي أباد أهلها، رغم أنه تحوّل إلى قائمقام لقوتي احتلال كبيرتين: روسيا وإيران؟

فوز الأسد المعلوم مسبقا، بهذه المعاني، هزيمة ليس للسوريين فحسب، من الذين حلموا بنظام آخر لا يعاملهم كرهائن وسجناء ومشاريع خطف وقتل وتعذيب، بل للعالم أيضا، الذي عجز عن إيقاف المجازر على مدى عشر سنوات، وهو ما جعل الأسد أنموذجا للطغاة، بمن فيهم إسرائيل، التي تحلم نخبها العنصرية المتطرفة بتنفيذ عمليات التهجير الجماعي ضد الفلسطينيين، وباستخدام ترسانتها الحربية لاقتلاعهم.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

بشار الأسد، سوريا، روسيا، إيران، دوما، غاز الأعصاب، الانتخاب،

بـ95%.. إعادة انتخاب بشار الأسد رئيسا للنظام في سوريا

الأسد: ما شهدته سوريا ثورة ثيران وإعادة انتخابي هي الثورة الحقيقية

ف. بوليسي: الإمارات ومصر تدعمان الأسد لهذه الأسباب